كتاب عربي 21

تعويم الجنيه.. ضربات ما قبل التقسيم

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
اليهود سيعودون إلى مصر في 2013 والمصريون سيتوسلون إليهم أن يحكموهم بعد أن تفلس مصر.

هذا ما قالته السفيرة الأمريكية في بدايات عام 2013. 

ومع هذا شاهدنا من رقصن أمام اللجان ومن طالبت عسكري الانقلاب بأن يغمز بعينه. 

إن من بنى مصر وطرز حدودها منذ مئتي عام، وفصلها عن الإسلام وعزلها في فقاعة زمنية وسلط أشعة التخدير الإعلامي على عقول شعبها، كان يعد لهذه اللحظات منذ قرنين. 

منذ عدة أيام كتب أحدهم غاضبا وقد جُرِحت كرامته الوطنية مما ترويه آيات عرابي عن مهزلة أكتوبر، وكيف أخرجها وخططها كيسنجر وديان ونفذها صبيهما السادات. 

ومن قبله كتب أحدهم منتقدا ما أقوله (وهو مدعوم بأدلة موثقة بل وباعترافات جنرالات مهزلة أكتوبر، ومحاضر اجتماعات رسمية وشهادات سفراء الاتحاد السوفييتي، وخبراء اقتصاديين عالميين ووزير البترول السعودي بل وكيسنجر نفسه)، كتب ذلك المسكين منتقدا ما أرويه عن مهزلة أكتوبر وكيف كانت حربا دبرها أطرافها وزجوا فيها بشباب مصر، ليستشهدوا وتترمل زوجاتهم وتثكلهم أمهاتهم، فقط لحماية الكيان الصهيوني، كتب ذلك المسكين يقول: إنني ألطخ التاريخ وألوث النقاط المضيئة إلى آخر هذه المرثيات، التي تعود إلقاءها من عاشت عقولهم على روايات إعلام العسكر. 

كيف بهذين لو علما أن الجولان نفسها سُلمت للعدو الصهيوني دون قتال ؟ 

كيف بهذين لو فقط وجدا ساعة أو ساعتين لقراءة ما كتبه ضابط المخابرات السوري خليل مصطفى المسؤول عن الجولان، عن مخطط تسليم الجولان؟
 
وكيف أعلن المقبور حافظ الأسد (وزير الدفاع السوري وقتها) عن سقوط القنيطرة، قبل أن تلمس أرضها أحذية جنود العدو. 

وكانت تحصينات الجولان مجهزة لتحمل هجوم بقنبلة ذرية كتلك التي ألقيت على هيروشيما، وكيف تسلمها العدو دون قتال وكيف انسحب قادة الجولان وتم تدمير القوات المنسحبة على الأرض، ثم تبجح العدو بعد ذلك بانتصار منخفض التكلفة حصل عليه بالخيانة دونما حرب حقيقية.

وكما جرى تسليم الجولان للعدو الصهيوني، جرى تسليمه سيناء وغزة ودرة مدن العالم، القدس بسيناريوهات مشابهة، ثم جرت عملية تخدير واستئصال مراكز التفكير لدى الشعوب ليبقى هؤلاء الخونة على مقاعد الحكم. 

قبل هزيمة 67 نشر موشيه ديان خطة الحرب في إحدى الدوريات الأوروبية، وحين سألوه كيف خاطرت بنشر خطة الحرب؟ رد قائلا: (العرب لا يقرؤون)!! 

ربما كانت هذه كارثتنا الكبرى؛ نحن لا نقرأ وبعضنا إذا قرأ لا يعقل، وإذا عقل ما قرأ تولى بعضهم وهم معرضون. 

نقول منذ الانقلاب إننا نعيش في مستعمرات مصنوعة، في مزارع أقامها لنا الأخ الأكبر، في ماتريكس بناها لنا العدو, فيرد علينا البعض قائلين: 

أنتم تضيعون تاريخنا!!

يا هذا، العدو يسلب أرضك وتاريخك ومالك، ثم يعطيك عرضا سينمائيا لتصفق له وتدمع عيناك من الإنفعال. 

يا هذا، العدو يقتلك بخنجرك، يحاربك بالوكالة. 

حسنا 

ما علاقة كل هذا بقرار الانقلاب بتعويم الجنيه؟ 

تعويم الجنيه أيها الكاتب الحكيم، أيها الصحفي النابه، أيها المحلل السياسي العميق، أيها الناشط السياسي هو الحلقة قبل الأخيرة من الحرب التي شنها علينا العدو. 

حرب التقسيم التي تتم بضربات معول لا تراها، ربما تشعر بها في قرارات اقتصادية، ولكنك لا تفهم مغزاها ولا ترى موقعها من تخطيط التقسيم وإلى ماذا تؤدي.

تريد أن تفهم قرار تعويم الجنيه؟ 

عد بالزمن إلى عهد الخديوي عباس، حين أغرق مصر بالديون وانتهى الأمر بتعيين مندوبين عن إنجلترا وفرنسا لإدارة ديونهما في مصر، بعد أن اشترى روتشيلد قناة السويس لحساب الحكومة البريطانية. 

وانتهى الأمر بقوات بريطانيا على أرض مصر. 

ليست أكبر كوارث هذا القرار هي كسر الدولار لحاجز العشرين جنيها. 

قرار تعويم الجنيه يعني بالتبعية إطلاق رصاصة كبيرة على رؤوس ملايين المصريين في لحظة واحدة. إلقاء ملايين الأسر في البحر بضغطة زر. 

تقويض البنية الاجتماعية في مصر وشطب ملايين من سجل الطبقة المتوسطة في لحظة. 

الجهات التي تقف خلف القرار لا تعبث ولا تمزح، وعواقب القرار محسوبة من البداية ومقصودة. 

تدمير البنية الاجتماعية وإثقال ملايين المصريين بالفقر، يعني ألا تستطيع مصر رفع رأسها بل ولا حتى إصبعها في وجه الغزو الصهيوني القادم في سيناء. 

تحييد الملايين وإفقارهم بقرار تعويم الجنيه، مجتمعا مع المجاعة التي سيشعلها التشغيل الكامل لسد النهضة، سيعني ببساطة ألا يستطيع المصريون الوقوف في وجه أي تخطيط انفصالي يهدف لإقامة الدويلة القبطية. 

ما يحدث ببساطة هو أن مهندسي سايكس بيكو يهدمونها فوق رؤوس السكان الذين لا حول لهم ولا قوة، ويقيمون أكشاكا جديدة أصغر حجما على أنقاضها، ليتوسع الكيان الصهيوني، ليحكم المنطقة كما بشر بذلك عسكري الانقلاب حين قال لممثلي المنظمات الصهيونية الأمريكية، إن نتن ياهو يصلح لحكم العالم، وليس المنطقة فحسب. 

بل إن السفيرة الأمريكية تحدثت عن صهيونية الانقلاب وعن عودة اليهود إلى مصر في 2013 بعد أن تفلس، وسوف تحكمهم “إسرائيل". 

هذه المخططات بتفاصيلها، متاحة للجميع، منذ زمن ولكننا لا نقرأ.
9
التعليقات (9)
المصرى أفندى
السبت، 05-11-2016 10:17 م
نحن الآن فى 2016 لماذ لم تحتلنا إسرائيل ولماذا لم نتوسل لليهود ؟ وهل من الذكاء الإستشهاد بكلام لم يتحقق ؟
طارق الصالح
السبت، 05-11-2016 09:59 م
ما يقوم به النظام العسكري هو تدمير شامل لما تبقى من مصر فالحل الوحيد هو التنحي التام للجيش عن السياسة والاقتصاد وتطهير الجيش تماما بعد عودته الى الثكنات من المرنزقة والجواسيس والجهلة . واما التعويم وقرض صندوق النقد فسيعجلان بالانهيار الاقتصادي بغيدا عن الحلول البديهية مثل القضاء على الفساد وتحصيل الضرائب واستعادة الاموال المنهوبة والرفع الكامل للدعم مع ضمان حد ادنى لدخل كل مواطن واعادة بناء الاقتصاد الوطني من اساسه مع التركيز على التعليم والصحة والتدريب واعادة التاهيل في جميع المرافق
رد على واحد من الناس
السبت، 05-11-2016 02:02 م
الى "واحد من الناس": إذًا ، لماذا الضجة على تعويم الجنيه إذا كانت المشاكل لا تكمن في الجنيه في حد ذاته! .... لكن الاقتراحات التي طرحت هي سبب من أسباب المشاكل الاقتصادية، لماذا المسلمون لا يَرَوْن الحلول الا في الاستثمار الأجنبي؟؟؟ ما هاته السلبية؟؟ ..... و إليكم اهم أسباب الأزمات المالية و الاقتصادية في مصر و غيرها من بلاد المسلمين: - القروض الربوية بصفة عامة - الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي و البنك الدولي لمنح القروض الربوية - ربط العملة بالدولار - عدم وجود سياسة اقتصاد محلية خالصة، بل كلها مخططات يقترحها الغرب و مؤسساته و مستشارين غربيين الخ - الاعتماد بصفة كبيرة على الاستيراد، فالواجب ان تُبدل مجهودات كبيرة لصناعة اكبر قسط مما يحتاجه البلد، صناعة و استثمار محلي، برأس مال و طاقة بشرية و عقول محلية. - قوة العملة النقدية مرتبطة بحجم و أهمية ما تقدمه الدولة من منتوحات و خدمات في السوق العالمية، .... فمن يقدم مثلا السياحة او الطماطم او البطاطس، فلا قيمة لعملته، لان بضاعته ليست ذات قيمة عالية، و يمكن الحصول عليها من اي بلد! لكن من يقدم مثلا قمر اصطناعي او جهاز كمبيوتر او طائرة الخ، فبضاعته ثمينة و الآخرون بحاجة ماسة اليها و بذلك تكون قيمة عملة الدولة المصنعة لهاته المنتوجات عالية! ...
جهاد العربي
السبت، 05-11-2016 12:41 م
حقا كلمات حضرتك بمثابة الرصاص الذي يسقط من السماءعلي العقول التي اجهدها القصف المركزعلي العقول منذ بداية مرحلة التغريب التي الفصل الاخيرفي
واحد من الناس ... للناقد ... الحل ليس في تعويم الجنيه يا محترم
السبت، 05-11-2016 07:48 ص
... الحل في الاستثمار الأجنبي و لكن برقابة مصرية.... فلا يعقل ان يأتي المستثمر لمصر طمعا في سوقها الضخم (90مليون نسمة) و لا يأتي الا بصناعات هزيلة و استهلاكية او ملوثة للبيئة لفظها الغرب.... الآلات و المواد الخام و مستلزمات الانتاج من الخارج بالدولار و العمالة ارخص ما يمكن و بالجنيه و التسويق على ودنه بالجنيه ثم بعد ذلك يريد ان يحول هذا المستثمر ارباحه للخارج بالدولار!!!!! فيه دولة اعبط من كدة!!!