كتاب عربي 21

معارضة انتقائية

شريف أيمن
1300x600
1300x600
بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 13 شباط/ فبراير 2011 وعلى الإعلان الدستوري الصادر في 30 آذار/ مارس 2011 وعلى الإعلان الدستوري الصادر في 11 آب/ أغسطس 2012.. فقد قررنا ما يلي:

المادة الأولى: تعاد التحقيقات والمحاكمات في جرائم القتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب التي ارتكبت ضد الثوار بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا في ظل النظام السابق، وذلك وفقا لقانون حماية الثورة، وغيره من القوانين.

المادة الثانية: الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أي جهة قضائية.

المادة الثالثة: يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، ويشترط فيه الشروط العامة لتولي القضاء، وألا يقل سنه عن 40 سنة ميلادية، ويسري هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري.

المادة الرابعة: تستبدل عبارة تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته 8 أشهر من تاريخ تشكيلها، بعبارة تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته 6 أشهر من تاريخ تشكيلها الواردة في المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 آذار/ مارس 2011.

المادة الخامسة: لا يجوز لأي جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.

ما سبق من نص الإعلان الدستوري الصادر في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الذي تعد الأحداث التي لحقته أحد أهم مراحل الارتداد عن ثورة 25 يناير، وآلت في نهاية هذه المراحل الأمور إلى صورتها الحالية من إغلاق المجال العام بشكل تام، واستبدال اختيار الصندوق بقرار السلاح.

تشكّلت جبهة الإنقاذ الوطني في مصر عقب هذا الإعلان الدستوري، وضمت في قيادتها البرادعي وصباحي وعمرو موسى، وأسماء أخرى لقيادات حزبية وسياسية في مصر، وكان إشكال هذه الكتلة الضخمة من الأحزاب والسياسيين ما أسموه عودة الاستبداد.

وكان هناك تخوف حقيقي من عودته نتيجة لبعض قرارات ذلك الإعلان، ولكن لما عاد الاستبداد فعلا وشاخصا للعيان بالإطاحة بأول رئيس مدني منتخب ذهب تخوّف تلك الأحزاب على ما يبدو فلم تعد تعارض أو تقاطع الانتخابات أو الاستفتاء على الدستور، بل تشارك وتدعوا للمشاركة والتصويت بنعم أيضا على دستور 2014 بما تحمله مواده من انتقاص للحريات، وبما أحاط إجراءات الاستفتاء عليه من قمع أمني ودموية في مواجهة المعارضين للسلطة.

عقب الثالث من تموز/ يوليو 2013 اختفت كل أوجه المعارضة من مصر، من كل قيادات جبهة الإنقاذ تقريبا، وربما كان الموقف الوحيد الذي اتخذه أحد قيادتها هو استقالة البرادعي، وهي استقالة لا تعفيه من المشاركة في لحظة الانقلاب ولا تعفيه من قبول المشاركة في إدارة الدولة القائمة على إهدار الإرادة الديمقراطية، رغم التحفظ الشديد على إدارة الرئيس الأسبق التي استحقت الاحتجاج على حكمه وربما الإطاحة به، لكن وفقا لآلية شعبية لا جبرية.

هذه المعارضة التي كانت تملؤ الشوارع صخبا، وتدعوا لاقتحام قصر الرئاسة باعتبار سقوط شرعية الرئيس وفقا لرؤيتهم، لم تعد تخرج حتى رأسها لمعارضة النظام القمعي الدموي في مصر، بل تقف داعمة له بزعم أن البلاد تمر بأزمة وحرب على الإرهاب، ولو كان النظام السابق هو الحاكم لقالوا إنه هو من أوصل البلاد للأزمة، وهو من صنع الإرهاب، لكن سيف المعز وأيضا ذهبه يكممان الأفواه.

هذه المعارضة هي التي قام بعضها من قبل برفض نتيجة الانتخابات الرئاسية في جولتها الأولى، ودعت لتشكيل مجلس رئاسي مدني لإدارة شؤون البلاد، وكأن الانتخابات التي كانت تجري لا قيمة لناخبيها ولا لإرادتهم ولا لحقوقهم.

وهي التي قام أحد قادتها بالمشاركة في انتخابات ما بعد الانقلاب، التي كانت تشبه الاستفتاء على السيسي ولكنه استفتاء احتاج لمحلَّل، وخرجت بعد ذلك هذه القيادات لتشارك في تنصيبه وتقبل نتيجة "العرس الديمقراطي".

وهي التي بدأت فعالياتها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 بمقاطعة دعوات الرئاسة للحوار الوطني، واليوم تلبي دعوات الحوار أو إن شئت الدقة دعوات التلقين والتكميم التي لا يسمح فيها بصوت معارض أو حتى مناقش، بل يأمر فيها السيسي بعدم فتح النقاش في موضوعات الوطن، والتفريط في أرضه.

هذه المعارضة هي التي خرج منها ليتحدث عن طريقة تشكيل البرلمان الحالي وصناعته في مباني المؤسسات الأمنية، ورضيت بعد ذلك على الدخول مع الدولة والتماهي معها، في ذلك البرلمان المشوه والهزلي، إرضاء للسلطة وتزلفا إليها حتى لا تغضب إن تركوا ما تلقيه إليهم على قارعة الطريق كأنهم متسولون لا منافسون.

قامت الثورة المصرية في 2011 بكشف المقربين للسلطة عندما قاموا بدعمها، لكن ما حدث عقب 3-7 أنه كشف كل من كان في قارب السلطة العسكرية في مقابل أقرانهم من المدنيين إذا كانوا إسلاميين، ولم تُبْق السلطة العسكرية داعمين لها إلا وزجت بهم في صراعها، لينكشف الجميع دون استثناء، حتى الإسلاميون الداعمون لها.

وفي الوقت ذاته همّش العسكر أدوار الجميع، وفتح أذرعه الإعلامية لتشويههم، فلم يعد لهم وزن في الشارع، لتبقى الساحة لهم وحدهم.

وهذا درس لأي معارضة انتقائية، تخاصم وفق خلاف على أساس فكري أو مصلحة حزبية، لا على أساس المبدأ، أو مصلحة الوطن.
التعليقات (0)