كتاب عربي 21

نحن وأمريكا والغرب: "حكاية فيصل" والتعلم من الأخطاء؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
يعتبر "قانون جاستا" الذي أقره الكونغرس الأمريكي مؤخرا، وهو يسمح بمقاضاة المملكة السعودية من قبل مواطنين أمريكيين تضرروا من أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، تطورا خطيرا في العلاقات السعودية – الأمريكية، مع أن مفعوله قد يصل إلى دول أخرى.

وقد اعتبرت بعض الأوساط السياسية والدبلوماسية في بيروت أن "قانون جاستا" سيكون له تداعيات كبيرة على الأوضاع في السعودية وفي كل المنطقة العربية والإسلامية لأنه قد يؤدي إلى تجميد الأموال السعودية والخليجية في البنوك الأمريكية، مما يعني زيادة الضغود على دول الخليج في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تعانيها هذه الدول إن بسبب تراجع أسعار النفط أو الحروب والصراعات المستمرة في المنطقة منذ عدة سنوات.

وتضيف هذه الأوساط أن هذا القانون يمكن أن يفتح الباب أمام تشكيل واقع سياسي جديد في المنطقة كما أنه يفتح الباب أمام تداعيات عديدة سياسية وجغرافية وقد تتعرض السعودية لمزيد من الضغوط في المرحلة المقبلة من قبل الإدارة الأمريكية بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الأمريكية.

وتذكّر المصادر بحجم الانتقادات التي وجهها الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما للسياسات السعودية في مقابلته الشهيرة مع مجلة أتلانتيك، وبموازة ذلك التصريحات التي يطلقها المرشح الرئاسي دونالد ترامب حول السياسات الأمريكية المستقبلية تجاه السعودية ودول الخليج، إضافة لاستمرار نشر الدراسات والأبحاث من قبل مؤسسات أمريكية وغربية ووسائل إعلام غربية عن الخطط الجديدة لتقسيم الشرق الأوسط إلى دول طائفية ومذهبية.

وإضافة إلى توتر العلاقات السعودية – الأمريكية، فإن العلاقات الأمريكية – الإيرانية ليست على ما يرام رغم توقيع الاتفاق حول الملف النووي بين إيران والدول الكبرى قبل حوالي السنة والنصف، فالوعود والاتفاقيات لم تطبق بشكل كامل ولا تزال إيران تتعرض لحصار مالي وسياسي، وقد تحدث مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنيء مرارا عن نقض الأمريكيين لوعودهم وضرورة الحذر من السياسات الأمريكية في المنطقة.

وأما على صعيد العلاقات التركية – الأمريكية فقد شهدت في الأشهر الأخيرة انتكاسات كبيرة بسبب تداعيات انقلاب 15 تموز (يوليو) الماضي واتهام المسؤولين الأتراك للإدارات الأمريكية بدعم الانقلاب والتغطية على المسؤولين عنه والاستمرار برفض أمريكا تسليم الداعية فتح الله غولن لتركيا لمحاكمته بسبب اتهامه من الحكومة التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.

كل هذه المعطيات تؤكد أن أي رهان عربي أو إسلامي على السياسات الدولية الغربية أو الشرقية أو الأمريكية ليس في محله، لأن هذه الدول تعمل لتحقيق مصالحها وهي تستفيد منا لذلك وتتخلى عن حلفائها عندما تحين اللحظة المناسبة، وهناك شواهد عديدة من التاريخ ومن الحاضر كلها تؤكد ذلك.

لكنني أتذكر اليوم كتاب "حكاية فيصل" وهو رواية تاريخية لسفير لبنان السابق في مصر الدكتور خالد زيادة (وهو يتولى اليوم إدارة المركز العربي لدراسات الأبحاث والسياسات في بيروت)، وهذا الكتاب يروي حكاية الأمير فيصل والعائلة الهاشمية مع بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى ونقض الوعود التي أعطيت لهم مقابل الحصول على تعاونهم مع الدولتين لمحاربة الدولة العثمانية.

و"حكاية فيصل" تتكرر اليوم أيضا مع كل الدول والقوى السياسية والحزبية العربية والإسلامية التي تراهن على أمريكا أو روسيا أو دول الغرب لإحداث التغيير أو لحماية المصالح، فكل هذه الدول لها حساباتها الخاصة وهي تعمل لتحقيق هذه المصالح ومستعدة للتضحية بأي حليف أو دولة أو جهة تقف بوجه مصالحها مهما كانت العلاقات الاستراتيجية أو السياسية التي تربط بينهما.

فهل نتعلم من التاريخ ومن "حكاية فيصل" ونعيد النظر بسياساتنا وتحالفاتنا ونوقف الحروب فيما بيننا قبل أن نستيقظ ونجد أنفسنا أمام وقائع جغرافية وسياسية واقتصادية جديدة لا يكون لنا فيها أي دور أو موقع.
1
التعليقات (1)
مُواكب
الأربعاء، 05-10-2016 11:39 م
" حُروب المنطقة " جُملة بدون مغزى أو معنى إذا قيلت كمن يُلق التحية على أعلام الجامعة العربية . الحرب السورية هي حرب إبادة مُمنهجة وتهجير ممنهج أيضا ضد شعب سورية المسلم السني، ليس في وسع هذا الشعب إنهاء هذه الحرب التي أُجبر على الدخول فيها، كما ليس بوسع الشعب الفلسطيني إنهاء حروب إسرائيل عليه. والجرح السوري هو أعمق بكثير من الجرح الفلسطيني. والعدو النصيري الشيعي الصفوي الروسي هو أخطر وأجرم بكثير من العدو الصهيوني. حروب المنطقة لن تنتهي بسهولة.