كتاب عربي 21

إذا أراد الله بأمريكا سوءًا فسيفوز ترامب

جعفر عباس
1300x600
1300x600
في أحيان كثيرة، تقدم الشعوب الغربية خدمة لا تُقدّر بثمن للحكام العرب المزمنين، الذين يقولون إن الديمقراطية بضاعة أجنبية فاسدة لا تناسب أسواقنا، (على ما في أسواقنا من سموم مستوردة)، أو أن الشعوب التي يحكمونها قاصرة وليست مهيأة للديمقراطية، ويضيفون: انظر حال إيطاليا التي تعرض فيها الحكام للإبدال والإحلال نحو ثمانين مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وصولا إلى تسليم مقاليد الحكم لذلك الأخرق النسوانجي ذي اللسان الفالت سيلفيو بيرلسكوني. 

ثم انظر الولايات المتحدة التي فاز بكرسي الرئاسة فيها لولايتين متتاليتين جورج دبليو بوش، الذي لا تجد وصفا له أبلغ من "خُرُنق"، وهي كلمة سمعناها من سرحان عبد البصير (عادل إمام) في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة"، ولو فاز بوش هذا بولاية واحدة لقلنا إن الشعب الأميركي ارتكب غلطة الشاطر، ولكن أن يفوز شخص مثله معصوم من الصواب، ويفتقر إلى كمال العقل بولاية ثانية، فدليل على أن غالبية الشعب الأميركي من ذوي الاحتياجات الذهنية الخاصة. 

وفي السادس والعشرين من يونيو/ حزيران المنصرم صوت أكثر من نصف سكان بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوربي، رغم أن شخصا مثل مستر بين Bean كان يدرك أن ذلك الخروج سيكون طامة على بريطانيا، وكما كشفت شركة غوغل فإنه وبعد إعلان نتائج الاستفتاء الذي صوتت فيه غالبية الناخبين البريطانيين لصالح مغادرة الاتحاد الأوربي، فإن أكثر التساؤلات التي وردت من البريطانيين عبر محرك البحث على الإنترنت هي: ما هو الاتحاد الأوربي؟ وكيف ستتأثر بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوربي؟ مما يعني أن البريطانيين لم يفكروا ويحددوا خياراتهم بشأن البقاء في الاتحاد الأوربي قبل الإدلاء بأصواتهم، والعجب العجاب هو أن أحد أبرز الداعين لـ"الخروج" يقود الآن حملة لإعادة الاستفتاء، بمنطق طارت السكرة وجاءت الفكرة. 

(حاور الصحفي البريطاني روبرت فيسك أسامة بن لادن مرتين: الأولى في عام 1993 والثانية في عام 1997، ونشر الحوارين في صحيفة إندبندنت البريطانية، وكان من أطرف ملاحظات فيسك عن بن لادن – وأترجمها هنا بأقصى دقة ممكنة – إن الرجل كان العربي الوحيد  الذي حاوره وكان يصمت لبضع دقائق بعد طرح السؤال عليه ثم يقدم الإجابة!! وبعبارة أخرى فقد اتهم فيسك جميع من حاورهم من القادة العرب بأنهم كانوا يجيبون على الأسئلة دون أن يفكروا في ما سيقولون). 

وفي الولايات  المتحدة فاز دونالد ترامب بأصوات جماهير الحزب الجمهوري ليصبح مرشح الحزب للرئاسة، مما يعني أن ملايين الناخبين سيصوتون لصالحه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وكما قلت في مقال لي هنا في "عربي 21" قبل شهرين أو ثلاثة، فإنني أتمنى فوز ترامب على منافسته هيلاري كلينتون، تلك المرأة البلاستيكية، لأن الولايات المتحدة ستصبح في حال فوز ترامب بالرئاسة دولة بلا صديق، فالرجل غير متحمس لحلف الأطلنطي، ويقول: ما فيها شيء أن تمتك إيران وكوريا الشمالية أسلحة نووية، وأنه من حق الرئيس الروسي بوتين أن يحتل جزءا من أوكرانيا أو زامبيا. 

أما ما قاله عن المسلمين وما يمكن أن يفعله بهم، فإنه سيرغم حتى حكامنا عبدة البيت الأبيض على النفور منه، لأنهم لو استقبلوه أو زاروه أو حتى ذكروه بالخير، فستنتشر الدعدشة وبائيا في العالم الإسلامي، فنحن شعوب مسيسة ونتابع ونرصد ما يحدث حولنا أو يُقال عنا، وصحيح أننا مسيسون ولكن "مُتيَّسون"، لأن الحاكم الراعي يعتبرنا "بهائم"، وقد نصبر على الإذلال "الداخلي" حينا طويلا جدا من الدهر، ولكن أن يسيء إلينا، أو أن يسيء الظن بنا علنا شخص ليس منا في شيء، فأمر لا نسكت عليه. 

(حكامنا لا يخلون من ذكاء، فما من رئيس أميركي خلال الخمسين سنة الماضية، إلا ولعنوا خاشه مرة واحدة على الأقل، وقالوا إنه من يشجع إسرائيل على التمادي في الطغيان والعدوان، و"حتما ستؤثر مواقفه سلبا على العلاقات بين البلدين"، وهذا كلام من باب إبراء الذمة، أو حسبان إبراء الذمة، ولا تتبعه خطوة حاسمة وقاصمة بسحب التريليونات المخزنة في البنوك الأمريكية ولو فعلوا ذلك لطلبت الولايات المتحدة عضوية الجامعة العربية). 

المهم: أعتقد أنه من مصلحة الجنس البشري أن يفوز ترامب بالرئاسة في الولايات  المتحدة، ليحيلها إلى دولة قزم منبوذة، فنرتاح من أذاها لعقود طويلة، قد تصبح خلالها الجامعة العربية في قوة حلف الأطلسي و... يضع سره في أضعف خلقه.
0
التعليقات (0)