صحافة إسرائيلية

خبير أمني إسرائيلي: كيف غيّرت هجمات 11 سبتمبر العالم؟

هجمات 11 سبتمبر
هجمات 11 سبتمبر
تناول مستشار الأمن الإسرائيلي، عوفر يسرائيلي، تأثير هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية على العالم، بحيث أصبح "أكثر خطرا، وأقل استقرارا"، وفق قوله.

وأوضح عوفر البروفسور الخبير في الأمن الدولي والشرق الأوسط، في مقال نشره في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الأحد، أن “أحداث 11 سبتمبر أدت إلى توسيع التوغل الأمريكي في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي ضعضع ميزان القوى الإقليمي وأدى إلى اندلاع الربيع العربي”. 

وأكد في مقاله تحت عنوان “عالم جديد”، أن محاولة أمريكا التدخل في الشرق الأوسط بالقوة بحجة نشر الديمقراطية الليبرالية في العالم العربي– الإسلامي، ليس فقط لم تنجح، بل يمكن الإشارة إليها بقدر كبير كأحد العوامل التي أدت في نهاية المطاف إلى اندثار هذه القيم في العالم الغربي نفسه.

وأوضح أن دول الغرب باتت تعيش في "شتاء غربي”، وهي الدول الغنية التي تعرف بأنها ديمقراطية وحرة في معظمها، وتتميز بحركة ليبرالية شاملة، ولكنها اليوم أصبحت تنزلق في اتجاه يميني فاشي، ويساري مناهض للعولمة. 

وقال إن الأزمة التي توجد فيها الديمقراطية الليبرالية الغربية تؤدي إلى زعزعة النظام القائم، إذ وجد تعبيره في صعود قوى اليمين والأحزاب الكارهة للأجانب في أوروبا، وفي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤخرا.

ولفت الخبير السياسي الإسرائيلي، إلى أن أحداث 11 سبتمبر أدت إلى تحطم التوقعات المتفائلة، التي كانت بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، فقد جرى التفاؤل حينها بأن العالم سيشهد ديمقراطية ليبرالية صدارة في أرجائه دون أن تقف أمام تحديات أيديولوجية أخرى.

إلا أن أحداث 11 سبتمبر حطمت التوقعات المتفائلة، وبدت نظرية "صدام الحضارات" المقابلة للبروفيسور الأمريكي في العلوم السياسية صموئيل هنتنغتون، التي تتبنى الفكرة المتشائمة للصراع بين الشعوب والحضارات، أكثر ملاءمة لتحليل الساحة العالمية.

ولفت إلى أن استخدام القوة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة لغرض فرض أنظمة ليبرالية ديمقراطية محافظة، جاء تأثيره سلبا.

وقال: “لقد كان لحربي أفغانستان والعراق أثران إقليميان هامان. الأول، أنهما أدتا إلى تدمير ميزان القوى في الخليج العربي، وصعود مكانة إيران، التي فازت بالغنيمة. فواشنطن هي التي ألغت التهديد الأيديولوجي الذي واجهه نظام آيات الله من الشرق من جانب طالبن في أفغانستان، ولاحقا، أزالت التهديد العسكري الذي كانت إيران تواجهه من الغرب من جانب نظام صدام حسين في العراق”. 

وهكذا، من خلال إلغاء أمريكا قوة خصميها لإيران دون كسب قوة عسكرية جديدة، تسلقت إيران إلى مكانة إقليمية قوية ومهددة. ونتيجة لذلك، تصعيد العداء التاريخي بين السُنة والشيعة، وفق قوله.

أوباما والربيع العربي

وجاء انتخاب أوباما للرئاسة في كانون الثاني/ يناير 2009، وبعدها "الربيع العربي" الذي اندلع بعد نحو سنة من ذلك، الذي عبر عن تطلع الكثير من سكان المنطقة إلى استبدال الأنظمة القمعية بمنظومات سلطوية أكثر انفتاحا وليبرالية.

وقال إن الانعطافة السياسية للرئيس أوباما وامتناعه عن التدخل العسكري في الشرق الأوسط أديا بقدر كبير إلى تدهور "الربيع العربي" إلى أزمة إقليمية شديدة، بدلا من أن تؤدي إلى التغيير المنشود "لانتشار الديمقراطية وحقوق الإنسان"، إلى نتائج سلبية عديدة. 

وأضاف أن هجر أوباما حليفه المصري الرئيس مبارك، أدخل مصر في فترة فوضى تضمنت ثورتين؛ وأدت أعمال الولايات المتحدة والغرب في ليبيا في نهاية المطاف إلى سقوط نظام القذافي وتفكك الدولة. 

وفي أعقاب الحرب في سوريا، تحولت الدولة إلى دولة فاشلة عديمة الحكم الناجع، حيث تنبش فيها قوى أكثر راديكالية مثل تنظيم الدولة، ومجموعات من الثوار المسلحين، ومقاتلي حزب الله إلى جانب قوى عظمى إقليمية وعالمية بما فيها تركيا، وإيران، والولايات المتحدة وبالأساس روسيا.

وتابع بأن الحرب في سوريا أدت إلى الأزمة الإنسانية الأشد في الزمن الحديث، التي أدت إلى موت نحو نصف مليون نسمة. وكانت سياسة "أقعد ولا تفعل شيئا" للرئيس أوباما، التي لم تتغير حتى بعد استخدام الأسد للسلاح الكيميائي، ساهمت كثيرا في موجة اللاجئين التي تجتاح الدول الأوروبية. 

تأثيرها على الساحة الدولية


ورأى بأن كل ما سبق، جاء بفعل تأثير هجمات 11 سبتمبر على العالم، مضيفا: “لاستكمال الصورة يجدر بنا التوقف عند تغييرين هامين آخرين في الساحة الدولية”.

أورد أن الأول هو “الصعود في أهمية اللاعبين غير الدول في الساحة الدولية: 

- مثل التنظيمات المسلحة، كتنظيم القاعدة الذي نفذ الهجمات في 11 سبتمبر بأثارها الكثيرة. وتنظيم الدولة الإسلامية، وصيغة الدولة العتيقة التي أقامها.

- كذلك الأفراد مثل جوليان أسانج، مؤسس موقع التسريبات ويكيليكس، الذي أدت المعلومات التي أطلقها إلى التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والكثير من أصدقائها. 

- وإدوارد سنودن، المسرب للمعلومات السرية عن برامج الملاحقة لوكالات الأمن الأمريكية، التي أثرت على السياقات في السياسة الخارجية الأمريكية، ومؤخرا أيضا في السياسة الامريكية نفسها.


أما التغيير الهام الآخر، بحسب عوفر، التغيير فهو “الانتقال من الإعلام التقليدي البطيء والمراقب، إلى الإعلام الجديد، السريع والمنفتح للجميع. 

فقد أثبتت أحداث "الربيع العربي" في المنطقة بأن للشبكات الاجتماعية قدرات على جمع الجماهير الغفيرة للثوران والتظاهر، بل وإسقاط الأنظمة. 

أما محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فبينت أن الأنظمة هي الأخرى يمكنها أن تستخدم الشبكات الاجتماعية لغرض الحفاظ على حكمها. 

فهكذا مثلا، استخدم الرئيس أردوغان الجماهير للدفاع عن حكمه من خلال بث فيديو في الزمن الحقيقي.

وقال: “عودة إلى الشرق الأوسط، فإن المنطقة أديرت في المئة سنة الأخيرة في ضوء اتفاقات سايكس بيكو وعلى أساس مبادئ الدول القومية الأوروبية التي تطورت بعد التوقيع على اتفاق وستفيليا في العام 1648 بما فيها مناطق عديدة عديمة الحكم اليوم، في سوريا وفي العراق، وفي ليبيا وفي سيناء، إذ استبدلت أجهزة الدولة المفروضة بأجهزة ما قبل الدول، أو بانعدام الدول التي تجمع حكم العصابات، واستخدام الإرهاب الفظيع تجاه المدنيين”.

وختم مقاله بالقول: “إسرائيل، التي توجد في إحدى المناطق الأكثر تضعضعا وتحديا في العالم، مطالبة بالتالي، بأن تدرس خطواطها بحكمة، وعليها أن تشرف على الساحة العالمية بنظرة تاريخية واسعة، وأن تفحص التغييرات بعيدة المدى الكفيلة بأن تؤثر على أمنها القومي. ولاحقا سيتطلب الأمر من الحكومة أن تكيف نفسها مع الواقع الجديد، وأن تعمل في ضوئه”.
التعليقات (0)