مقالات مختارة

قمة جبل الفساد العراقي العظيم...؟

داود البصري
1300x600
1300x600
القنبلة التي أطلقها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في قلب مجلس النواب العراقي، بكشفه لملفات فساد وإفساد طالت ذيولها قيادات سياسية وبرلمانية مهمة، وهي ككرة الثلج ستكبر وتكبر وتتدحرج.. ولكن في النهاية لن يتغير شيء أبدا! فشمس العراق الحارقة اللاهبة كفيلة بإذابة وتدمير كل الملفات الوسخة التي تراكمت على مدى أربعة عشر عاما من النهب المنظم على يد الشطار، والعيارين الجدد الذين هبطوا على قمة السلطة من تحت جنازير مدافع الاحتلال الأمريكي الذي استورد وأنتج طبقة سياسية لصوصية هي أكبر من اللصوصية ذاتها! تلك القنبلة لوزير الدفاع ليست جديدة أبدا، كما أنها لم تكن مفاجأة! فضلا عن كونها ليست سوى صورة من صور الصراع المحتدم على كعكة السلطة لحكومة فاقدة لاتزانها، ولبرلمان هائم وتائه تحول لعبء سياسي ومالي كبير، وحالة بل قلعة من قلاع الفساد السلطوي بعد فشل الانتفاضة الأخيرة في تغيير مسارات الأمور في العراق.

رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لا يقود حكومة تعمل ببرنامج زمني أو استراتيجي محدد، بل يدير لعبة سقيمة فاشلة، ويتلاعب بأوراق ورموز أزمة مستمرة منذ وقت طويل، والفساد الذي تحدث عنه وزير الدفاع ليس بالجديد، بل إن حكومة العبادي بحد ذاتها هي نتاج عملية فساد سلطوي كبرى للحكومة السابقة لها، التي رأسها قائد العبادي في حزب الدعوة نوري المالكي، الذي نجح في جعل حزب الدعوة الطائفي لأكبر حزب مفسد وفاسد ولصوصي في تاريخ الشرق بأسره، والذي يتحمل هو نفسه وحكومته العجفاء ملفات فساد كبيرة في ملفات التربية والكهرباء والجيش والأمن، وجميعنا يتذكر حكاية الأجهزة التي تكشف المتفجرات، والتي تبين أنها مجرد لعب أطفال كشف عنها الإعلام البريطاني وعاقب تجارها، فيما لاذت حكومة العراق بالصمت الرهيب والتهرب من ملاحقة المتورطين! كما أن فضيحة تسليم محافظة الموصل وأطنان هائلة من سلاح الجيش العراقي والقوات الأمنية لتنظيم الدولة، هو بمنزلة أم الفضائح المسكوت عنها! وهو ملف أقوى بكثير من كل ملفات الفساد الأخيرة التي تحدث عنها العبيدي، الذي يبدو أنه يعيش حرب تصفية الحسابات بين أطراف الضفة الأخرى من الطبقة السياسية!

لا فضيحة تعلو أبدا على فضائح حكومة نوري المالكي التي كانت تعج باللصوص؟ هل تتذكرون حكاية وزير التجارة الدعوي البريطاني الجنسية (عبد الفلاح السوداني)، الذي أدانه القضاء العراقي وحكم عليه بالسجن لسبعة أعوام كاملات، بعد أن سرق مئات الملايين من الدولارات يعيش بها محتميا بجنسيته البريطانية!

فهل فعلت الحكومات العراقية شيئا لتطاله أو على الأقل لتعيد جزءا من المسروقات!! والجواب معروف ومشخص وواضح، ويتمثل في عدم قدرة حكومة العراق على ملاحقة اللصوص لكونهم جزءا لايتجزأ من المنظومة الطائفية المريضة الحاكمة! كل ما يحصل حاليا هو في حقيقة الأمر زوبعة في فنجان! وهي قضية للاستهلاك الإعلامي فقط، ولغرض إعداد وترتيب المواقع السلطوية لجولات تصفية حسابات قادمة سيكون للتسويات والترضيات دور كبير بها! بل إن حملات التهديد الصريح بالقتل التي تطال وزير الدفاع، ليست سوى ديكور ساخن لفرض المزيد من الإثارة على حلقات الصراع السياسي المحتدم ضمن أطر مصلحية خاصة، ليس من بينها أبدا مصالح الشعب العراقي ولا الدفاع عن ثروته الوطنية، أو محاسبة المفسدين الحقيقيين الذين يصولون ويجولون في أروقة السلطة، وسط ترتيبات ميدانية واسعة لتفعيل مخططات طائفية خطرة، من خلال إرسال قوات ومجاميع وفرق الحشد الطائفي لميادين معركة الموصل القادمة، التي يراد لها أن تكون ذات أبعاد مركزية في رسم الخارطة الطائفية في العراق، وفقا لمصلحة ورؤى التيار الإيراني الحاكم المهيمن! لم يعد أحد يتحدث في العراق عن أي إصلاح حقيقي ولا عن تلبية مطالب الجماهير ولا عن تجاوزات عصابات الحشد الطائفية!!

الشرق القطرية
0
التعليقات (0)