سياسة دولية

الغارديان: حلب أسوأ كارثة لحقوق الإنسان.. ولهذا فشل الغرب

حلب- الدفاع المدني السوري- أ ف ب
حلب- الدفاع المدني السوري- أ ف ب
كتبت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها أن مدينة حلب السورية تعيش وسط معركة حاسمة، فلو خسرت المعارضة الجزء الشرقي الذي تسيطر عليه، فستخسر آخر معقل استراتيجي في يدها، وبالتالي ستنحرف المعادلة الدبلوماسية في الشرق الأوسط لصالح روسيا وحلفائها، الذين يضمون إيران التي تشارك في الحرب بطريقة مكثفة، مع أن اسمها لا يُذكر إلا نادرا مثلما يتم الحديث عن روسيا التي تقود قواتها الهجوم من الجو.

وتقول الصحيفة إن ما يعني سكان المدينة المحاصرين في الجزء الشرقي، وعددهم تقريبا 300.000 نسمة، ليس الواقع الجيوسياسي، بل الكارثة الإنسانية التي لا يمكن وصفها.

والمعاناة -كما تقول- بدت واضحة عندما ظهر الأطفال في الأيام الأخيرة وهم يحرقون إطارات السيارات؛ كي يمنع دخانها طيران الروس من قصفهم، وخلق "منطقة حظر جوية من صنع محلي.. طبقة كثيفة من الدخان تهدف لحجب الرؤية عن الطواقم العسكرية التي تقوم بعمليات القصف، وعادة ما يختنق الناس من الدخان، لكنهم يأملون بعدم تعرضهم للقصف الذي لا يتوقف". 

وأشارت الصحيفة إلى تقارير حول إصابة أطفال بغاز الكلور، الذي انطلق من قذائف أطلقت على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، ليست بعيدة عن مدينة حلب، وهي هدف مختار يشير بأصابع الاتهام إلى قوات الحكومة السورية، ويضع علامة استفهام على فكرة انتهاء استخدام الغاز السام في عام 2013، عندما قامت الولايات المتحدة وروسيا بالتفاوض من أجل تفكيك الترسانة الكيماوية السورية.

وتقول الصحيفة إن الصورة ليست بسيطة، فالمعارضة المسلحة تخوض حربا مضادة منذ يوم السبت؛ لأجل كسر الحصار المفروض على المدينة، وهذا الخيار سبب نوعا من الألم بين السكان الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. فالمعارضة التي تحاول الحصول على دعم من القوى المتوفرة للمعركة الحاسمة، حاولت الحصول على دعم الجماعات الجهادية، التي تتمركز في جنوب- غرب المدينة. وهذا تحول مثير للقلق، وسيشوه سمعة المعارضة. وعادة ما ينسى البعض أن القوى "الثورية" المعادية للأسد ليست مكونة من مقاتلين مسلحين وحسب، بل من آلاف العائلات الخائفة من نظام دمشق. وتقوية الجماعات الجهادية التي تقود الحرب الآن هي أخبار سيئة لكل طرف.

وتقول الصحيفة إن انهيار اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في شباط/ فبراير بين الروس والأمريكيين كان واضحا، والأمل الوحيد لدفع نظام الأسد إلى الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب الأهلية تحت مظلة الأمم المتحدة دخل مرحلة مسدودة لا يستطيع هو ولا المعارضة الانتصار فيها. وجاء التدخل الروسي لكي يفكك الحل الدبلوماسي. وفي الوقت نفسه، استثمرت إيران غياب الاحتجاج الغربي ضد أعمالها في سوريا، خاصة أن إدارة أوباما عولت على توقيع اتفاق نووي معها كأولوية. ويضاف لهذه المعادلة أن تركيا التي كانت داعمة للمعارضة في حلب قامت في الفترة الماضية بتطبيع علاقاتها مع موسكو، ودخل المدنيون نفقا طويلا دون نهاية.

وتختم الصحيفة بالقول إن السياسات الغربية خيبت آمال السوريين؛ لأنها عولت على التعاون مع روسيا لحل الأزمة السورية. وتقول إن مصير أهل حلب هو على المحك الآن، وكذا مصداقية الغرب الذي ركز بشكل كبير على قتال تنظيم الدولة، ولم يبذل أي جهد للبحث عن طرق للتفاوض وإنهاء الحرب التي تعدّ أسوأ كارثة لحقوق الإنسان في عصرنا.
 
التعليقات (0)