كتاب عربي 21

بوادر انشقاق في حزب الشعوب الديمقراطي

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
قام النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي ألطان طان قبل أيام بزيارة لمدينة مديات التابعة لمحافظة ماردين، بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف فيه حزب العمال الكردستاني مركزا للشرطة بسيارة ملغومة، إلا أن أهالي المدينة ذات الأغلبية الكردية طردوه، تعبيرا عن غضبهم من موقف حزب الشعوب الديمقراطي من العمليات الإرهابية التي تدمر بيوتهم وأحياءهم وحياتهم اليومية.

ألطان طان الذي شاهد عين اليقين ردة فعل الشارع الكردي ومدى غضبه من سياسات حزب الشعوب الديمقراطي، وجَّه في حديثه لصحيفة "خبر تورك" التركية انتقادات شديدة لحزبه، ولفت إلى أن الأكراد المحافظين لا يؤيدون سياسات حزب الشعوب الديمقراطي الأخيرة وأن الحركة الكردية السياسية تقف اليوم أمام مفترق الطرق.

وفي الحوار الذي أثار ضجة كبيرة في تركيا، وصف طان العمليات التي تبناها حزب العمال الكردستاني بـ"الإرهابية"، مؤكدا أنه يرفض جميع أنواع الإرهاب، بغض النظر عن المنظمة التي تقوم بها. ولعل الرأي العام التركي يسمع لأول مرة من أحد نواب حزب الشعوب الديمقراطي قوله إن ما يقوم به حزب العمال الكردستاني إرهاب. 

النائب ألطان طان يرى أن العمليات الإرهابية لن تخدم الشعب، بل ستزيد التوتر والفوضى، وقد تؤدي إلى انقلاب عسكري. وينتقد إنهاء حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار ليعود إلى استخدام العنف والإرهاب، ويشير إلى أن أحد قادة المنظمة الإرهابية اعترف بأنهم ظنوا أن الدولة التركية عام 2016 لن ترد عليهم بهذا الحزم، ثم يضيف قائلا: "هذا عذر أقبح من الذنب. إن كان هناك سبعة آلاف شاب كردي قتيل، فكلمة "معذرة" وحدها لا يمكن أن تعفيكم من المسؤولية". 

حزب الشعوب الديمقراطي ظهر في الساحة السياسية التركية كمشروع مهمته الأولى عرقلة مساعي الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي. وبالتالي جمع تحت سقفه القوميين الأكراد الانفصاليين واليساريين الأتراك المتطرفين وقليلا من الأكراد الإسلاميين. وكان الشعار الذي يرفعه خلال الحملات الانتخابية هو: "لن نسمح لك بأن تكون رئيسا"، في إشارة إلى رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان. ونجح هذا المشروع في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من حزيران/يونيو  عام 2015، إلا أن هذا النجاح بدأ يتآكل منذ ذلك اليوم لصعوبة الحفاظ على تيارات متناقضة تحت سقف واحد لمدة طويلة.

ألطان طان، كما ذكر في حواره مع صحيفة "خبر تورك"، يرى أن الشعب الكردي معظمه مسلم ومحافظ، وأن المتدينين والمحافظين لا يتم تمثيلهم في لجان حزب الشعوب الديمقراطي بشكل يتناسب مع نسبتهم، ويشتكي من سيطرة اليساريين المتطرفين على خطاب الحزب وسياساته، مؤكدا أن أعداء أردوغان يريدون أن يستخدموا الأكراد كقاتل مأجور. ويقول إن المتدينين والمحافظين من الناخبين الذين يصوتون لحزب الشعوب الديمقراطي سيطالبون بتمثيل عادل في اللجان، مضيفا أن عدم الاستجابة لمطالب هؤلاء قد يؤدي إلى انشقاقات من حزب الشعوب الديمقراطي وولادة حزب سياسي جديد. 

رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، في أول تعليق له على ما جاء في الحوار، ذكر أن القول بعدم تمثيل المتدينين والمحافظين في الحزب إجحاف، زاعما أنه هو من يمثلهم على أعلى مستوى، كما انتقد دميرطاش ما قاله طان حول احتمال تأسيس حزب جديد، وأشار إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي ليس أمام مفترق الطرق وأنه ما زال يحافظ على خطه السياسي، متهما طان بأنه "ضيَّع الطريق".

النائب ألطان طان رشَّحه حزب الشعوب الديمقراطي عن محافظة ديار بكر في الانتخابات الأخيرة بعد تدخل زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي شدد على ضرورة ترشيح النائب ذي الجذور الإسلامية. ولكن من الصعب بقاؤه في صفوف حزب الشعوب الديمقراطي بعد الانتقادات الشديدة والاعترافات الصريحة التي جاءت في حواره مع صحيفة "خبر تورك".

شعبية حزب الشعوب الديمقراطي في تراجع مستمر منذ سنة. ومن المؤكد أن انشقاق ألطان طان أو طرده من الحزب سيؤدي إلى أن يفقد الحزب مزيدا من شعبيته. وهل سيغادر طان الحزب وحده أم سيرافقه غيره؟ جواب هذا السؤال هو الذي سيحدد حجم خسارة حزب الشعوب الديمقراطي.
التعليقات (0)