قضايا وآراء

هل كفار اليوم في النار؟!

عصام تليمة
1300x600
1300x600
سؤال يطرح كثيرا، ويثور الجدل حوله، وللأسف معظم النقاشات تدور بعيدا عن هدايات القرآن وآياته الواضحة، التي تبين الأمر بإنصاف، وميزان عدل لا ظلم فيه، وأصبح حال المسلمين فيه بدل أن ينشغلوا بهداية الناس من غير المسلمين، ينشغلون بمصيرهم في الآخرة، والانشغال بالحكم عليهم، بدل الانشغال بالأخذ بيدهم إلى الخير والحق.

إن آيات القرآن الكريم تبين أن الذي يؤاخذه الله سبحانه وتعالى ويحاسبه على عدم إيمانه بالإسلام، هو فقط من بلغته دعوة الإسلام واضحة بلا لبس أو غموض، وبلا تشويش أو غبش، وليس مجرد أن يسمع غير المسلم بالإسلام، فلا يتبعه فنحكم عليه بأنه كافر وفي جهنم وبئس المصير، يقول تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) الأنعام: 19. فالآية هنا تقول: (لأنذركم به ومن بلغ)، أي من بلغته دعوة الإسلام، بينة واضحة، لأن الله بين في آية أخرى كيف يكون البيان، فقال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) إبراهيم: 4، أي أن يخاطب كل إنسان بلغته التي يفهمها، بل في اللغة الواحدة باللهجة التي يتقنها، وبأسلوب الإقناع الذي يصلح له، فالعاطفي بالعاطفة، والعقلاني بالعقل، ومن يجمع بينهما بالجمع، فهل أوصلنا دعوة الإسلام وبلغناها للناس في مشارق الأرض ومغاربها بهذا الوصف والشرط الذي ذكره الله عز وجل في إنذار من لم يؤمن برسالة الإسلام؟!

أما الآية التي تحسم الموقف والأمر بوضوح كبير، فهي قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) النساء: 115، فالآية تصرح بأن من يشاقق الرسول بالمعاداة والكفر، له جهنم وساء مصيرا، لكن بعد ماذا؟ لقد نصت الآية على شرط مهم، وهو ما يغفل عنه الكثير في تناول هذه القضية، وهو قوله تعالى: (من بعد ما تبين له الهدى)، فهنا شرط البيان، أن يوضح هذا الدين للناس ببيان واضح لا لبس فيه ولا غموض، ولا تشويش، في الوقت الذي نشاهد فيه دعاة نخاف على المسلمين من خطابهم المنفر، فكيف بغيرهم؟! فشرط أن يتم بيان الإسلام، وكلمة (الهدى)، أن يتبين لمن يتلقى هذا الخطاب، ويقتنع به قناعة تامة، أنه (الهدى)، يتضح بلا جدال أنه (الهدى)، فإذا كان العالم يزيد عن الستة مليارات، فيهم أكثر من الثلثين غير مسلمين، فهل قام المسلمون بترجمة معاني القرآن للغات ولهجات العالم؟ وهي درجة أولى من درجات البيان، فضلا عن هذا الشرح لمعاني القرآن هل هو شرح مقنع يقدم الإسلام في صورة صحيحة؟

فضلا عن ممارسات المسلمين التي لا يرى منها غير المسلم سوى صورة سيئة تسيء للإسلام، والآفة ليست في سوء تصرف المسلم، بل الآفة أنه عندما يخطئ ويفعل أمرا سيئا، كي يهرب من نظرات الناس وحسابهم، يلبس هذا التصرف ثوب الإسلام، ويقدم تصرفه على أنه الإسلام، فتزداد حجب على الإسلام كثافة، كل هذه صوارف تصرف الناس عن الهداية، وعوامل تجعل بين الناس والإسلام مسافة كبيرة، وتجعلنا نقول مطمئنين: إن القليل في هذه الحياة هو من ينطبق عليه الآية، أنه اتضح له حقيقة الإسلام فخالفها وخالف هداها، وفق قوله تعالى: (من بعد ما تبين له الهدى)، وهو ما أكده علماء كبار من أمثال ابن حزم الظاهري، وابن تيمية، ومن المعاصرين: محمد عبده، ومحمد رشيد رضا، والطاهر بن عاشور، وغيرهم، الذين انسجمت أفكارهم مع هدايات القرآن، منطلقين من نصوصه الواضحة، وفهم صحيح للواقع، بأن ما يطلقه الكثيرون أن كفار اليوم في النار هو كلام مجافي تماما للحقيقة، لأنه ببساطة لم تقم عليهم الحجة الكافية للحكم عليهم بأن الإسلام وصلت دعوته إليهم، ورفضوها وكفروا بها، وهو ما يلقي بتبعة كبرى علينا في بذل جهد كبير لتوضيح الإسلام، وإقناع الناس به، وتحسين صورته التي شوهها أبناؤه. 
20
التعليقات (20)
عبد السبوح
السبت، 25-06-2016 03:47 م
كلام الأستاذ يصح لو أن هذا الكافر بحث عن الهدى الذي جاء به الرّسول الذي سمع عنه ولم يجد هذا الهدى أو لم يجد من يُبيّن له هذا الهدى .. فهذا معذور بجهله .. لكن من تولّى وأعرض ولم يرد أن يعلم ماذا انزل الله إلى عباده، فهذا قطعا في النار حتى ولم يتبيّن له الهدى، لقوله تعالى "أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون"
أحمـد مخـلوف
الخميس، 23-06-2016 05:24 ص
يشـغل الكثير من الناس أنفسـهم بإغتصـاب هذا الحق من رب العالمين و كأنهم يملكون مفاتيح الجنة و النار. و الله لو شـغلنا أنفسـنا بالبحث عما يقربنا من الجنة و يبعدنا عن النار لما بقى لنا من الوقت لنضـيعه فيما سـواى ذلك. عيوبنا كالجبال و حياتنما فى تخلف و معاملاتنا أسـوا من مشـركى قريش و ذنوبنا أطنان مطنطنة و نحن مشـغولون بغيرنا . بعض النقد الذاتى و إصـلاح نمط حياتنا و نشـر الرحمة و التواضـع و البدء بالذات قد يفيد قبل أن يحين موعد لرحيل بلا عودة و لا عمل. و الله إن لهؤلاء الذين لم تبلغهم دعوة الإسـلام قيم و عادات إنسـانية لو إمتلكنا جزءً يسـيراً منها لتحولنت بلادنا الى جنة على الأرض و لسـاد العدل و لإنعدم الفقر و لإختفى الكبر و التعاظم و التجبر.. اللهم أرحمنا و أجعلنا أنفع لغيرنا ناصـرين للمظـلوم باذلين للمحروم ناشـرين للرحمة لمن هم دوننا. اللهم تقبل منا من العمل ما هو خالص لوجهك الكريم ..!!
هشام الشرقاوي
الإثنين، 20-06-2016 06:17 م
أخي الحبيب أحبك في الله أنا بثق في كلامك أخي لسببين واحد لأني أثق فيك وفي علمك ثانياً لأني اعيش في الغرب لأكثر من خمسه وعشرون عام ورأيت بعيني وسمعي واحيية معهم ومع فتواك فارتحت لفتواك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخمد
الأحد، 19-06-2016 09:08 ص
هذا كلما حق فإن الله لا يعذب من لم يصل له الاسلام
محمود مصطفى
الأربعاء، 15-06-2016 02:38 م
لقد ذكر الله عذاب الكافرين فى القرآن فى 8 مواضع كما هو موضح مما يمنع اى تشكيك فى المسألة 1- النساء - الآية 140وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى? يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ? إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ? إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا 2- النساء - الآية 151أُولَ?ئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ? وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا 3- الأعراف - الآية 50وَنَادَى? أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ? قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ 4- الرعد - الآية 35? مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ? تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ? أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ? تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ? وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَالنَّارُ 5- العنكبوت - الآية 54يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ 6- الأحزاب - الآية 64إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا 7- الزمر - الآية 71وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى? جَهَنَّمَ زُمَرًا ? حَتَّى? إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَ?ذَا ? قَالُوا بَلَى? وَلَ?كِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ 8- الشورى - الآية 26وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ? وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ثم جا ء هذا الحديث الصحيح عن رسولنا ليبين ان من سمع به فقط ولم يحدد اسلوب السماع ثم لم يؤمن به فهو من اصحاب النار والذي نفسُ محمدٍ بيده ، لا يَسْمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ، ثم يموتُ ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلا كان مِن أصحابِ النارِ. الراوي : أبو هريرة | المحدث | خلاصة حكم المحدث : صحيح فمعنى ذلك ان كل من سمع بالرسول - ولم يقل يسمع منى – ولم يؤمن به فهو كافر من اهل النار وعلى ذلك ونحن فى هذا العصر الذى تنتشر فيه المعلومات باستفاضة والتواصل اليسير بين الناس فلن ينطبق شرط عدم السماع الا على هؤلاء الذين لا يملكون اذاعة ولا تليفزيون ولا انترنت ولا يقرؤن صحف وهؤلاء فى العالم الان لا يتعدون المئات الذين يعيشون فى كهوف وغابات لم يتصلوا بالعالم الخارجى فلماذا تصدر انت مثل هذه الفتوى التى تنطبق على مئات من الناس وتتجاهل 5 مليار كافر يعيشون على وجه الارض

خبر عاجل