سياسة عربية

حقوقيون وسياسيون عن مظاهرات أمس: كأن مبارك لا زال حاكما

مظاهرات شارك فيها الآلاف من المواطنين المصريين، الجمعة، تنديدا بتنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية- تويتر
مظاهرات شارك فيها الآلاف من المواطنين المصريين، الجمعة، تنديدا بتنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية- تويتر
أكد مؤشر الديمقراطية (جهة حقوقية مستقلة) أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية قوبلت بالعديد من الاحتجاجات بين مختلف أطياف الشارع المصري، والتي عكستها ردود الأفعال الشعبية التي تمثلت في التحرك القضائي ضد هذا الإجراء، والدعوات للتظاهرات المستمرة حتى عدول الدولة عنه، والتصعيد المتواصل على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولفت في بيان له، السبت، إلى أنه رصد مجموعة من التطورات الهامة أمس بالحراك الاحتجاجي، فقد قام المتظاهرون بـ 33 فعالية على مستوى 13 محافظة نظمها الآلاف من الشباب؛ حيث نظمت القوى المحتجة أمس 18 مسيرة، وثماني تظاهرات، وسبع سلاسل بشرية، وشهدت كل من محافظات القاهرة والجيزة والمنوفية خمس فعاليات، تلاها كل من محافظة الشرقية ودمياط بأربع مسيرات.

كما شهدت محافظتا البحيرة والإسكندرية- وفقا للمؤشر- فعالتين لكل منهما، وفعالية واحدة بكل من محافظات الدقهلية، والقليوبية، وأسوان، والبحر الأحمر، والسويس، والإسماعيلية، بشكل عكس نجاحا كبيرا للدعوة خاصة في أول تحرك ميداني لها، والذي مثّل أول تحرك ميداني منظم من المواطنين والنشطاء الشباب ضد الإدارة الحالية للدولة منذ توليها مقاليد الحكم في 2013، الأمر الذي يصفه المؤشر بكسر "طابوه" التظاهر المنظم لفئات متنوعة اجتمعت ضد نظام السيسي.

ووصف المؤشر ردود فعل نظام "السيسي" بأنه يشبه إلى حد كبير نظام المخلوع "مبارك"، قائلا: "كأن مبارك وحبيب العادلي لا يزالان في سدة الحكم، فلم تقم الدولة من خلال أيا من مسؤوليها بالتفاعل مع الأحداث الاحتجاجية، وتعمدوا التجاهل التام لها بداية من هرم السلطة التنفيذية في مصر ومرورا بكافة السلطات، في مشهد يكرس لحقبة ما قبل الثورة"، لافتة إلى أن الإعلام المصري تجاهل تلك الأحداث ولم يتعامل معها بمهنية، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام.

وقام المؤشر برصد القبض على حوالي 213 متظاهرا بعشر محافظات، كان للقاهرة النصيب الأكبر، حيث قامت قوات الأمن بالقبض على 73 متظاهرا بنقابة الصحفيين، وعلى شخصين بميدان التحرير، في حين أن وزارة الداخلية أعلنت عن اعتقال 100 متظاهر فقط، وبشكل يعكس الازدواجية المستمرة لقوات الأمن، حيث سمحت تلك القوات للمتظاهرين المريدين للدولة بتنظيم تظاهراتهم، مثلما حدث في تظاهرة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.

كما أعلن مجموعة من الطلاب المصريين تدشين حملة "الطلاب مش هتبيع"، قائلين إن التنازل عن الجزيرتين يعد فصلا جديدا للسلطة الحالية في عدم احترام الوعي الشعبي وانتهاكا لسيادة الدستور الذي أقسمت الحكومة ورئيس الجمهورية على احترامه، هذا الدستور الذي أوجب على الحكومة وفقا للمادة 151 دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد نتيجة الاستفتاء، فضلا عن عدم جواز عقد أي اتفاقية يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.

وقالوا في بيانهم التأسيسي السبت: "رغم أن الاتفاقية ليست الأولى من نوعها التي توقعها السلطة الحالية مع دول الجوار وتتنازل عن أراض وحقوق مصرية، فقد سبق وأن تنازلت منذ عامين عن عدد من الأميال في البحر المتوسط لصالح دولة قبرص، إلا أن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير تحديدا آلم كبرياءنا الوطني، فقد جارت السلطة بهذا التنازل على حقوق تاريخية صانتها دماء آبائنا وأجدادنا التي سالت على تلك الجزر للحفاظ على حقنا وحق الأجيال القادمة فيها".

واستطرد البيان: "بعد أن رأينا كيف تباع أرضنا، ويدمر لدينا أي أمل في المستقبل، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، وتدهور الخدمات التعليمية والصحية، وارتفاع معدلات البطالة، واستمرار توريث الوظائف، والتضييق على الحقوق النقابية، وغلق المجال العام، نعلن نحن طلاب مصر عن رفضنا لعملية بيع المستقبل فالمستقبل لنا، وندعو جموع طلاب مصر للمشاركة في فعاليات حملتنا".

وأعلنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن نيابة عابدين بالقاهرة بدأت التحقيق مع 26 من متظاهري "جمعة الأرض هي العرض"، الذين أُلقي القبض عليهم أمس الجمعة، مشيرة إلى أن الأمن حرر لهم محضرا رقم 5879/2016 ج قصر النيل، ونسب إليهم اتهامات بالتظاهر والتجمهر، واستعراض القوة، وقطع طريق، وحيازة مفرقعات.

دعوى قضائية ضد السيسي وحاشيته

وفي السياق ذاته، رفع المحامي خالد علي دعوى قضائية جديدة، السبت، ضد السيسي ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء الخارجية والداخلية والدفاع، للمطالبة بوقف إجراءات تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.

وحملت الدعوى رقم 45111 لسنة 70 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة. وطالب فيها "علي" بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بوقف كافة أعمال إخلاء جزيرتي تيران وصنافير من القوات المصرية أو تسليمها إلى السعودية، واستمرار ممارسة مصر لكل حقوق السيادة عليها، لحين عرض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية على الاستفتاء الشعبي على النحو الموضح تفصيلا في نص المادة 151 من الدستور وفي الموضوع بإلغاء القرار.

انكسار حاجز الخوف

من جهتها، قالت حركة "الاشتراكيون الثوريون" إنه "رغم القمع والاعتقالات وقانون منع التظاهر، خرج أمس الآلاف من المتظاهرين احتجاجا على تسليم الديكتاتور العسكري السيسي جزيرتي تيران وصنافير لأسياده في الخليج. وقد اتسعت شعارات المتظاهرين على مصراعيها لتتجاوز قضية الجزيرتين، فتعالت الهتافات من الحرية والعدالة والإفراج عن المعتقلين، إلى رحيل السيسي وإسقاط حكم العسكر".

وأضافت في بيان لها السبت: "تعاملت قوات الأمن بهمجيتها وبطشها المعتادين مع المتظاهرين، ففضت أغلب المظاهرات بالخرطوش وقنابل الغاز، واعتقلت العشرات من المتظاهرين في القاهرة وفي الإسكندرية والدقهلية والسويس والإسماعيلية والبحيرة وغيرها. وتستمر الحملات الهمجية لاختطاف الشباب من الشوارع في محيط وسط القاهرة. مطلبنا الأول هو الإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين، وعن كافة المعتقلين في سجون العسكر، لابد من التضامن والدفاع عنهم بكل السبل الممكنة ضد ما يتعرضون له من انتهاكات".

وتابعت: "لكن يوم الجمعة، ولأول مرة منذ حوالي عامين، يكسر الآلاف حاجز الخوف والقمع ومصادرة النظام للشارع وللمجال العام، ويفتحون شقا بهذا العمق في الجدار الصلب الذي بناه السيسي ونظامه منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013 وما تلاه من مجازر وجرائم في حق الشعب المصري وحريته. لقد ضرب اليوم الآلاف من المتظاهرين عرض الحائط بقانون منع التظاهر، ذلك القانون القمعي الذي تزج السلطة الحاكمة آلاف المعتقلين في السجون بموجبه. وهذا بالتأكيد هو أكبر مكاسب اليوم".

واستطردت: "اليوم نبدأ بداية جديدة في الحركة الجماهيرية لم يتوقعها السيسي ونظامه، وستشهد تطورا كبيرا مع انضمام آلاف أخرى لها، خاصة مع الضغوط الاقتصادية والسياسية التي لا يبدو أن أزمة النظام يمكن أن تدفعه سوى إلى تصعيدها. لن يفلت السيسي بجرائمه من قتل واعتقال وتعذيب عشرات الآلاف، وقمع الحريات والإفقار، وسرقة أملاك الشعب من ثروات وأراضي وبيعها".

وأردفت: "هذا هو الوقت المناسب لاستكمال المعركة ضد هذا نظام الديكتاتور الهمجي، خاصة في ظل الأزمة العنيفة التي تحيط به على كافة الأصعدة، اقتصاديا وسياسيا ودوليا. لنستكمل المعركة من أجل إسقاط قرار التنازل عن الجزيرتين، والبناء على هذه المعركة لكسر هذه السلطة وإسقاط حكم العسكر. لنجعل من الاحتجاجات الواسعة التي شارك فيها الآلاف اليوم انطلاقة جديدة للحركة الجماهيرية، تفتح فيها قضية الجزيرتين الأبواب المغلقة في قضايا النهب الاقتصادي والتقشف، والاستبداد السياسي والتعذيب والاعتقالات، والتحالف القذر مع ممالك الرجعية والثورة المضادة في الخليج".

واختتمت "الاشتراكيون الثوريون" بيانها بالقول: "موعدنا 25 أبريل.. ولنرفع شعارات الحرية للمعتقلين، والعدالة للفقراء والمقهورين، وتيران وصنافير ملك الشعب".

التصدي للفاسدين

ووجهت الجمعية العامة للمجلس الثوري المصري – المنعقدة الآن بدولة تركيا- تحياتها وتقديرها البالغ لشباب مصر ورجالها ونسائها وكل من تحدوا أدوات القمع والظلم في مصر وملؤوا شوارع مصر وميادينها أمس.

ودعا المجلس الثوري – في بيان له السبت- الشعب المصري للتصدي للفاسدين بكل الأدوات المتاحة لحماية مستقبل مصر وثرواتها التي يبددها الخونة، ضاربين عرض الحائط بكافة القيم والمبادئ ومفاهيم الوطن التي يتاجرون بها ليل نهار ظلما وفسادا، مؤكدا وقوفه معه بكل إمكاناته لتحقيق حلم الحرية والعدل للمجتمع المصري.

كما أشاد المتحدث الإعلامي لحزب مصر القوية، أحمد إمام، بخروج المصريين الجمعة من أجل التعبير عن "حبهم لوطنهم وسخطهم وغضبهم من النظام الحالي الذي يفرط في تراب مصر، ويهدد أمنها القومي يوما بعد يوم، وقد خرجت الجماهير بكافة انتماءاتها وفئاتها على الرغم من حالة التضييق الأمني"، مؤكدا أن تلك الانتفاضة كسرت حاجز الخوف وأعادت الأمل في النفوس.  

وتوجه "إمام"- في بيان له- بالشكر لكافة الحركات والأحزاب، وإلى عموم المصريين الذين شاركوا وترفعهم عن الخلافات السياسية ووضع قضية انهيار الوطن تحت حكم هذا النظام كأولوية، والتأكيد على أهمية توحيد الصف مما ساهم في خروج اليوم بهذا الشكل "الرائع".

الجالية المصرية بالخارج تنضم للاحتجاجات

وذكر أحد منظمي التظاهرات، الجمعة، أن ثوار القاهرة والمحافظات نظموا أكثر من 250 مسيرة وفعالية احتجاجية، رفضا للانقلاب العسكري وبيع جزيرتي تيران وصنافير، ضمن فعاليات "الأرض هي العرض"، موضحا أن الحراك لم يقتصر على داخل الوطن، بل شمل أيضا أبناء الجالية المصرية في عدد من العواصم العالمية، حيث نظم عدد من أبناء الجالية المصرية في تركيا وجنوب أفريقيا وفرنسا ونيويورك، وقفات احتجاجية تنديدا ببيع ثروات ومقدرات الوطن.

الثورة ماضية

وقال المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين محمد منتصر: "لقد مثل خروج الشعب المصري الجمعة استفتاء شعبيا واضحا رافضا لجريمة السيسي وعصابته ببيع جزيرتي تيران وصنافير، ورسالة واضحة للعسكر بأن جرائم الدم والأرض والعرض لا تسقط بالتقادم".

وأضاف في تغريدة له على "تويتر": "إن المشهد المهيب الذي سطره المصريون صفا واحدا، لهو حلقة متصلة لنضال مستمر ضد الحكم العسكري الانقلابي الذي قتل واعتقل واختطف عشرات الآلاف من المصريين".

وتابع المتحدث باسم الإخوان: "كل التحية للذين لم يكلوا ولم يملوا من النزول ومواجهة العسكر وعصابته يوميا على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، كل التحية لكم وللشهداء والمعتقلين"، مشددا على أن "غضبة اليوم لم تنته بعد، فالقادم استكمال لما مضى، والثورة ماضية، فقطارها انطلق منذ زمن وسيصل بإذن الله".

السيسي يسبح في الأوهام

وقال أستاذ العلوم السياسية حازم حسني: "حاولت أن أجد في كلام السيسي بجبل "الجلالة" أمس شيئا له صلة بإخراج الدولة المصرية من أزمتها، فلم أجد إلا رجلا منفصلا تماما عن الواقع، متشبثا بعالمه الخاص، سابحا في الأوهام التي أغرق فيها البلاد والعباد، مستلهما من وراء سحب الغيب مستقبلا لا يراه أحد غيره، ومسرفا في إظهار نرجسيته وتقديره لمستقبل حكمه".

 وتابع في تدوينة له عبر "فيسبوك": "فلا حديث عن دستور، ولا عن منطق إدارة دولة، وإنما ألهمته عبقريته الدعوة لتكوين لجنة قومية مهمتها إقناع البرلمان بالموافقة على اتفاقية التنازل عن الجزيرتين، لا أن تدرس الاتفاقية وتطرحها للنقاش الوطني".

واستطرد حسني: "أنا أرى المعنى الرمزي لذهابه إلى جبل "الجلالة" كي يحدثنا من هناك عن "أهل الشر"، وعن المؤامرة "الجهنمية" التي تستهدف مشروعه العبقري، وجدتني أتمتم بيني وبين نفسي أن سبحان من له الجلالة والملكوت، فقد كان وحده القادر على أن ينير البصيرة، وعلى أن يغلق على القلب ويضع عليه أقفاله، فلا دافع لحكمه ولا راد لقضائه، اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه".

وحذر السيسي، الجمعة، مما أسماه "مخططا جهنميا" ضد الوطن عبر نشر الإحباط بين المصريين لتحطيم معنوياتهم، مضيفا أنه "مش قلقان من المؤامرات الخارجية، لكنه قلقان قوي من اللي جوه بسبب تخطيط الشياطين".
التعليقات (1)
شاحذ الهمم
السبت، 16-04-2016 07:05 م
لم يتوحد الشعب بعد، وإنما إنقسم إلى أقسام خمسة مالم تكن أكثر من وجهة نظر أخرين، الأول مؤيد للتنازل ، والثانى قابع فى سباته، والثالث رافض التنازل كحق تاريخى، والرابع رافض للتنازل بدون إستفتاء ، والخامس رافض بدون إقرار التنازل من الشعر العقارى ( مجلس النواب ) ، هل من وجهة نظر أخرى؟؟؟؟