سياسة عربية

قنديل: السيسي يمتلك حكومة جيش برأسمال 500 مليار جنيه

قال إن السيسي ترك حكومة إسماعيل وحدها طعاما للحريق- أرشيفية
قال إن السيسي ترك حكومة إسماعيل وحدها طعاما للحريق- أرشيفية
كشف رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة"، الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل، النقاب عن أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي لا يعتمد على حكومة شريف إسماعيل في إدارة البلاد، وإنما يعتمد على "حكومة الجيش"، التي قال إنها تشرف على حركة المشروعات الكبرى.

وأضاف أنه يدير ماكينة إنفاق ضخمة، تجاوزت حدودها حتى الآن مبلغ الـ500 مليار جنيه، في إطار ما يمكن تسميته "رأسمالية الجيش"، وفق قوله.

وأضاف قنديل أنه في المقابل، "ترك السيسي حكومة إسماعيل وحدها طعاما للحريق، في مهب ريح متاعب اللحظة، وفي دوامة العجز المخيف في الموازنة العامة، فهي لا تجد غير سياسة "المشي في الجزمة" ذاتها، فتعالج الداء بالتي كانت هي الداء، ولا تجرؤ على رفع عينها في وجوه من تسميهم رجال الأعمال، ولا على التفكير في تطبيق خطة الضرائب التصاعدية"، مشيرا إلى أن السيسي تحدث مرارا عن ضرورة طرح أفكار من خارج الصندوق، بينما أفكار حكومته ومستشاريه كلها من داخل صندوق النقد الدولي.

جاء ذلك في مقال كتبه "قنديل"، بعدد الأسبوع الجاري من الصحيفة، تحت عنوان: "حزام الحكومة الناسف"، وتنفرد "عربي21" بتسليط الضوء عليه، محذّرا فيه من أن المصريين لن يسكتوا على "قرارات صعبة" تتخذها الحكومة، التي اتهمها بأنها تحمي امتيازات طبقة النهب و"الشفط"، وأنها وضعت وزارات الاقتصاد بيد "خدم" شركات مليارديرات النهب"، وفق وصفه.
 
لن يسكت أحد على "قرارات صعبة"

وخصص "قنديل" مقاله للتعليق على بيان الحكومة، الذي ألقاه رئيسها شريف إسماعيل، أمام "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، يوم 27 آذار/ مارس من الأسبوع الماضي، فقال: "ليس بوسع الناس (يقصد المصريين) أن يصبروا أكثر مما صبروا، ولن يسكت أحد على قرارات صعبة، (أشار إليها البيان) من نوع خفض دعم الطاقة، وإشعال جحيم الأسعار فوق الغلاء والغليان القائم، وزيادة أسعار البنزين والسولار والمازوت والغاز والبوتاجاز والمياه والكهرباء وتذاكر القطارات ومترو الأنفاق، ومن بعدها وقبلها كل السلع والاحتياجات الأساسية".

وعدّ قنديل أن تلك القرارات "لم يشأ إسماعيل أن يعلنها صراحة وبتفصيل في بيانه، حتى لا تعوق عملية نيل الثقة البرلمانية، وإن رأى من كلفوه أن الإشارة إليها تكفي، ولا يبقى سوى قرارات التنفيذ المؤجلة إلى حين قريب، دون أن يكون للبرلمان فرصة، ولا دور في الموافقة أو الاعتراض".

وأشار رئيس تحرير "صوت الأمة" إلى أن "هذه هي حقيقة القنبلة التي أخفاها إسماعيل، أو التي كلفوه بإخفائها على نحو ساذج مكشوف، فقد ألبسوه الحزام الناسف، وتركوه لمصير الاحتراق والتدمير الذاتي، وفضل الرئيس السيسي أن يبقى هذه المرة بعيدا، وأن يتحدث فقط عن إنجازات غير منكورة"، على حد قوله.

حكومة الجيش ورأسماليته تتحكمان بمصر

وكشف الكاتب أنه "للرئيس السيسي حكومات أخرى أهم، أظهرها حكومة الجيش التي يعتمد عليها بالأساس، التي تشرف على حركة المشروعات الكبرى، فوق أن الرئيس يدير بنفسه قطاعات بذاتها، أهمها قطاع الطاقة والإسكان، وبناء المدن الجديدة، ويتدخل في تفاصيل التفاصيل، ويناقش مصير كل مليم في ماكينة إنفاق ضخمة، تجاوزت حدودها حتى الآن مبلغ 500 مليار جنيه"، وفق تقديره.

وأضاف قنديل: "ما من عائق ولا عوز يقف في طريق ما يمكن تسميته رأسمالية الجيش، التي تدير عملا يتسع باطراد، ويضم نحو مليوني مهندس وفتى وعامل مدني إلى الآن، ويضيف أصولا هائلة للوجود المصري، تحتاج بطبيعتها إلى زمن طويل لكي تدر دخلا، أو تغير من ظروف اعتلال الاقتصاد المصري، بينما تترك حكومة إسماعيل وحدها طعاما للحريق، في مهب ريح متاعب اللحظة، وفي دوامة العجز المخيف في الموازنة العامة، يطلب منها أن تدبر أحوالها، وأن توجد إيرادات جديدة".

حكومة "المشي بالجزمة"
 
وأشار الكاتب إلى أن هذه الحكومة، "لا تجد غير سياسة المشي بالجزمة ذاتها على طريقة الفنان محمد صبحي في مسرحية الجوكر، ولا تجرؤ على رفع عينها في وجوه من تسميهم رجال الأعمال، ولا على التفكير -مجرد التفكير-  في تطبيق خطة الضرائب التصاعدية، ولا على مضاعفة الحد الأقصى لضرائب الدخل، ولا على بناء اقتصاد إنتاجي حقيقي، يزيد الصادرات ويخفض الواردات، ويرد الاعتبار النقدي  للجنيه المصري"، وفق تعبيره.

وزارات الاقتصاد بيد "خدم" مليارديرات النهب

وشدد عبد الحليم قنديل على أن "تلك كلها قرارات سيادية وأساسية، لا يملك رئيس الوزراء حق التصرف فيها، وهو الذي شكل وزارات الاقتصاد في حكومته من الخدم التابعين لشركات مليارديرات النهب، ولا شأن له بتحصيل مستحقات الدولة من الناهبين والفاسدين".

وتابع بأن "شريف": "يكتفي بعبارة هائمة عن مكافحة الفساد، وردت في بيانه الفارغ من المعنى، ولم يحدثنا -ولا حدثنا الذين كلفوه، وألقوا به في اليم- عن مصير قرابة التريليون جنيه (ألف مليار جنيه) المستحقة للدولة لدى ناهبي أراضي الطرق الصحراوية والمجتمعات العمرانية، فتلك كلها مسائل تخص الرئيس لا رئيس الوزراء، والمهندس إسماعيل هو عبد مأمور، وليس المأمور، ولا هو الآمر".

شريف يحمي امتيازات طبقة "الشفط"

وتابع رئيس تحرير "صوت الأمة" الحديث عن شريف إسماعيل، فقال: "قبل الرجل -لسذاجته- أن يلبس الحزام الناسف، وأن يتحمل مسؤولية الجهر بعنوان ما سموه القرارات الصعبة، على ظن أن الفقراء والطبقات الوسطى هم الحيطة المايلة في هذا البلد، وأن المطلوب فقط هو حماية امتيازات الواحد في المئة من المصريين، وهم طبقة النهب والشفط التي تملك نصف ثروة البلد، وإجبار التسعين في المئة -من الفقراء والطبقات الوسطى- على دفع تكلفة إصلاح عجز الموازنة".

ودافع الكاتب عن "الفقراء والطبقة الوسطى"، فوصفهم بأنهم: "هم الذين لا يملكون سوى فتات وحطام يصل بالكاد إلى إجمالي ربع الثروة المصرية، ويسميهم الرئيس ورئيس وزارته بمحدودي الدخل جريا على عادة المخلوع مبارك، بينما هم من منهوبي الدخل، ومع ذلك يتجبرون عليهم مقابل تدليل من يسمونهم برجال الأعمال والمستثمرين، ومقابل التطنيش على ثروات الفاسدين المنهوبة، وإزاحة رئيس جهاز المحاسبات من طريقهم، وإقامة حفلات ومهرجانات لتكريم الفساد بدعوى محاربته، وتحميل العبء كله على غالبية المصريين من الفقراء والطبقة الوسطى، وإضافة العنت إلى العنت الواقع، وجعل حياتهم جحيما لا يطاق".

أفكار من داخل "صندوق النقد الدولي"

وأردف الكاتب أن الهدف من كل ذلك هو "تمرير الخراب الذي يسمونه إصلاحا اقتصاديا، وهو "الإصلاح" الذي جرى ابتذال معناه في عقود حكم المخلوع، وتجرى العودة إليه الآن تنفيذا لشروط البنك وصندوق النقد الدوليين.

وأضاف أن السيسي تحدث مرارا عن ضرورة طرح أفكار من خارج الصندوق، بينما أفكار حكومته ومستشاريه كلها من داخل "صندوق" النقد الدولي، "وليس فيها من جديد سوى إغراق البلد في تلال من الديون، وإجبار الناس على العيش في ظلال تلال من قمامة الفساد، ثم شق جيوب المعدبين والمتعبين المنهكين بالفقر والبطالة والمرض، والمخاطرة بطلاق بائن مع مطامح العدالة الاجتماعية المدهوسة، والتعويل على شعبية مفترضة للرئيس السيسي، تناقصت معدلاتها بشدة، ولم تعد تحتمل مقامرة اتخاذ إجراءات جديدة ضد الشعب في غالبه الساحق".

وأشار إلى أنه "سبق للسيسي اتخاذ خطوة أولى في خفض الدعم، وزيادة الأسعار، وكانت شعبيته وقتها في أوجها، ومرت الخطوة بسلام اجتماعي نسبي، وهو ما قد يتصور الرئيس إمكان تكراره، ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة، فالغضب يجتاح النفوس، وقد بدا غضب الناس صامتا مع إحجام أغلبهم عن المشاركة بالتصويت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة".

وقال: "بدا الغضب مكتوما، في صورة عصيان مدني تلقائي على طريقة خليك في البيت، وقد حذّرنا مرارا وتكرارا من إمكان تحول الغضب الصامت إلى غضب ناطق، وتواترت أمارات الغضب الاجتماعي سراعا، ولم يعد ينقصها سوى اتخاذ ما يسمونه القرارات الصعبة المؤلمة، التي قد تكون إيذانا بحريق لا يبقي ولا يذر، فاحذروا اللعب بالنار، وبأحزمة القرارات الناسفة".

واختتم قنديل مقاله الخطير بإيماءة ذات مغزى، قال فيها: "إنه حزام الحكم الناسف، يلقيه إلى خاصرة حكومة شريف إسماعيل، على سبيل التفكير، والتفجير الانتحاري"، بحسب تعبيره.
التعليقات (0)