سياسة عربية

منظمات: إحالة 32 قاضيا للتقاعد الإجباري مذبحة جديدة للقضاة

أكدت المنظمات أن ما حدث تصفية للحسابات ونيل من كل من يعارض النظام الحاكم - الأناضول
أكدت المنظمات أن ما حدث تصفية للحسابات ونيل من كل من يعارض النظام الحاكم - الأناضول
استنكرت 12 منظمة حقوقية مصرية الحكم الصادر أمس الاثنين، من قبل مجلس التأديب الأعلى للقضاء، بتأييد حكم مجلس التأديب "بهيئة عدم صلاحية" بإحالة 31 قاضيا إلى المعاش، وإحالة المستشار ياسر محي الدين للتقاعد بعد قبول طعن النيابة العامة على ما جاء بحكم مجلس التأديب برفض طلب الصلاحية بشأنه، وذلك بسبب إصدارهم بيانا بتاريخ 24 تموز/ يوليو 2013 يُعبرون فيه عن موقفهم من احتجاجات 30 حزيران/ يونيو وما تبعها من عزل للرئيس محمد مرسي يوم 3 تموز/ يوليو.

واعتبرت– في بيان لها الثلاثاء- أن قرار إحالة 32 قاضيا للتقاعد بسبب إصدارهم بيانا يعبر عن موقفهم السياسي يتعارض مع المبادئ بشأن استقلال السلطة القضائية –التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1985– والتي تنص في البند رقم 8 على أنه "وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية كغيرهم من المواطنين التمتع بحرية التعبير والاعتقاد وتكوين الجمعيات والتجمع، ومع ذلك يشترط أن يسلك القضاة دائما، لدى ممارستهم حقوقهم، مسلكا يحفظ هيبة منصبهم ونزاهة واستقلال القضاء".

وأشارت المنظمات إلى أن إعلان القضاة عن آرائهم ومشاركتهم في الحياة العامة أمر ليس بجديد، فقد شارك عدد كبير من القضاة في الاحتجاجات الشعبية في 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وفي 30 حزيران/ يونيو 2013.

وقالت: "كما يأتي هذا القرار في الوقت الذي يتغاضى فيه مجلس التأديب عن معاقبة بعض القضاة في إبداء آراء ومواقف سياسية في دعاوى ينظرون فيها بالفعل –وأثناء اعتلائهم منصة القضاة–، الأمر الذي يعتبر خرقا لكافة الأعراف القضائية في العالم كله، وذلك دون أن يتم إحالتهم إلى مجلس تأديب أو فقدانهم الصلاحية لولاية القضاء، أو مساءلتهم، بل إنهم مستمرون في مواقعهم على منصة القضاء وتُحال إليهم قضايا بعينها للفصل فيها".

وحددت المادة 73 من قانون السلطة القضائية المقصود بحظر اشتغال القضاة بالسياسة، بما يشمل عدم جواز الترشح لانتخابات مجلس الشعب أو الهيئات الإقليمية أو التنظيمات السياسية إلا بعد تقديم الاستقالة من العمل بالقضاء. وقد أكدت على ذلك فتوى مجلس الدولة رقم 351 لسنة 4 قضائية، والتي انتهت إلى أن المقصود بالحظر هو الاشتغال بالسياسة اشتغالا فعليا. إلا أن مجلس التأديب والصلاحية في الدعوى المشار لها، قرر توسيع مجال الحظر ليشمل مناقشة القاضي أو تعليقه على قرارات السلطة التشريعية أو الحكومية.

وتابعت المنظمات: "هذا بالإضافة إلى العديد من الخروقات القانونية التي شابت المحاكمات، بداية من تشكيل مجلس التأديب الذي ضم ثلاثة قضاة، أحدهم من مقدمي البلاغ ضد القضاة محل "التأديب"، فيما أبدى الاثنان الآخران رأيهما في القضية المنظورة، وأقرا أنه ترسخ في وجدانهما رجحان إدانة القضاة، وذلك بالمخالفة لقانوني المرافعات والإجراءات الجنائية اللذين حظرا على القاضي أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة، كما صدر أمر مؤبد بمنع 13 قضايا من السفر –من أصل 75 قاضيا قُدموا للتحقيق– دون سؤالهم أو سؤال المبلغين، ودون مبرر قانوني، رغم أنهم محالون لمحاكمة تأديبية وليست جنائية حتى يُخشى هروبهم وإفلاتهم من العقاب".

وأوضحت أنه تم حرمان القضاة من الاطلاع على ملف الدعوى، ورفض طلبهم بسؤال المبلغين باعتبارهم شهود إثبات بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية، كما امتنع مجلس التأديب الأعلى عن تسجيل طلب الرد الموجه إليه بمحضر الجلسة في جلسات سابقة وأخرها جلسة 22 شباط/ فبراير من العام الجاري، وذلك بالمخالفة للقانون الذي أعطى الحق للدفاع في إبداء طلباته ودفاعه بمحاضر الجلسات، كما أنه من المفترض أن تمتنع الجهات القضائية عن نظر الدعاوى المعروضة أمامها بمجرد إبداء طلب الرد.

وترجع تفاصيل القضية إلى تموز/ يوليو 2013، حيث تقدم رئيس نادي القضاة وعدد من أعضائه ببلاغ للنائب العام، يتهم 75 قاضيا بالتوقيع على بيان يتهم الجيش المصري بانتهاك الشرعية، ويتضمن بعض "الأكاذيب"، على حد نص البلاغ.

ومن ثم أحال النائب العام البلاغ لمجلس القضاء الأعلى بتاريخ 25 تموز/ يوليو 2013، والذي بدوره أحاله لوزير العدل لندب قاض للتحقيق من محكمة استئناف القاهرة. وعلى إثر ذلك تم إحالة 56 قاضيا في القضية رقم 13 لسنة 2014 “تأديب” والمعروفة إعلاميا بــ”قضاة البيان” إلى مجلس التأديب بهيئة صلاحية، واستبعاد 19 قاضيا رأى قاضي التحقيق أن التوقيعات المنسوبة إليهم لا يعلمون عنها.

وفي 14 آذار / مارس 2015، أصدر مجلس التأديب والصلاحية حكمه بإحالة 31 قاضيا إلى المعاش، وعدم قبول الدعوى المتعلقة بـ 25 آخرين وإعادتهم إلى عملهم في القضية المعروفة إعلاميا بقضية "قضاة البيان". وقد استند مجلس التأديب بهيئة الصلاحية في حكمه إلى تحريات الأمن الوطني وما قام القضاة بتدوينه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ومقاطع الفيديو التي نُشرت على صفحاتهم.

وشددت المنظمات على أن "هذه المحاكمات لم تكن لاشتغال القضاة بالسياسة كما هو ظاهر، لكنها في الحقيقة تصفية للحسابات والنيل من كل من يتعارض رأيه مع النظام الحاكم، إذ إن هناك العديد من القضاة الذين أبدوا آراء سياسة لم يتم إحالتهم لمجالس التأديب، بل سبق وأن رُفض طلب التأديب في الدعوى رقم 7 لسنة 2014 لأحد القضاة المقامة ضده من قبل النائب العام، واكتفى المجلس بالتوصية والتنبيه بعدم تكرار الأفعال التي آتاها، والتي كانت سندا للنيابة العامة في اتهامه، ومن بينها الإسراف في الظهور في وسائل الإعلام، والحديث إلى وسائل الإعلام في أمور ذات شأن سياسي مختلف عليها والتعليق على المشكلات التي تعاني منها البلاد بما يفهم منه مهاجمته لفصيل سياسي معين".

وطالبت المنظمات الموقعة على هذا البيان رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعدم التصديق على الحكم، مشدّدة على ضرورة وقف محاكمات القضاة أمام مجلس التأديب، وإلغاء الأحكام الصادرة ضد “قضاة البيان”، و"قضاة من أجل مصر"، وأيضا الحكم الصادر بإحالة المستشار زكريا عبد العزيز للمعاش لإدانته بالانخراط في العمل السياسي والتحريض على اقتحام مقر أمن الدولة أثناء ثورة 25 يناير.

ووقع على البيان كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز عدالة للحقوق والحريات، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية.
التعليقات (1)
مصري
الإثنين، 27-06-2016 12:08 م
في ظل قمع وتسلط العسكر المستبد ، فكل مسئول تشوبة شائبة النزاهة والطهارة فسوف يطرد دون هوادة ومن يعترض فالنيابة في انتظارة لفتح ادراج وملفات التهم الملفقة والوهمية وعمار يامصر عمار .