نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول المسلحين المتمركزين في
سيناء، تطرقت فيه إلى الهجمات التي نفذوها، وإلى الأسباب التي تكمن وراء صعود مثل هذه المجموعات.
وأشارت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الصحفيين يمنعون من دخول المنطقة التي تقع على الحدود مع قطاع غزة. كما كانت السلطات
المصرية قد سنت قوانين جديدة تقضي بمعاقبة كل من يقدم معلومات تخالف ما تقدمه الجهات الرسمية.
وذكرت الصحيفة أن القوات المصرية لم تعد قادرة على صد النشاط المسلح، رغم أن عدد الجنود وعناصر الشرطة يفوق عدد "الجهاديين" بكثير.
ويأتي هذا الفشل على الرغم من أن الجيش المصري مستمر في تلقي التمويل السنوي المقدر بـ1.3 مليار دولار من الولايات المتحدة، كما تم إبرام عقود مع فرنسا وروسيا للتزود بالسلاح، فيما يجري هناك تعاون عسكري قوي مع إسرائيل، خاصة في منطقة سيناء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الانقلاب سمح للجهاديين بالتواجد ليس فقط في سيناء، بل أيضا في القاهرة وفي مناطق أخرى.
فعند تولي عبد الفتاح السيسي السلطة، قام باتهام كل خصومه السياسيين بأنهم "إرهابيون"، سواء كانوا إسلاميين أو علمانيين أو قوميين. ولذلك شكّل تنامي القمع في مصر ذريعة للجهاديين المتطرفين للقيام بهجماتهم، كما ساهم ضعف كفاءة الجيش المصري، بطريقة غير مباشرة، في تنامي خطر التهديد الجهادي في سيناء، وذلك على عكس الوضع في سوريا، الذي سيطر فيه
تنظيم الدولة بسبب الفوضى، بحسب الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن منطقة سيناء يسكنها 600 ألف نسمة، ثلثاهم ينتمون للقبائل البدوية، والثلث الأخير ينقسم بين "مصريين من وادي النيل" وفلسطينيين.
ويعتبر البدو أن الجيش المصري "جيش احتلال" ساعد منذ 2011 في تعزيز حضور جماعة "أنصار بيت المقدس". وتستقر هذه الجماعة في واحة الشيخ زويد، الواقعة بين العريش ورفح. وقد أدت وحشية قمع الأمن والجيش، خاصة سياسة الجماعي التي اعتمدتها السلطة ضد الأهالي، إلى اتساع قاعدة المقاتلين في سيناء.
وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس لاحقا ولاءها لتنظيم الدولة، وغيرت اسمها رسميا لتصبح "ولاية سيناء". ورغم مبايعتها لتنظيم الدولة، فإنه من اللافت للنظر أنه خلافا للوضع في ليبيا -على سبيل المثال- فإن الجهاديين المصريين هم بدو محليون.
وذكرت الصحيفة أن نظام السيسي أصبح غير قادر على إقناع بعض البدو بالتخلي عن الالتحاق بتنظيم الدولة. وفي المقابل، فإن سياساته تجعل المصريين أكثر عرضة للتأثر بتنظيم الدولة، وأكثر قابلية للانضمام له. وهذا هو الحال في الجزء المصري من رفح، وهي مدينة مقسمة يقع جانب منها في الأراضي الفلسطينية.
وبينما أوردت الصحيفة عددا من أكثر الهجمات دموية، ذكرت أن المعطيات تشير إلى أن الجيش المصري لم يعد قادرا على تحقيق نصر عسكري ضد المجموعات المسلحة في سيناء.
وفي الختام، لفتت الصحيفة إلى أن رفع الحصار عن قطاع غزة قد يساعد في الحد من موجة التهريب تحت الأرض، الذي لن يتوقف رغم الدمار الذي أحدثته مصر وإسرائيل بالأنفاق؛ ولذلك فإن إنهاء الحصار قد يكون أفضل طريقة لمنع هؤلاء المتشددين من الانتقال للأراضي الفلسطينية.