ملفات وتقارير

بصمات حكومية وراء إقرار برلمان الأردن مشروع قانون الانتخاب

تطغى التركيبة العشائرية إلى جانب رجال الأعمال والمقاولين على المجلس- أرشيفية
تطغى التركيبة العشائرية إلى جانب رجال الأعمال والمقاولين على المجلس- أرشيفية
أثار إقرار مجلس النواب الأردني لمشروع قانون الانتخاب لعام 2016، في وقت قياسي بعد ثلاثة أيام من النقاش، دون تعديل، موجة من الانتقادات للمجلس ولجنته القانونية التي "ضربت بعرض الحائط" مقترحات حزبية ومؤسسات مجتمع مدني لتعديل مشروع القانون.
 
وعبر حزب جبهة العمل الإسلامي (أكبر الأحزاب الأردنية المعارضة) عن أسفه "لإقرار مجلس النواب لقانون الانتخابات وبهذه السرعة دون الأخذ بالاعتبار مطالب الأحزاب السياسية والمئات من اللقاءات الحوارية والنقاشية، ومطالب القوى المجتمعية، والتي كانت تطالب بها لتحسين القانون، ومن ضمنها إقرار القائمة الوطنية وإيجاد عتبة لحسم الأصوات، وأن ينص القانون صراحة على التوزيع الجغرافي للدوائر وأعداد المقاعد بدلا من ترك ذلك للسلطة التنفيذية".
 
ضغوط حكومية

وقال نواب أردنيون معارضون لمشروع القانون إن "ضغوطا حكومية مورست على مجلس النواب لإقرار مشروع القانون دون تعديل"، في حين أكدت النائب هند الفايز، في حديث لصحيفة "عربي21" أن "الحكومة مارست على عدد من النواب ضغوطا لإقرار مشروع هذا القانون وقوانين أخرى"، واصفة إقرار  مشروع القانون بـ"المسرحية".
 
وحذر النائب جميل النمري قبل أيام من مناقشة مشروع القانون، من أن "تقوم الحكومة الأردنية بالضغط على اللجنة القانونية في المجلس لإقرار القانون دون تعديل".
 
واعتبر رئيس مركز "راصد"، المتخصص في مراقبة أداء مجلس النواب، عامر بني عامر، أن "التدخل الحكومي في المجلس لا يُعيب الحكومة بقدر ما يعيب النواب أنفسهم"، مؤكدا لصحيفة "عربي21" أن "الحكومة الأردنية تقوم بالضغط على المجلس وتشكيل لوبيات واستقطابات، وهذا من حقها لضمان بقائها، لكن المشكلة في النواب الذين لا يستطعون أن يؤدوا عملا جماعيا أو كتلويا حقيقيا، ما أضعف العمل الرقابي ومنظومة العمل البرلماني، وهذا مرده إلى كون المنتج من جنس المدخل، وهو قانون الصوت الواحد".
 
مطالب بتغييرات حقيقية

وتطالب أحزاب أردنية ومؤسسات مجتمع مدني بإحداث تغييرات "حقيقية" على مشروع قانون الانتخاب، أبرزها المطالبة باعتماد القائمة الوطنية المفتوحة والدائرة الانتخابية العامة، في حين طالبت منظمات نسوية بمنح مقعد نيابي للسيدات في كل دائرة انتخابية، على نظام "الكوتا".
 
إلا أن البرلمان الأردني أبقى على الترشح وفق قوائم مفتوحة على مستوى المحافظات مع اعتماد التمثيل النسبي في حسم الفائزين، وقسم مشروع القانون المملكة إلى 23 دائرة انتخابية، وأقر بأن تكون كل محافظة في الأردن دائرة انتخابية واحدة باستثناء العاصمة عمان (بـ5 دوائر)، وإربد (بـ4 دوائر)، والزرقاء (بدائرتين)، ومنح المرأة في الأردن 15 مقعدا فقط بواقع مقعد عن كل محافظة.
 
بدوره، عبر أمين عام حزب الوحدة الشعبية (يساري) سعيد ذياب عن "تشاؤمه" من "تغيير تركيبة مجلس النواب، مع إقرار مشروع قانون الانتخاب بشكله الحالي"، معتبرا أن مشروع القانون الحالي هو "إعادة إنتاج لقانون الصوت الواحد في لباس مختلف"، قائلا لصحيفة "عربي21" إن "التغيير سيكون طفيفا بتركيبة المجلس بعد الإبقاء على الدوائر الصغيرة والقائمة المفتوحة، ما يضع دور التمثيل النسبي ويعطي دورا للفرد المتنفذ".
 
اقرأ ايضا: حزبيون يحاولون فك شيفرة "قانون الانتخاب في الأردن 
 
رجال البزنس والعشائر يسيطرون على المجلس

وتطغى التركيبة العشائرية إلى جانب رجال الأعمال والمقاولين، على مجالس البرلمان في الأردن بعد أن قيدت السلطات الأردنية الأحزاب الأردنية تاريخيا من خلال قانون انتخاب "الصوت الواحد"، الذي عرقل وصول قوى سياسية إلى المجلس، كما أن الحكومة الأردنية أصدرت مؤخرا فتوى دستورية "تحرم تشكيل قوائم حزبية لخوض الانتخابات".
 
ورأى أمين عام الحزب الوطني الدستوري (وسطي) أحمد الشناق، أن ما حصل من إقرار مشروع القانون وتجاهل مطالب القوى الساسية يعكس "عدم  وجود نية لاعتماد النظام الحزبي"، مضيفا، بتصريحات خاصة لصحيفة "عربي21"، أن "الحزبية في الأردن يمكن أن تبقى ديكورا، ولا يراد للأحزاب أن تكون قادرة على المشاركة بالسلطة التنفيذية والتشريعية".
 
وقال إن "مشروع القانون لم يأخذ بما توافقت عليه الأحزاب بحوارها مع اللجنة القانونية بالتطوير السياسي للبرلمان، باعتماد القائمة الوطنية مع تحفيزات للأحزاب في تشكيل القوائم الوطنية، ولم تأخذ اللجنة بالاستطلاع الذي أكد أن 40% طالبوا بالقائمة الوطنية، كما أنها تجاوزت ما جاء في الأوراق النقاشية الملكية من وجوب الحزبية كإحدى معادلات الحكم في الدولة".
 
واعتبر الشناق أن القانون "حقق نقلة إصلاحية على مستوى المحافظات وفشل في التطوير السياسي باعتماد النظام الحزبي، من خلال وجود قائمة على مستوى الوطن".
 
وكان رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني عبد المنعم العودات، شدّد في تصريح سابق، على أن "اللجنة لن تغفل أية مقترحات أو آراء ستقدمها القوى السياسية"، إلا أن إقرار مشروع القانون أثبت عكس ذلك، فقد فشلت أيضا منظمات نسائية بتمرير مقترحها الذي يقضي برفع تمثيل النساء بالمجلس.
 
واستمعت اللجنة القانونية في مجلس النواب على مدار أشهر لنحو 1250 مقترحا من أحزاب وقوى سياسية وشعبية، قبل البدء بمناقشة مشروع القانون.
 
لا يرضي طموحات جمعيات نسائية

وقالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، إن الحملة قد نجحت في توعية الرأي العام بأهمية وضرورة مشاركة النساء بالحياة السياسية مشاركة فاعلة وحقيقية، إلا أن نتائج تلك النجاحات لم تنعكس داخل أروقة مجلس النواب الذي لم يتح المجال لعدد من أعضائه وعضواته بإبداء آرائهم حول المادة (8) من مشروع القانون.
 
وتعتقد "تضامن" بأن "النساء هن دائما الحلقة الأضعف حتى من قبل الذين يمثلونهن، غير أن الفرصة لا زالت متاحة أمام تخصيص مقعد نسائي لكل دائرة انتخابية، فمجلس الأعيان يملك صلاحية تعديل نصوص مشروع القانون بما يضمن مشاركة حقيقية للنساء، والتجربة أثبتت أن تحفيز النساء على المشاركة السياسية عزز ثقتهن بأنفسه، فأثبتن قدراتهن ومهنيتهن وقد تمكّنّ من حصد مزيد من المقاعد البرلمانية بالتنافس".
 
وفي خضم الجدل حول إقرار مشروع القانون، أثار التقاط النائب معتز أبو رمان صورة "سيلفي" من تحت القبة، جدلا على شبكات التواصل الاجتماعي حول أولويات بعض النواب، ونشر النائب صورة له على موقع "فيسبوك"، معلقا: "قد أوشكنا على إنهاء قانون الانتخاب للعام 2016، يؤسفني أنه تم التخلي عن القائمة الوطنية".
التعليقات (0)