مقالات مختارة

الأزمة الروسية ومخاطرها

علي بيرام أوغلو
1300x600
1300x600
الأزمة الروسية ليست مجرد أزمة عادية. فنحن اليوم، في مواجهة دولة قادرة على القيام بإجراءات مفاجئة وصلبة، بالإضافة إلى امتلاكها لأحد أقوى الجيوش في العالم.

هذه الدولة، تريد من خلال بوتين العودة إلى زمان كانت فيها قوتها مطلقة. فاهتمامها الزائد بمنطقة الشرق الأوسط، وتدخلها الموجع في سوريا وإنشاؤها لاتفاقيات مصلحة مع إيران، كانت من أحد أسباب ذلك.

وبالتالي، فإن ما يهم روسيا ليس تنظيم الدولة. فقد استخدمت الحرب مع تنظيم الدولة من أجل أن تبدأ بحملات عسكرية في الشرق الأوسط، إلا أنها غيرت حملاتها العسكرية بما يخدم مصالحها وأهدافها.

تقوم روسيا اليوم، بإخلاء الساحة لنظام الأسد، حيث تقوم بمهاجمة معارضي نظام الأسد ليلا نهارا. وأكبر دليل على ذلك، مهاجمتها لمنطقة التركمان التي لا يوجد فيها ولو حتى عنصر واحد لتنظيم الدولة في منطقة بايير بوجاق.

تنتهج روسيا اليوم، سياسة تغلق من خلالها المجال أمام غيرها من دخول المناطق التي تقوم بحمايتها أو السيطرة عليها.

فالطريقة التي قامت بها الطائرة الروسية بخرق مجال الجو التركي، ما هو إلا مثال على ذلك.
لهذا، فإن الروس يعتبرون إسقاط الطائرة تحديا واضحا وصريحا لهذه السياسة التي يتبعونها.
إن دخول تركيا اليوم لمخيم العداوة مع جارتها روسيا التي كانت تقف بجانبها في كثير من المواقف، وتقوم بالتبادل التجاري معها، لا يعتبر دلالة خير.

يمكننا أن نقيم إسقاط الطائرة الروسية من زاويتين.

من ناحية تقنية، فإن تركيا على حق، فقد قامت الطائرة الروسية بخرق مجال الجو التركي غير آبهة بالتحذيرات التي وجهت إليها، وبناء عليه فقد تم إسقاط هذه الطائرة المجهولة الهوية في إطار قواعد الاشتباك الحدودية المعلنة مسبقا.

من الجدير بالذكر، أن التحذيرات التركية لهذه الطائرة موثقة ومسجلة لدى حلفائها.

من ناحية سياسية، يمكننا القول بأن تركيا أخطأت بتصرفها العاجل هذا. فهي تعلم أن احتمال أن تكون هذه الطائرة مجهولة الهوية، أمر صعب. فهذه الطائرة هي إحدى الطائرات الروسية التي تقوم بتفجير مناطق التركمان في بايير بوجاق في منطقة اللاذقية في سوريا، التي تبعد حوالي 30 كيلومترا فقط عن جبل يايلا داغ التركي.

لم يكن من المتوقع، أن إسقاط الطائرة الروسية لن يسبب أي مشاكل؛ فبغض النظر عمن أعطى أمر إسقاط الطائرة الروسية، فإن الأمر أبعد من الالتزام بقواعد الاشتباك المسلح ومن إظهار القوة والثبات في ذلك. 

لقد تولد عن ذلك موقف لا ترغب فيه الحكومة، ولقد تولدت أزمة حقيقية.

مع الأسف، إن احتمال أن ترد روسيا في أقرب فرصة على إسقاط طائرتها احتمال كبير وخطير.

الصحفية وردة أزار، التي تتابع معلومات وراء الكواليس للسياسيين والدوبلوماسيين الأتراك والأجانب، قامت بالأمس بنشر مقال لافت للنظر في صحيفة حرية التركية حول الأزمة الروسية.

وحسب الصحفية وردة أوزار، فقد كانت روسيا تبرر ضربها لمواقع التركمان باقتراب قوات التركمان المسلحة بحوالي 25 كيلو مترا إلى مجالها الجوي في اللاذقية، ومن جهة أخرى فهي تريد إضعاف قوة التركمان ومعارضي الأسد في خط عزاز- جرابلس.

هذه السطور في مقالتها لفتت الانتباه بشكل واضح:

"لقد كان الهدف الثاني لروسيا موجها نحو خط عزاز-جرابلس. فروسيا تريد أن تضعف قوة التركمان المنتشريين على هذا الخط، وذلك لأنها تريد أن يكون حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي هو المسيطر الوحيد على ذلك الخط.

ذلك لأنها تسعى إلى تقوية نفوذها في المنطقة عن طريق حزب الاتحاد الديمقراطي الذي اقتربت منه لفترة وجيزة من جهة، ومن جهة أخرى لتجعل القوات الأمريكية بحاجة إلى دعم حزب الاتحاد الديمقراطي فيما إذا قامت بحملات برية....".

نأمل أن ينتهي التوتر المترتب على أزمة الطائرة في أقرب وقت ممكن.

ولكن يبدو أن الأمور معقدة كثيرة، وتسير نحو تعقيد أكبر.

عن صحيفة يني شفق التركية
التعليقات (0)