صحافة دولية

إندبندنت عن هجمات باريس: إنها الحرب.. ولكن ليس كما نعرفها

إندبندنت: لن نستطيع الخروج من حرب تنظيم الدولة  إلا بتوحيد الجهود - أ ف ب
إندبندنت: لن نستطيع الخروج من حرب تنظيم الدولة إلا بتوحيد الجهود - أ ف ب
تقول صحيفة "إندبندنت" البريطانية في افتتاحيتها حول هجمات باريس: "عندما تقع هجمات عنيفة تصبح هناك نزعة للمبالغة، فعندما وقع هجوم (شارلي إيبدو) في كانون الثاني/ يناير، وصفت تلك الهجمات بـ(الفعل الحربي)، وتلك كانت مبالغة؛ فالهجوم على (شارلي إيبدو) كان محددا ضد أعداء العقيدة للإسلاميين".

وتضيف الافتتاحية: "صحيح أنه هجوم جبان وخسيس، ولكنه كان شبيها باغتيال هيتوشي إغاراشي، مترجم كتاب آيات شيطانية لسلمان رشدي إلى اليابانية، ومخرج الأفلام الهولندي ثيو فان كوخ، حيث قتل أشخاص محددون لأسباب محددة".

وتشير الصحيفة إلى استخدم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عبارة "فعل حربي" لوصف هجمات باريس، وتقول: "هذه المرة كان محقا، فالهجمات العشوائية والمنسقة بشكل جيد ليلة الجمعة كانت فعلا حربيا، وهو أقرب ما يكون من (القصف المكثف)، الذي وقع للمدن الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية".

وتستدرك الافتتاحية بأن "الفرق هذه المرة أنه لم تكن هناك صفارات إنذار ولا ملاجئ، والخوف الحقيقي أن هذه الهجمات قد تقع في أي وقت، وتأتي من أي اتجاه. وهؤلاء المفجرون ليسوا مثل مفجري الجيش الجمهوري الإيرلندي، فهم يتوقعون بل ويرويدون الموت. ولا يمكن تخيل شيء أكثر إرعابا من الهجمات الكيماوية أو البيولوجية".

وتجد الصحيفة أن "حقيقة كون هذه حرب الكل فيها معرض للخطر تغير من ردة الفعل. وبعد هجوم كانون الثاني/ يناير، كان التضامن مع ضحايا الهجوم في (شارلي إيبدو) خياريا، ولكن اليوم أصبح الوقوف معا ضروريا. دعونا نستوعب الدرس: نحن متورطون بعمق مع عدو يملك قوة استراتيجية كبيرة، ودعما ماليا ضخما وآلاف المقاتلين الجاهزين للموت، كما كان الجيش الإمبريالي الياباني. والأسوأ من هذه كله وجود الآلاف من المؤيدين يعيشون بيننا. وهذا هو الخطر الذي يواجهنا".

وتلفت الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن "فرنسا استهدفت بشكل غير متكافئ لأسباب لا تزال قيد النقاش، ولكن الدول التي حاربت هذا العدو كلها معرضة للانتقام بالأسلوب ذاته، ومن الضروري جدا أن يكون هناك رد فعل منسق وموحد على المستوى الدولي".

وترى الصحيفة أنه "إذا كان ضحايا هجمات باريس الـ 129 تسببوا في توحيد المجتمعين في فيينا لبحث الشأن السوري ضد تنظيم الدولة، فإن دمهم لم يذهب سدى".

تداعيات سوريا

وتبين الافتتاحية أنه "يمكن العودة بجذور هذه الحرب إلى غزو العراق عام 2003، التي وقفت هذه الصحيفة ضدها. فالإطاحة بصدام، الذي كان ديكتاتورا شريرا، حطم توازن القوى في المنطقة لصالح إيران وحلفائها الشيعة، ما أدى إلى عزل (الأقلية السنية)".

وترى الصحيفة أن "هذه النتيجة غير المقصودة، بالإضافة إلى حل الجيش العراقي، أديا إلى قيام تنظيم الدولة، الذي يمتاز بوجود عدد كبير من الضباط السابقين، الذين اكتسبوا خبرة كبيرة خلال الحروب التي خاضوها أيام حكم صدام حسين".

وتقول الافتتاحية: "لذلك نعم، إنه خطؤنا، بالطريقة ذاتها التي كان فيها مؤتمر فرساي خطأ الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى. ولكن إدراك أخطاء المؤتمر لم يجعل من النازيين أقل تهديدا. ولا يغني كون تنظيم الدولة ناشئا عن الأخطاء السياسة والعسكرية الغربية عن ضرورة هزيمته".

أوروبا غير الموحدة

وتنوه الصحيفة إلى البعد الأوروبي في الأزمة قائلة: "يدعى أن أحد المهاجمين كان قد وصل أوروبا عن طريق اليونان، مع حوالي نصف مليون لاجئ، الذين عبروا أوروبا العام الماضي. ما يجعل التخوف من أن إرهابيين اندسوا بين اللاجئين أمرا معقولا، وسيشجع هذا الخطاب المليء بالإسلاموفوبيا للحزب القومي الفرنسي وحلفائه في اليمين المتطرف في كل مكان".

وتجد الافتتاحية أنه "ينبغي على أوروبا أن تعمل متحدة لحل مشكلة اللاجئين، وتقديم أشكال المساعدة كلها للفارين من جحيم الحرب في سوريا، ولكن لكي ننجح في ذلك دون أن تقوم دول في بناء جدران في الشرق الأوروبي، فإن على أوروبا أن تعمل بحزم لحماية حدودها الخارجية من استغلال مهربي البشر".

وتستدرك الصحيفة بأنه "للأسف فإن هذا الأمر كان ضروريا لفترة طويلة، ولكن رد الفعل الأوروبي كان ضعيفا لفترة طويلة، ولذلك فإن احتمال التحول نحو وضع أفضل هو احتمال ضئيل. ولكن إن فشل الاتحاد في اتخاذ إجراءات حماية فستواجه أوروبا خطر التفكك، بينما يستمر جنود تنظيم الدولة في العبور بسهولة للقارة دون إعاقة تذكر".

وتشير الافتتاحية إلى أن "ما تحتاجه أوروبا هو سياسة من ثلاث شعب: استبدال وكالة (فرونتيكس) غير الفاعلة بقوة حماية حدود حقيقية تستطيع حراسة الحدود، ونظام غربلة فاعل يخرج اللاجئين الاقتصاديين، ويبقي على اللاجئين الحقيقيين".

وتتساءل الصحيفة: "هل تتسبب الجمعة السوداء بإيقاظ الاتحاد الأوروبي من سباته، وتجعله يطبق مثل هذه السياسات؟ نأمل ذلك".

الأمن

وتعتقد الافتتاحية أن "الحرب هذه الأيام مختلفة، في الماضي عندما كانت تعلن الحرب كان هناك استيعاب للتبعات، أما اليوم فننزلق دون سيطرة نحو مستنقع الحرب، ونحاول التمني أن تبتعد الحرب عنا بالتصرف وكأن كل شيء كما كان في السابق".

وتختم "إندبندنت" افتتاحيتها بالقول: "هذا التراخي لم يعد ممكنا. وخطورة هجمات إرهابية، كتلك التي عانت منها مومباي عام 2008، واردة في لندن، كما تدرك ذلك المخابرات البريطانية، والآن وبعد هجمات باريس نعرف كيف شكلها. فهذه هي الحرب التي نحن فيها، ولن نستطيع الخروج منها إلا بتوحيد الجهود".
التعليقات (1)
الكثيري
الإثنين، 16-11-2015 10:04 م
هناك حل أسهل بكثير وغير مكلف اتركوا بلاد العرب للعرب فنرتاح وتستريحون