ناقش
معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى تبعات معركة أكراد
العراق ضد
تنظيم الدولة، نقلا عن جولات ميدانية قام بها الباحثون.
وأعد الدراسة كل من مايكل نايتس، الذي رافق قوات التحالف في العراق لمدة ثلاثة أسابيع، ولاهور طالباني، رئيس مخابرات
كردستان العراق.
حملة الجزيرة
وقال نايتس بدوره إن "قوات الائتلاف في العراق تقف على عتبة ما يمكن أن يسمى بحملة الجزيرة"، موضحا أنها "الحرب بين نهري دجلة والفرات"، التي يتوقع أن تركز عمليات هذه القوات في العام المقبل على المساحة بين الموصل والرمادي امتدادا باتجاه الشمال نحو معقل تنظيم الدولة في الرقة في سوريا.
واعتبر نايتس أن "الأكراد سيؤدون دورا تتزايد أهميته في هذه الحملة؛ إذ إنهم فعّالون على اثنتين من الجبهات الرئيسية الثلاث ضد تنظيم الدولة، حيث يتوجه الائتلاف نحو اعتماد مفهوم القوة البرية، فيقوم بتسليح وتجهيز الوحدات القائمة التي يمكنها أن تحقق انتصارات على أرض المعركة بدلا من محاولة بناء وحدات جديدة وهائلة".
وأوضح الكاتب أن اثنتين من القوات الكردية ستؤديان المهمة -وهي البيشمركة المنبثقة من حكومة إقليم كردستان في شمال العراق وعناصر من "قوات سوريا الديمقراطية"- دورا رئيسيا في هذا المفهوم.
وسيكون دور الأكراد قطع خط تنظيم الدولة من الموصل إلى الرقة، الذي لا يشكل خطا عسكريا فحسب، بل اقتصاديا وسياسيا أيضا، وحاليا، يتنقل الدعم المتوفر لتنظيم الدولة بتأهب بين هاتين "العاصمتين"، ويتطلب قطع هذا الخط شن هجوم على مناطق مثل سنجار والحسكة والهول والشدادي.
وسيكون الدعم الكردي مركزيا لهذه الجهود ولقطع الجزء الجنوبي الشرقي من أراضي تنظيم الدولة في محافظتي ديالى وصلاح الدين جنوب بيجي. ويستطيع الأكراد أيضا دعم هجمات القبائل السنية على "المفصلة" في الحويجة والزاب، التي تقع مباشرة غرب كركوك، بحسب ملاحظات الكاتب الذي كان على خط الجبهة مع الأكراد.
وحول التحديات التي يواجهها الأكراد، أشار نايتس إلى أنها تتمثل بالتصور بأن تقدم الأكراد محدود، فإذا تقدموا بعمق كبير داخل مناطق عربية فليسوا مرحبا بهم فيها، من الممكن أن يثيروا غضب السكان المحليين، مشيرا إلى أنهم "مستعدون لتجاوز حدود معينة لغرض تحقيق هدف أكبر وهو إلحاق الهزيمة بـ"تنظيم الدولة"، علما بأن مثل هذه الإشارات ستستقطب دعما أكبر للائتلاف.
ويتمثل تحد آخر في أن المؤسسات العسكرية في حكومة إقليم كردستان غير متطورة إلى حد كبير مقارنة بسائر أنحاء البلاد، ونتيجة لذلك، يفتقر الأكراد القدرة على الاستفادة من المساعدة الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة وتحويلها إلى وحدات جديدة. فهم لم يتمتعوا قط ببرامج تدريب وتجهيز كبيرة من الولايات المتحدة على غرار بقية مناطق العراق، وعليهم بالتالي تطوير هيكلية تدريب أكثر وضوحا.
وتابع بقوله إن هناك تحديا آخر يتمثل بعدم وحدة عناصر القيادة الكردية، حتى على الخطوط الأمامية، حيث يعم التنافس بين الأكراد في سنجار وغيرها من المواقع الرئيسية، وتنقسم القوات العراقية الكردية في ثلاثة توجهات: "الاتحاد الوطني الكردستاني"، "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، ووزارة البيشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان، ويعوق هذا الانقسام دعم الائتلاف وحتى الأداء في ساحات القتال.
"ساحة واحدة"
بدوره، دعا رئيس جهاز المخابرات في كردستان، لاهور طالباني، إلى "التعامل مع الساحتين العراقية والسورية في الحملة ضد تنظيم الدولة وكأنها ساحة واحدة"، موضحا أن "الحدود بين البلدين تآكلت، ولا تبعد الرقة عن الموصل سوى أربع ساعات.
وأضاف لاهور بقوله: "أما في كردستان العراق، فينبغي أن يتم قطع هذه الصلة في سنجار، ما قد يزيد بشكل كبير من الوقت اللازم لنقل الإمدادات من الرقة إلى الموصل".
أما بالنسبة لإقليم كردستان العراق، فعليه مواجهة العديد من التحديات المالية والسياسية فهي لم تتمكن من دفع رواتب الجنود أو الموظفين المدنيين لعدة أشهر، وقد تأثر مدخولها بشدة بسبب هبوط أسعار النفط. ويبحث الأكراد عن سبل لإصلاح هذه المشكلة، ولكن من غير المتوقع أن تتبدد كليا في العام المقبل.
وأشار إلى أنه "بإمكان هذه المشكلات المتعلقة بالميزانية أن تؤثر على القتال ضد التنظيم، فعلى سبيل المثال، مع اقتراب فصل الشتاء، قد يحاول التنظيم اختراق خطوط قوات البيشمركة، ولا تزال حكومة إقليم كردستان غير قادرة حاليا على توفير تجهيزات الشتاء اللازمة لقواتها، وفي حين أنها ممتنة لجميع المساعدات التي تلقتها خلال العام والنصف الماضيين، لكنها ما زالت تفتقر للذخيرة الكافية في مخزونها وتحتاج إلى المزيد.
واعتبر طالباني أن "تقديم الدعم للبيشمركة أمر ضروري، فحتى لو لم تتقدم هذه القوات أكثر من ذلك، إلا أنها تؤدي دورا حاسما في مواجهة قوات تنظيم الدولة على جبهة واسعة".
وأكد لاريهاني على أهمية "عمل الفصائل الكردية معا بشكل أوثق، "فقبل أربع سنوات، تم تأسيس مجلس الأمن الإقليمي لحكومة إقليم كردستان لزيادة تبادل المعلومات بين الوكالات الاستخباراتية المختلفة.
واختتم لاريهاني بدعوته الأكراد لأن يكونوا "واقعيين" عندما يتعلق الأمر بالدعوة إلى الاستقلال، في وقت يعاني فيه اقتصاد حكومة إقليم كردستان من "حالة من الفوضى"، بينما الوضع العسكري المتعلق بتنظيم الدولة، والضغط المفروض من البلدان المجاورة، يجعلان الأمر واضحا بأنه الآن ليس وقتا مناسبا لمناقشة مسألة الاستقلال.