ملفات وتقارير

خبير أردني يحاول تفكيك أحجية "داعش" بندوة عامة

الضربات الجوية لم تؤثر في التنظيم - أرشيفية
الضربات الجوية لم تؤثر في التنظيم - أرشيفية
حاول الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية والإسلام السياسي حسن أبو هنية تفكيك أحجية تشكل تنظيم الدولة وسر صموده أمام الآف الضربات الجوية والمعارك التي يخوضها التحالف الدولي وبعض القوى المحلية والمليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق.
 
وبدأ الخبير في ندوة عقدت بالعاصمة الأردنية عمان، بمحاولة فرز العوامل التي أدت لظهور التنظيم وسر "جاذيته" للشباب من كلا الجنسين، مستعرضا في البداية تاريخ بروز التنظيم وبعض أدبياته، واصفا إياه بأنه مختلف عن أي تيار جهادي عرف سابقا.

وقال أبو هنية إن "المرجعية الفقهية والفكرية الأساسية التي بني عليها التنظيم تمثلت بكتب أبي عبد الله المهاجر وخصوصا مسائل في فقه الجهاد، وكتاب إدارة التوحش لأبي بكر ناجي".
 
ونجح التنظيم بحسب أبو هنية في "إدارة مناطق الصراع من التوحش واستثمار الفوضى، استنادا لكتاب أبي بكر ناجي، حيث أقام المحاكم والمؤسسات وطبق القوانين على أعضائه وقام بمعاقبة بعضهم وإعدام البعض منهم".
 
بنية هيكلية وإدارية متطورة

ويقوم التنظيم  كما يقول الخبير، على بنية هيكلية وإدارية متطورة وفعالة، حيث إنه عمد للمزاوجة بين الشكل التقليدي للتنظيمات الإسلامية، ويقوم على هيكل واضح يتمثل بوجود خليفة كقائد ديني وسياسي، بالإضافة لوجود مجلس شورى يقوم برسم السياسات العامة ويناقش القضايا المستجدة ويتمتع بصلاحيات عزل الأمير وغيرها من الأمور، وهناك أهل الحل والعقد وهم من يقومون بتنصيب الخليفة، وهناك الهيئة الشرعية التي تتولى الملف الشرعي وصياغة خطابات الخليفة، وهناك الهيئة الإعلامية لإيصال رسائل التنظيم السياسية، وهناك بيت المال المسؤول عن كل الأمور المالية، وأيضا المجلس العسكري الذي يضم قوات التفخيخ والقنص والدعم اللوجستي والاقتحام والاستشهاديين، وهناك المجلس الأمني الذي يتولى الأمن والاستخبارات، وهناك التقسيم الإداري أو الولايات وتقسم الولايات إلى قواطع يرأسها أمير يندرج تحت مسميات إدراية مختلفة.
 
عوامل سياسية واجتماعية لعبت دورا كبيرا في بروز التنظيم

يؤكد الباحث أن عوامل سياسية واجتماعية لعبت دورا كبيرا في بروز التنظيم وقدرته على جذب المقاتلين، من أبرزها "الظروف التي خلقها الاستبداد والطائفية والاحتلال، فقد برز التنظيم بقوة بعد سياسات التهميش والإقصاء التي مورست ضد المكون السني بعد احتلال العراق واستثنائهم من العملية السياسية".
 
ويشدد الباحث على أن "غياب الإصلاح وغياب العدالة والتعددية الاجتماعية وإفقاد الأنظمة الديكتاتورية العربية الشباب لأي أمل في التغيير، ساهم في ارتفاع جاذبية التنظيم الذي أعطى فرصة للشباب للانتقام من الظالم والقاتل".
 
ودعا أبو هنية الأنظمة العربية "لإعطاء الأولوية لخلق مناخات للأمل في الحرية والنماء والديمقراطية.. قبل الحديث عن إصلاح النص الديني في المناهج".
 
الضربات الجوية لا تؤثر في التنظيم
 
يقول الباحث إن "الضربات الجوية التي شنتها قوات التحالف على التنظيم في سوريا والعراق لم ولن تؤدي لإنهاء التنظيم، إذ تشير الأرقام إلى أن التنظيم تمكن من تجنيد ما يزيد على 35 ألف مقاتل منذ عام 2011، كما أنه تمكن من السيطرة على مساحات واسعة بلغت 45% من مساحة العراق و50% من سوريا، واستطاع إنشاء 40 ولاية على مستوى العالم".
 
وأكد أبو هنية أن "التحالف ضد التنظيم كان شكليا إذ نفذ الأمريكان 6800 طلعة جوية بما نسبته 87% من غارات الدول الأخرى، ما أسفر عن مقتل 12 ألفا من التنظيم، ولم يعد لدى الأمريكان الآن بنك أهداف داخل الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم كونها قصفت خلال الأشهر الثلاث الأولى من بدء القصف".
 
ويرجح أبو هنية "عدم رغبة دول التحالف والدول العربية وروسيا بالنزول إلى الأرض لمحاربة التنظيم، حيث سعت الولايات المتحدة لمحاربته من خلال القوى المحلية المعارضة وطبقت برنامج تدريب المعارضة السورية المعتدلة الذي كلف نصف مليار، وقد بدأ البرنامج بـستة آلاف مقاتل لينتهي بخمسة مقاتلين، ليعود العالم إلى الحديث عن تأهيل الأسد في محاربة الإرهاب".
 
إستراتيجية تنظيم الدولة في الحروب
 
يقول الخبير أبو هنية إن "تنظيم الدولة اتبع أسلوب الحرب الاستراتيجية على خلاف التنظيمات الأخرى، مستندا على خبرة ضباط سابقين في حزب البعث العراقي، أمثال حجي بكر وعبد الرحمن البيلاوي، وأصبح الجناح العسكري أكثر حرفية، وبدأ التنظيم بتطبيق استراتيجية قامت في البداية على سياسة التطهير من خلال ضرب الصحوات والمخالفين قبل ضرب العدو، باعتماد مبدأ تسع رصاصات للمرتدين ورصاصة للصليبيين".

وقال: "واكبت العمليات العسكرية ماكنة إعلامية دعائية تمثلت بإصدرات مؤسسة الفرقان التي بينت تكتيكات التنظيم العنيفة والاستراتيجية المرعبة، فقد أصدر التنظيم سلسلة من الأفلام المتقنة، مثل صليل الصوارم، وهي عبارة عن سلسلة من العمليات القتالية. وأراد التنظيم من خلال هذه الأفلام بث الرعب وإرسال رسالة للمجتمع السني أن لا خلاص لهم إلا من خلال القوة"، بحسب أبو هنية.
 
ويفسر الخبير سبب قرار خليفة التنظيم أبي بكر البغدادي، بوقف عمليات تصوير قطع الرؤوس والتركيز على العملة الذهبية للتنظيم، بأنه "محاولة منه لجذب الناس من خلال إبراز الاستقرار والتنمية في المناطق التي تخضع لسيطرته على عكس المناطق الأخرى التي يغزوها الفقر والكوليرا".
 
السيطرة على مصادر التمويل والثروات
 
يؤكد الخبير أبو هنية أن "التنظيم قام باتباع استراتيجية السيطرة على مصادر النفط والثروات وحرمان القوات المعادية من هذا الدخل، بحيث تعجز عن تمويل الحرب، وهذا ما حصل مؤخرا عندما عاد ليسيطر على مصفاة بيجي أو إبقائها تحت مرماه، كما أنه سيطر على آخر مصادر النظام السوري النفطية، ونقل ثقله في ليبيا إلى سرت للسيطرة على الحقول النفطية، وباتت الحكومة العراقية والليبية عاجزة عن تمويل الحرب وصرف الرواتب للجنود".
 
 ويعتقد الباحث في ختام الندوة أن "هنالك فضاءات جيو سياسية جديدة تتشكل في المنطقة، في كل من سوريا واليمن وليبيا والعراق التي لن تعود كما كانت في السابق.. ويتمثل عنوان المرحلة القادمة بانهيار الدولة القطرية".
التعليقات (1)
Observer
الأربعاء، 30-09-2015 03:54 م
ويشدد الباحث على أن "غياب الإصلاح وغياب العدالة والتعددية الاجتماعية وإفقاد الأنظمة الديكتاتورية العربية الشباب لأي أمل في التغيير، ساهم في ارتفاع جاذبية التنظيم الذي أعطى فرصة للشباب للانتقام من الظالم والقاتل". Very true