حول العالم

المطبخ الفلسطيني شكل من أشكال "المقاومة الثقافية"

فاطمة قدومي تقوم بتعليم كيفية صنع الأطباق على الطريقة الفلسطينية في نابلس - أ ف ب
فاطمة قدومي تقوم بتعليم كيفية صنع الأطباق على الطريقة الفلسطينية في نابلس - أ ف ب
تصنع فاطمة قدومي في مطبخ صغير في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة بعض الأطباق التقليدية، مثل الكوسا المحشي والحمص في مسعى منها، كما تؤكد، لدعم القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن "هناك طرقا أجمل للدفاع عن الوطن" من الحرب.

وتقول السيدة في المطبخ الموجود في مركز "بيت الكرامة" النسوي في البلدة القديمة، التي عانت كثيرا خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إن "الصراع حول الثقافة وحول الوجود (بصفة فلسطينيين) هو أصل الصراع مع الإسرائيليين".

وخطرت لقدومي في العام 2008 "فكرة مجنونة"، وهي دروس في أصول الطهو على الطريقة الفلسطينية.

وتقول إن هناك أكثر من 1200 شخص قدموا إلى هذا المطبخ من "الصين وأستراليا والدول الإسكندنافية وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها".

وهنا يقوم الزوار الأجانب بمحاولة تحضير الأطباق مع سيدات فلسطينيات من المدينة، على غرار الأمريكي ريكس الذي أتى مع زوجته من واشنطن، وهما يتعلمان أصول أعداد طبق شهير في نابلس، الكوسا وورق العنب المحشي.

يبدو صعبا للزوار مضاهاة نضال الطاهية المتمرسة المسؤولة عنهم.

لكن "حسن الضيافة" التي يلقونها، و"مشاركة السكان حياتهم اليومية" في المدينة التي كانت رمزا للانتفاضة الثانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يكفيان.

وتقول نضال للزوار قبل أن تشرع في شرح طريقة حشو الكوسا: "على الرغم من الاحتلال، نحب استقبال الضيوف، ونحب أن نطبخ، وأن نحضر الولائم".

وتجتهد فاطمة في تعريف زوارها على تاريخ بلدها وثقافته. فقبل البدء بتحضير الأكل، تصطحبهم في جولة على المتاجر الصغيرة في البلدة القديمة، وتشير إلى بعضها قائلة: "إنها موجودة هنا منذ قرن".

وتضيف: "هنا تباع البضائع الفلسطينية فقط"، وهي تنتهج في مؤسستها "بيت الكرامة" مقاطعة السلع الإسرائيلية التي تغرق الأسواق الفلسطينية.

وتقول: "وراء المطبخ، هناك سياسة ومقاومة. يرون مدينتنا وحياتنا انطلاقا من وجهة نظرنا. ويستطيع الأجانب أن يحكموا بعدها على الفلسطينيين".

وتضيف: "نستطيع التحدث بهدوء أكثر وبسهولة أكثر على مائدة الطعام".

انضم بيت الكرامة إلى حركة "سلو فود" (الطعام البطيء) الدولية، التي تسعى لتعزيز فن الطبخ التقليدي في مواجهة موجة الوجبات السريعة.

ويقدم بيت الكرامة كل عامين أطباقه في معرض فنون الطبخ في تورينو في إيطاليا. وتقول فاطمة بفخر: "تركنا الإسرائيليين يتكلمون لوقت طويل جدا. والآن هناك جناح لإسرائيل وأيضا جناح لفلسطين".

فالنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يقتصر على الأرض، وإنما أيضا على بعض الأطباق والمأكولات مثل الحمص (الطرطور) الرفيق الدائم للفلافل.

يعد مطعم "أبو شكري" في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة أهم مطعم حمص في المدينة، وقد أصبح مركزا مهما لجذب السياح بعد الانتهاء من زيارة الأماكن المقدسة.

وورث ياسر طه المطعم عن والده الذي افتتحه في العام 1948، ويقول: "تعلم الإسرائيليون صنع الحمص منا. قدموا لاحتلالنا، واكتشفوا ما هو الحمص".

ويتابع الرجل الستيني ضاحكا، "الآن يقولون إنهم هم من اخترعه". ويجلس عدد من الإسرائيليين في المطعم وسط السياح.

ويقول الداد (52 عاما) الذي قدم مع ابنته، "انظروا إلى الصحون: إنها فارغة!". ويضيف -وهو يأكل اللقمة الأخيرة من صحن الحمص-: "نحن نحب أن نأتي إلى هنا، الأكل لذيذ".

وإذا كان البعض يرون أن الأطعمة المشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين من شأنها أن تشكل مساحة تلاق، على غرار الإسرائيلية نيتا التي ترى أن طبق الحمص "المشترك بيننا قد يجمعنا ويجلب السلام"، إلا أن هذا الرأي قد لا يروق للكثيرين.

ففي البلدة القديمة، تحتدم المنافسة على إثبات "ملكية" الأطباق التقليدية، إذ يبيع البعض بطاقات بريدية تظهر الفلافل مع علم إسرائيلي، بينما تعرض محلات أخرى بيع بطاقات عليها الفلافل مع العلم الفلسطيني.
التعليقات (0)