قضايا وآراء

اقتحام المسجد الأقصى وحرق المقدسيين.. مخاطر تطبيع الوعي مع العدوان

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
في توقيت مريب ومع انشغال الكثير من الشعوب العربية والإسلامية بصراعات داخلية مع أنظمة استبدادية فاشية تنافس العدو الصهوني في سفك الدماء وتدمير المقدسات والفساد في الأرض، ومع بوادر نجاح المخططات الغربية والإيرانية في إغراق المنطقة العربية في صراع طائفي. في ظل هذه الأجواء المضطربة تتكرر الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى لمحاولة إخلاء المسلمين منه بالقوة، وتهيئة الأجواء للمستوطنين والمتطرفين اليهود لإحياء فعاليتهم اليهودية في المسجد الأقصى، وتمهيدا لطمس هوية المسجد الأقصى الإسلامية وهدمه وإعادة بناء الهيكل المزعوم على أطلاله.

ومع غمرة انشغال الإعلام العربي والإسلامي  باضطرابات الداخل تتكرر عمليات الاقتحام وتقتصر الاحتجاجات في الدائرة الضيقة للعرب المسلمين في بيت المقدس، ويبدأ الإعلام العربي بالتعامل مع حوادث الاقتحام كحوادث اعتيادية يومية ولا يعطيها حقها من التناول الذي يحولها إلى قضية رأي عام دولي يضغط لتوقيف هذه الانتهاكات وإدانتها وتضغط فيه الشعوب العربية والإسلامية على أنظمتها أولاً لاستخدام أدوات الدبلوماسية وأدوات الضغط السياسي والاقتصادي أو على الأقل توقيف عمليات التسوية التطبيعية كحد أدنى من أدوات الضغط.

وتتكرر هذه الاقتحامات من وقت إلى آخر لترسيخ هذه الاعتيادية في التعامل مع جرائم الاقتحام والتدنيس ويتوقع العدو الصهيوني أن تفضي هذه الاعتيادية للاقتحامات إلى تطبيع الوعي مع الجرائم للتمهيد لما هو أكبر من مجرد الاقتحامات وانتهاءَ بطمس هوية المسجد وتحويله إلى معبد يهودي.

وبالتزامن مع هذه المخططات فإن عمليات الهدم جارية على قدم وساق وبأساليب ظاهرة وباطنة بواسطة الأنفاق وغيرها وفي كل عملية اقتحام يتم تدمير شئ ما كما تم تدمير البوابة الرئيسية في الاقتحام الأخير. وفي كل عملية اقتحام يتم تكثيف التواجد الصهيوني وتعطيل ممارسة الشعائر الإسلامية في المسجد واستخدام الرصاص في تفريق جموع المحتجين واعتقال أبرز الناشطين. ولا يراعي العدو الصهيوني حتى حرمة النساء المصليات في الجامع اللاتي يتعرضن للضرب ومختلف أنواع الاعتداءات ومنها الاعتداء بالرصاص ويتزامن ذلك مع تدفق آلاف الصهاينة بحماية أمنية لاحياء احتفالاتهم الدينية المزعومة في ذكرى خراب الهيكل في الوقت الذي وجهت فيه جمعيات يهودية مختلفة دعوات لليهود للوصول  إلى ساحات المسجد الأقصى وعدم الاكتفاء بإقامة الشعائر اليهودية في باحة حائط البراق...

وتهدف هذه الاقتحامات الصهيونية فيما تهدف إليه إلى قمع حركة الاحتجاجات الفسطينية التي نظمها أبناء القدس دون اي غطاء عربي أو إسلامي يوفر الحماية للمقدسيين في احتجاجهم المستمر على قوات الاحتلال الصهيوني. كما يهدف العدو الصهيوني إلى ترسيخ فكرة التقسيم الزمني للمسجد الأقصى بصورة مرحلية فيتم منع المسلمين من ممارسة شعائرهم التعبدية واخلاء الساحة لليهود لممارسة شعائرهم. 

ولكن الصدمة الكبرى التي فاجأت العالم أن الصمت العربي و الإسلامي عن هذه الاقتحامات فتح شهية المستوطنين لجرائم أبشع. فإحراق أسرة مقدسية يستشهد فيها رضيع لم يتجاوز الثمانية  عشر شهرا حرقا، ولحقه والده بعد استشهاده بأيام لم يحرك للعالم ضميرا، و لم ينبه الأمة لما هو قادم.

إن حركة الاحتجاجات المقدسية بحاجة إلى تصعيد عربي وإسلامي على جميع المستويات لمنع تكرار هذه الجرائم واحترام مقدسات المسلمين وافشال خطة التهويد الإسرائيلية للقدس و طرد المقدسيين منها. لا سيما بعد نجاح الصهانية في تمرير قانون يعتبر ساحات المسجد الأقصى ساحات عامة وضعف حركة الاحتجاجات لاسقاط هذا القانون بل في ظل حالة مريبة من الصمت العربي تجاه القضية الفلسطينية و قضية المسجد الأقصى، وتسارع وتيرة التطبيع الذي تنتهجه بعض الدول العربية على حساب القضية الفلسطينة وقضية المسجد الأقصى..
التعليقات (0)