حول العالم

خبراء: الأسر المفككة تنتج أطفالا غير أسوياء

يحتاج الطفل إلى حنان الأب والأم وأن يكون محاطًا بالأمان لينشأ نشأة سوية - تعبيرية
يحتاج الطفل إلى حنان الأب والأم وأن يكون محاطًا بالأمان لينشأ نشأة سوية - تعبيرية
تعاني المجتمعات من الكثير من المشاكل الأسرية التي تؤثر بدورها على الأطفال، حيث تصاحبهم الكثير من السلوكيات الخاطئة، ما يؤثر على علاقاتهم بأسرهم وبالمحيط، وبالتالي على حياتهم.

وحول هذا الموضوع قال رئيس قسم الإرشاد النفسي في جامعة العلوم الإسلامية العالمية في الأردن إبراهيم معالي: "عندما يفقد الطفل مصدر الأمان والعطف والحب في الأسرة فإن ذلك يدفعه للتوجّه للخارج، فالأسرة بدلا من أن تكون جاذبة للطفل تصبح طاردة له!".

وتابع معالي لـ"عربي21" بأن هروب الأطفال ولجوءهم للأصدقاء (الشلّة) "يجعلهم فريسة سهلة لأصحاب النوايا السيئة، فالطفل مُعرّض للجذب من عدة جهات خارجية".

فالأسر المُفككة عادة ما ينتج عنها أطفال عدوانيون ويعانون من اضطرابات نفسية جرّاء الأزمات النفسية التي يمرّون بها، بحسب معالي.



وعن الأزمات التي تؤثر علي نفسية الطفل قالت أخصائية الإرشاد النفسي والتربوي الدكتورة هند ناصر الدين، إن "الأزمات والحوادث تؤدي إلى وضع الأفراد في مواقف لم يسبق لهم أن استعدوا لها بشكل ملائم، الأمر الذي يجعل الأفراد عرضة لكثير من المضاعفات (العقلية والمعرفية والانفعالية والسلوكية والاجتماعية والجسدية)، وكل ذلك يؤذي الصحة النفسية".

وأضافت ناصر الدين لـ"عربي21" أن "الأزمة نوع من الضغط الشديد يسببه حدث مُفاجئ غير مُتوقّع، يؤثر على قدرة الفرد في التفكير والتخطيط والمواجهة الفعّالة للمواقف وتكون استجابة الفرد غير منظمة وغير فاعلة".

وتابعت ناصر الدين بأن "الفرد الذي تعرّض لأزمة يمرّ بمرحلتين: الأولى هي مرحلة التأثير وفيها تظهر مشاعر الحيرة والإحساس بالخطر الدائم والارتباك والقلق وعدم الحركة والقنوت والاستسلام والعجز؛والثانية مرحلة المواجهة، وفيها يكون الفرد مستعدا للتجربة وإيجاد بدائل وحلول للمشكلة، وقد تكون بالتكيّف أي بقبول الوضع وتحمّل الضغوطات أو بانفعال، ويكون بتكيّف سيئ، ويتولّد عنه مشاعر سلبية حيث يلجأ الطفل للكحول والمخدرات لنسيان الآلام".



أنواع الأُسر

"ينتج عن الأسر أطفال أسوياء في حال كانت أسرة مستقرة يسودها الحب، أما في حال وجود المشاكل فالعكس صحيح"، بحسب اختصاصي علم النفس والإرشاد إبراهيم معالي.

وقسّم معالي الأسر لثلاثة أنواع:

1. الأسرة الديمقراطية: فيها يسود الحوار والحب والتآلف وينتج عنها أطفال واثقون، قادرون على تحمل المسؤولية.

2. الأسرة المتسلطة: فيها يسود العُنف ويكون أحد الوالدين، الأم أو الأب، متسلطا. وتتميز بإصدار الأوامر فقط، فينتج عنها أطفال مقموعون، مسحوقون، يعانون من الانعزال ويخافون من العقاب.

3. الأسرة السائدة: فيها يفقد الأب والأم وظيفتهم، بحيث ينعدم التواصل بين الأبناء والآباء، ويتهرّب الآباء من المسؤولية. وينتج عنها أطفال الشوارع والأحداث، ويتميز الأطفال بعدم الثقة والعنف.

وبحسب معالي فإن "بعض المجتمعات تفتقد لثقافة اللمس (الاحتضان والقُبلة). إن هناك مصلحة ما خلف هذا التصرف! والطفل يكون بحاجة للعطف والحنان ولا يجده".

وأكد ضرورة "احتواء الأطفال وتوفير بيئة مناسبة لتربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة بحيث تبنى شخصيتهم على الحب والاحترام. وأشار إلى أن طريقة تربية الأسر هذه الأيام تكون على مبدأ المحاولة والخطأ، فالآباء يفتقدون أساليب التربية الصحيحة ويلامون ولا يدرّبون".

وطالب معالي بتكثيف البرامج التربوية التي تهتم بالتنشئة الأسرية، سواء في المناهج المدرسية منذ المرحلة الابتدائية أم في الجامعات، بتخصيص مساقات تتحدث عن الأسرة. وأضاف أن للإعلام دورا كبيرا في طرح مثل هذه البرامج.



الإعلام والأسرة

وعن دور الإعلام في التنشئة الأسرية، قال الإعلامي الأردني نديم الحسن: "أعتقد يقينا أن الغالبية الساحقة من المواد الإعلامية وخصوصا المسلسلات الدرامية والفيديو والكليبات الغنائية والبرامج الأسرية والحوارية (التوك شو) لا تسير باتجاه التنشئة الأسرية السوية في إيصال رسائل للمتلقين بأساليب التربية الصحيحة وانتقاء شريك الحياة بمنهجية متوازنة والتعامل الصائب مع المشكلات، وهذه مشكلة تواجه الإعلام ككل، ومنها ما بات يعرف بالإعلام الإسلامي الذي كثيرا ما يسيء ولو بشكل غير مقصود لقيم التنشئة الصحيحة بسرد بعض القصص أو بث فيديو كليبات غنائية للأطفال تقدم العلاقة الأسرية بقوالب غير تربوية".

وتابع الحسن لـ"عربي21": "المطلوب اليوم أن يرصد الإعلام رغبة الجمهور وأن يلبي الراقي منها وأن يقدم أعماا ترفيهية وإخبارية وحوارية وغيرها ترقى بقيم المجتمع، وتعزز مساحة الحوار البناء، وتقدم نماذج تربوية ناجحة للجمهور".

وتشير إحصائيات وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية إلى أن عدد الأحداث الجانحين عام 2011 بلغ 4747، وفي عام 2012 بلغ 4167 وفي عام 2013 بلغ 4435، ليكون مجموع الجرائم خلال الإحصائيات الأخيرة 13349 جريمة.
التعليقات (0)