ملفات وتقارير

عناصر تنظيم الدولة ينعشون مطاعم الكباب في ريف حلب

كباب
كباب

يجلس عبدالله (12 عاماً) على كرسي أمام باب أحد مطاعم مدينة الباب، في ريف حلب الشرقي، ليستقبل الزبائن بابتسامة عريضة يرسمها على وجهه، يقاطعها بكلمات ترحيبية، ثم يقول للزبون بعد أن يجلسه على الطاولة: "ماذا تريد أن تأكل يا شيخ".

ولا يهدف عبد الله من سؤاله تحديد نوعية الطعام، فالمطعم الذي يعمل فيه لا يقدم إلا وجبة يتيمة، هي "الكباب المشوي"، وإنما يريد تحديد الكمية التي سوف يطلبها من هذا الطعام.

يقول عبد الله لـ"عربي21" إن النسبة الكبيرة لمرتادي المطعم هم من عناصر تنظيم الدولة، الذي يسيطر على هذه المدينة الأكبر على مستوى الريف الحلبي. ويضيف وهو ينظف الطاولة: "يتعامل عناصر الدولة معي بلطف، ويمازحونني ويقولون لي إن لم يكن الشاي الذي سوف تقدمه لنا عقب الطعام ساخناً، سنقوم باصطحابك إلى السجن".
 
وتشتهر مدينة الباب بنشاطها التجاري والصناعي، إلا أن مذاق لحومها الفاخرة مشهور ومعروف لدى جميع الحلبيين، ويعزو الأهالي ذلك إلى تنوع المراعي المحيطة بالمدينة، التي تنعكس على مذاق لحوم الأغنام في الباب، فيما يقول آخرون إن مهارة الطهاة هي من تعطي الكباب البابي ميزة عن سواه.
 
ورغم أن المدينة تشهد قصفا جويا متقطعا من قبل نظام بشار الأسد، ويؤدي ذلك إلى مجازر اعتادت عليها المدينة، إلا أنها تعَدّ من أكثر المدن ازدحاما بالسكان، حيث باتت المركز التجاري الرئيسي في محافظة حلب، بعد دمار أغلب أحياء مدينة حلب. ويساهم في هذا الازدحام أيضا التمركز الجغرافي لمدينة الباب، حيث تعَدّ المدينة نقطة اتصال حلب بباقي المحافظات السورية الشرقية.

مقابل هذا النشاط، تنتشر في المدينة العشرات من المطاعم المختصة بتقديم وجبة الكباب المشوي على الفحم، المكونة من لحوم أغنام العواس السورية مرتفعة الثمن، بفعل الأوضاع السائدة في البلاد، والتهريب الذي يطال قسما كبيرا من قطعان الماشية حول المدينة إلى الأراضي التركية، وقابل ذلك ارتفاع في أسعار هذه الوجبة الشعبية، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من الكباب المشوي إلى 3000 ليرة سورية (14 دولار)، بعد أن كان سعر الكيلو الواحد لا يتجاوز الـ800 ليرة سورية قبل اندلاع الثورة السورية.

وقابل هذا الارتفاع في السعر إحجام الكثير من الأهالي عن تناول هذه الوجبة المفضّلة، الأمر الذي جعل عناصر تنظيم الدولة على رأس قائمة روّاد هذه المطاعم، وخصوصا العناصر من جنسيات غير سورية، بعد أن صارت ترفا ليس في متناول السكان المحليين هنا.

يقول "ب.ع"، وهو صاحب أحد المطاعم في المدينة، رافضا الكشف عن اسمه: "يُقبل عناصر الدولة على تناول الكباب بشهية منقطعة النظير، وبكميات كبيرة بمعدل نصف كيلو للفرد الواحد، ويدفعون بسخاء مقابل الاعتناء بوجبتهم، ويبدون رضاهم عن مذاق هذه الوجبة، ولذلك نعتمد عليهم حاليا في تأمين استمرار العمل في المطعم، وهم يشكلون حوالي نسبة 70 في المئة من الزبائن الذين يقصدون المطاعم هنا".

ويضيف ضاحكا، في حديثه لـ"عربي21": "بمجرد وصولهم إلى المطعم يهرع العمال إليهم لتلبية طلباتهم، لأنهم عادة ما يكونون كرماء مع العمال، ولهذا ينتظرهم العمال بفارغ الصبر، بعكس الزبائن من أهالي المدينة، على قلتهم، حيث يتململ العمال من تقديم طلباتهم".

وتُعد مدينة الباب مركز ثقل لتنظيم الدولة الذي سيطر عليها في بداية العام الماضي، في خطوة وصفها البعض بأنها من أكبر الضربات التي تلقتها المعارضة في مدينة حلب، وذلك بعد طرد التنظيم من مدينة حلب والريف الشمالي بالكامل.
التعليقات (2)
خلفان
الخميس، 17-09-2015 10:16 م
اي داروهم
ابوعبدالله
الخميس، 26-03-2015 05:36 ص
اقرل كلمة ارجعو لكتاب الله