سياسة عربية

عناصر تنظيم الدولة يدمرون مدينة "نمرود" الأثرية بالعراق

تدمير مدينة نمرود يأتي بعد أسبوع من تدمير آثار آشورية في الموصل - أرشيفية
تدمير مدينة نمرود يأتي بعد أسبوع من تدمير آثار آشورية في الموصل - أرشيفية
قالت الحكومة العراقية ومصادر عشائرية محلية إن مقاتلي تنظيم الدولة نهبوا مدينة نمرود الآشورية الأثرية بشمال العراق ودمروها بالجرافات.

وجاء تدمير نمرود بعد أسبوع من نشر التنظيم مقطع فيديو، يظهر مسلحيه وهم يدمرون تماثيل ومنحوتات من الحقبة الآشورية في مدينة الموصل، التي سيطروا عليها في حزيران/ يونيو العام الماضي.

وقال المصدر العشائري من منطقة قرب الموصل توجد فيها مدينة نمرود: "جاء أعضاء الدولة الإسلامية إلى مدينة نمرود الأثرية، ونهبوا ما بها من أشياء قيمة ثم بدأوا يسوون الموقع بالأرض"، مضيفاً: "كانت هناك تماثيل وجدران وقلعة دمرتها الدولة الإسلامية تماماً".

وقالت وزارة السياحة العراقية إن مقاتلي الدولة الإسلامية يتحدون العالم بتدميرهم للآثار.

وأضافت في بيان صدر في وقت متأخر أمس الخميس "تستمر عصابات داعش الإرهابية بتحدي إرادة العالم ومشاعر الإنسانية، بعد إقدامها هذا اليوم على جريمة جديدة من حلقات جرائمها الرعناء؛ إذ قامت بالاعتداء على مدينة نمرود الأثرية وتجريفها بالآليات الثقيلة، مستبيحة بذلك المعالم الاثرية التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده".

وأوضح مسؤول عراقي في مجال الآثار أن عملية الجرف بدأت بعد صلاة ظهر الخميس، وأنه أمكن خلال الأيام الماضية ملاحظة وجود شاحنات في الموقع الأثري، مما قد يرجح قيام التنظيم بنقل آثار من الموقع، تمهيداً لتهريبها وبيعها، في ما يعتقد أنه مورد مالي رئيسي للتنظيم.

وتقع مدينة نمرود التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، عند ضفاف نهر دجلة، وعلى مسافة نحو 30 كلم جنوب الموصل، كبرى مدن شمال العراق، وأولى المناطق التي سقطت في أيدي التنظيم في الهجوم الذي شنه في حزيران/يونيو.

وقال عبد الأمير حمداني، وهو عالم آثار عراقي في جامعة ستوني بروك الأمريكية، إنه "آسف للقول إن الجميع كان يتوقع هذا الأمر. خطتهم هي تدمير التراث العراقي، موقعاً بعد آخر"، مضيفاً: "مدينة الحضر بالتأكيد ستكون الهدف التالي"، في إشارة إلى المدينة التاريخية الواقعة وسط الصحراء في نينوى، ويعود تاريخها إلى ألفي عام قبل الميلاد، وهي مدرجة على لائحة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي.

وتابع بأسى "أنا حزين للغاية. لكن الأمر كان فقط مسألة وقت".

بين طالبان وتنظيم الدولة

وقارن علماء آثار بين تدمير الآثار في الموصل، وقيام حركة طالبان الأفغانية بتدمير تمثالين أثريين عملاقين لبوذا في منطقة باميان عام 2001.

وعلى إثر نشر شريط تدمير آثار الموصل، طالبت المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي.

ودعت وزارة السياحة والآثار في بيانها بالمجلس "إلى الإسراع بعقد جلسته الطارئة وتفعيل قراراته السابقة"، في إشارة إلى القرار 2199 الصادر في شباط/ فبراير بهدف تجفيف مصادر تمويل تنظيم الدولة، ومنها تهريب الآثار، معتبرة أن "ترك هذه العصابات الضالة دون عقاب سيجعلها تجهز على الحضارة الإنسانية جمعاء وحضارة بلاد الرافدين، مسببة خسائر حضارية لا تعوض".

وكانت الحكومة العراقية أعادت السبت الماضي بشكل رسمي، افتتاح المتحف الوطني في بغداد، بعد نحو 12 عاماً من تعرضه لنهب بعيد الاجتياح الأمريكي في العام 2003، أفقده نحو 15 ألف قطعة أثرية، تمكنت السلطات العراقية من استعادة نحو ثلثها.

واعتبر مسؤولون عراقيون أن إعادة افتتاح المتحف الذي يضم آثاراً تعود إلى العصور الحجرية، إضافة إلى آثار عديدة من نمرود والحضر، هو رد على قيام التنظيم بتدمير آثار الموصل. 

وكان أحد عناصر التنظيم قال في الشريط المنشور الأسبوع الماضي، إن خلفية القيام بتدمير التماثيل هي التشبه بما قام به النبي محمد عند فتح مكة قبل نحو 1400 عام، لناحية تدمير الأصنام التي كانت تستخدم للعبادة. 

إلا أن متخصصين في الدراسات الإسلامية، يعتبرون أن ما قام به الرسول كان تدمير أصنام للعبادة، وهي لا يمكن مقارنتها بتدمير آثار ذات قيمة حضارية وفنية، ولا تعكس أي ممارسات دينية.
التعليقات (0)