كتاب عربي 21

حينما يتهم إرهاب "الإنقلاب" "حماس" المقاومة بالإرهاب؟!

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
قلنا فيما سبق وبأعلى صوت إن المسائل التي تخص السياسات الخارجية أو الإقليمية أو العلاقات الدولية لا يمكن أن تكون ساحاتها في القضاء، ذلك أن القضاء هو ساحة لفض المنازعات في الداخل، ومن هنا كان مهما أن تصدر دائرة للأمور المستعجلة في شهر يناير الماضي حكما بعدم الاختصاص "هو الأمر الصواب في هذا المقام"؛ إلا أن هؤلاء الذين لا يتحركون إلا بدفع من أجهزة أمنية ورسمية واصلوا البلاغات ورفع القضايا؛ حتى صدر هذا الحكم المشئوم ليغلق الدائرة بشكل يدفع إلى الاشمئزاز، حكم باعتبار منظمة حماس المقاوِمة منظمة إرهابية، وسبقه حكم آخر حول كتائب عز الدين القسام والتي اعتبرت من قبل منظمة إرهابية.

إن النظر في حيثيات الحكم ومقدماته لا تبنى بأي حال على قواعد أساسية يمكن الاستناد إليها في أحكام من هذا القبيل فقد أودعت محكمة الأمور المستعجلة برئاسة المستشار محمد السيد اليوم السبت (28 فبراير الماضي)، حيثيات حكمها بإدراج حماس منظمة إرهابية وإلزام المدعى عليه بمخاطبة جميع دول العالم، باعتبار حماس منظمة إرهابية وكل من ينتمى إليها أو يدعمها ماديًا أو معنويًا من العناصر الإرهابية؛ ارتكاب هذه المنظمة بتفجيرات حصدت الأرواح وأتلفت منشآت واستهدفت المدنيين ورجال الشرطة والقوات المسلحة، وثبت يقينا وفقا للمحكمة أن حركة حماس ارتكبت على أرض مصر أعمال تخريب واغتيالات وقتل أبرياء من المدنيين وأفراد القوات المسلحة والشرطة، كما ثبت تورطها فى انفجارات العريش التى أودت بحياة 25 جنديًا، وتم رصد مكالمات متبادلة بين عناصر إرهابية تابعة لحركة حماس يتبادلون التهانى بعد هذا الحادث، فضلا أن الصواريخ المستخدمة فى تلك العملية لا توجد إلا بقطاع غزة، وأن هذه الأحداث متشابهة للأحداث التى وقعت يوم 28 يناير يوم جمعة الغضب، ولما كان من فعل هذه المنظمة ما يشكل خطرا عاجلا تضررا يتعذر تداركه استعجال ينعقد به الاختصاص للقضاء المستعجل، وتوافر فى المدعى شرطى المصلحة والصفة اللازمان لإقامة هذه الدعوى لكونه مواطنا مصريا تتعرض حياته وحياة أسرته لخطر جسيم، فضلا عن تهديد أمن وسلامة الوطن والمواطنين وانتهاك صارخ لسيادة الدولة على أراضيها، وأن هذه العمليات الإرهابية تنتهك الدولة وأجهزتها السيادية وتعرض حياة مواطنيها لأخطار وأضرار جسيمة، مكالمات هاتفية وسيديهات كشفت جرائم حماس وقد استندت الدعوى على 6 حوافظ مستندات طويت على أسطوانات مدمجة، وأضافت المحكمة أن تلك الجماعات الإرهابية لم يعد لديهم وسيلة لزعزعة أمن مصر واستقرارها إلا عن طريق العمليات الإجرامية، فقيام منظمة حماس بالتخطيط لعمليات إرهابية داخل الأراضى المصرية وتحويلها وتدريب كوادرها ينبئ عن أن منظمة حماس وجناحها العسكرى كتائب عز الدين القسام قد تخلت عن قضيتها الأساسية فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى ودعم القضية الفلسطينية والتى أولتها مصر دعما ماديا ولوجيستيا، فضلا عن دماء الجنود المصريين التى سالت دفاعا عن الدولة الفلسطينية، وأصبح هدفها النيل من أمن مصر واستقرارها دعما منها لمخططات تنظيم الإخوان الإرهابى وبعض أنظمة الدولة الداعمة للإرهاب.

من يصدق هذا الكذب الصراح لاتهامات مرسلة لدى إعلامى الإفك ، في هذا الاطار يمكن أن نرصد عدة ملاحظات حول هذا الحكم الخطير الذي أطلقته الأمور المستعجلة وأهمها:

أولا: ليس هذا هو البلاغ الوحيد الذي قُدم في هذا الشأن باعتبار حماس منظمة إرهابية، وإن حكما سبق هذا الحكم الخطير بعدة شهور يتحدث عن عدم الاختصاص للقضاء المستعجل في هذا الشأن، وهو مايشير إلى كيف أن المسائل ذات الطبيعة السياسية لا يمكن تناولها في ساحات القضاء ،لأن القضاء في هذا الشأن ليس مختصا بأمور تتعلق بالعلاقات الدولية والإقليمية وهو أمر فني وله اختصاص عند أهله، إلا أن يكون هذا النظام الانقلابي قد رأي أن يكون ذلك بيد القضاء حتى يتهرب من كامل مسؤولياته، وكأن سوط القضاء صار يمارس به استبدادا ليس فقط في الشأن الداخلي، ولكن كغطاء في الشؤون الإقليمية والعلاقات الدولية.

ثانيا: نستطيع أيضا أن نؤكد أن المنظومة الانقلابية قد قامت بسياسات متواترة كل هذه السياسات تصب في مسار واحد هو أمن إسرائيل الذي يعتبر أولوية كبرى في هذا المقام ،وهوما جعل كل هؤلاء الصهاينة يتحدثون عن سياساته باعتبارها تمثلهم، وتحمي أمنهم بل يعتبرونه للأسف الشديد بطلا قوميا، كان عليه وقد حدث ذلك، والحديث بالرضا السامي من جانب الصهاينة الأعداء أن يشك الرجل في نفسه أو يقلق من ردود الأفعال على سياساته خاصة من جانب الكيان الصهيوني، ولكنه واصل خطابه مؤكدا "أننا لن نسمح بأن تكون سيناء مكانا لتهديد أمن إسرائيل"، هذه هي قضيته الأولى والأخيرة والتي تمتهن مفهوم الأمن القومي بكل ثوابته، وتمتهن كذلك عقيدة الجيش القتالية التي تستند إلى اعتبار هذا الكيان الصهيوني عدوا دائما ما دام قائما محتلا وغاصبا، بسياساته التي تشكل خطرا على الأمن القومي المصري وكذا الأمن القومي العربي.، بل إن المحكمة التي حكمت باعتبار حماس جماعة إرهابية هي نفس المحكمة التي حكمت بعدم الاختصاص في اعتبار إسرائيل كيانا إرهابيا.

ثالثا: من الخطورة بمكان أن يصدر هذا الحكم ضمن سياسات تجعل من المقاومة فعلا مجرما لهذا الاتهام الباطل والقاتل، وفي حقيقة الأمر يترافق مع ذلك حملة مصرية تسهم في حصار غزة، حتى أن "معبر رفح" لم يفتح منذ الانقلاب إلا أياما معدودات، وكأن مسؤولية مصر العربية والأخلاقية والإنسانية قد تملصت منها قيادات منظومة الانقلاب، وجعلت من الحصار أمرا ليس فقط مفروضا، ولكنه مقبولا، وذلك تحت دعوى التسرب الذي يمكن أن يحدث بما يهدد الأمن القومي المصري، رغم تلك الحملة الدعائية التي قام بها أنه قد  هدم الانفاق وذهبت إلى غير رجعة، وظلت حماس في هذا المقام شماعة من شماعات تعليق الفشل عليها، فكلما حصل حدث إجرامي في سيناء فإن منظومة الاعلام تنطلق وتحاول أن تلصق التهمة بحماس ومقاومتها وشهدائها، وفي روايات تلاعب بها الإعلام حتى أسند هذه الأفعال إلى شهداء فلسطينيين من أعوام في كذب متعمد يحاول إلصاق التهم من كل طريق بقيادة ومنظمة حماس.

رابعا: لماذا جعلت مصر من نفسها رابع دولة اتهمت حماس بكونها منظمة إرهابية (إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا)؟ ،وهو أمر شديد الغرابة حينما تدعي قيادات الإنقلاب فى مصر أنها طرفا محايدا بين طرفين فإذا بسياساته وخطاباته تنبئ عن كونه طرفا منحازا إلى العدو الصهيوني ويقف في مواجهة المقاوم الفلسطيني ممثلا في حماس، ماذا يعني ذلك إلا أنه يحاول قلب مفهوم العدو، وهو ما جعل حماس تتحدث في كل مرة بعد هجمة إعلامية لتقول بعد اتهام باطل وظالم من جوقة الإفك الإعلامي لتؤكد أن "جرح مصر جرح حماس، وأن عدو حماس ومصر عدو واحد"، بل تؤكد بعد كل مرة حينما تخرج أبواق التحريض التي تتعلق بالتهديد بضرب غزة وحماس، وباعتبار أن ذلك أمرا معتادا ومتكررا بل للأسف الشديد هو أمر وارد على ذهن صانع القرار في منظومة الانقلاب، فتؤكد حماس "أن معركتها واحدة، وأن قوتها لن تتجه إلا لعدو واحد " تعرفه حماس .

الأمر ياسادة في النهاية أن النظام الانقلابي صار هو الذي يمارس الفعل الإرهابي في الداخل وفي الإقليم، ويحاول أن يجعل من بلطجته سمة لمساراته وسياساته وخياراته، وهذا لعمري أمر يؤكد أن الانقلاب هو الإرهاب وأنه يحاول في إطار الإسقاطات النفسية أن يدفع التهمة عنه فيحيلها إلى غيره ، إنها الشماعات والفزاعات، فيحاول أن يدفع أدواته لوصف غيره بالإرهاب ،فبالله عليكم كيف يتهم إرهاب الإنقلاب حماس المقاومة بالإرهاب؟!. 
التعليقات (3)
said elmasry
الأربعاء، 11-03-2015 08:27 ص
السيد سيف الدين عبد الفتاح هل انت متواجد في مصر ؟ واذا كنت متواجد في مصر لماذا هذا الافتراء علي ارادة التسعون مليون مصري عندما اختاروا الزعيم لسيسي ليكون رئيسا منقذا لهم من الارهاب الاخواني !! الا تنظر حولك يا سيدي فكل خراب في العالم وراءه تعاليم حسن البنا وسيد قطب ومن هم علي شاكلتهم وكيف تكون استاذ جامعي ولكلية مرموقه ولا تفهم ماذا يحدث من حولك يا دكتور واذا كنت مدافعا عن حماس بهذه الحماسه فلماذا ترفض حماس التصالح مع فتح للم الشمل الفلسطيني ! هل انت بتشجع حماس علي شق الصف الفلسطيني لتلتهم اسرائيل ما تبقي من 22% من الاراضي الفلسطينيه وهل تعلم ان حماس اخطر علي فلسطين من اسرائيل يا دكتور يا جامعي !! نفسي احضر لك محاضره في كلية السياسه والاقتصاد لاعرف ماذا تقول للطلبه وتعلمهم وماذا رد فعلهم عليك ! يا خساره علي قدوتنا اساتذة الجامعات الممولين من قطر الوطن افضل من الغربه يا دكتور ارجع الي صوابك وارجع الي ام الدنيا مصر والا ستسقط مصر عنك الجنسيه المصريه رفعت الاقلام وجفت وسائل الاعلام يا دكتووووووووووور
محمد
الثلاثاء، 03-03-2015 12:24 م
واللة الذى لاالة الا هو لولا حماس ما كفى الكيان الغاصب الا ضرب الشعب المصرى على قفاة كل يوم صباحا ومساء
علي نصار
الثلاثاء، 03-03-2015 09:17 ص
مفكرنا الكبير كنت أتمنى التوكيد على أهمية أن تقوم الجامعة العربية عاجلا بطرد النظام المصري من الجامعة العربية قبل أن تتخذ اسرائيل هذا الاتهام الباطل كورقة للظغط على دول العالم بادراج أهم وأقومى مقاومة عربية تصدت للكيان الصهيوني منذ احتلالها فلسطين كمنظمة ارهابية