كتاب عربي 21

فرصة للسيسي يا محسنين!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
أوشك أنصار عبد الفتاح السيسي أن يخرجوا للشوارع معصوبي الأعين يتسولون له فرصة، وهم يهتفون: " فرصة للسيسي يا محسنين"!.

فالانقلابي سالف الذكر، فشل في كل الملفات، وأمام هذا الفشل، لا يجد أنصاره ما يدافعون به عنه، وليست له من انجازات تُذكر، ولو في علم الغيب، يقومون بذكرها عبر الشاشات، فصار الدفاع الوحيد هو طلب فرصة له، وهم الذين رفضوا من قبل أن يعطوا للرئيس المنتخب الدكتور مرسي فرصة، ليجري حسابه بعد انتهاء ولايته. فالحساب تم منذ اللحظة الأولي لدخوله القصر الرئاسي: فقد مضت ساعة، ساعتان، ثلاث ساعات. يوم، يومان، ثلاثة أيام. شهر، شهران، ثلاثة شهور.

ولان الرئيس مرسي أمضى عاماً في منصبه، فهم يطلبون أن يكون الحساب بعد أن يقضي السيسي حولاً كاملاً، قبلها يكون الحساب ظلماً له!.

عندما كان أنصار الرئيس مرسي، يطلبون فرصة له، وكنت أنا اطلب له أن يظل في موقعه لنهاية ولايته، كان الرد، هل نتركه إلى أن يتم خراب البلد؟!

لم يكن عندي شك حينها في أن الرئيس محمد مرسي فاشل، لكني كنت أدافع عن التجربة الديمقراطية الوليدة، وأمامنا استحقاق انتخابي مهم، يتمثل في الانتخابات البرلمانية، فعلى الأحزاب والقوى السياسية أن تنافس الإخوان عليها بقوة، لتحصل على الأغلبية، ومن ثم يحق لها أن تشكل الحكومة، وان تعدل الدستور، لتنقل صلاحيات رئيس الدولة لرئيس الحكومة، فلا يكون أمام الرئيس مرسي من عمل له لنهاية ولايته، إلا أن يشاهد روتانا سينما " مش ح تقدر تغمض عينك". هذا ما قلته نصاً.

مرسي لم يكن فاشلاً كما كنت أعتقد، لكن مشكلته انه كان في مجال العمل، يتصرف علي طريقة "الحسنة المخفية"، فالعمل يتم في صمت، وان كان ببطئ، لتحقيق انجاز يشعر به المواطن. وهو أمر يصلح في مجال توزيع الصدقات، لا في إدارة الدول. وها نحن نعيش الفشل علي أصوله، علي يد عصابة الانقلاب، منذ 3 يوليو من العام الماضي، والتي قادت البلاد إلى الهاوية، واستقرت هناك ولا أمل في الخروج منها إلا بإسقاط هذا الانقلاب.

قديماً قيل لا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه. وعليه فلن يعرف قيمة مرسي إلا صاحب الحظ العاثر الذي عاش زمن عبد الفتاح السيسي!.

مرسي إذن لم يتم إمهاله حتى يكمل العام الأول، ليكون منطقياً ان نمهل السيسي فرصة يحدث بعدها الحساب من باب المعاملة بالمثل.

بحسب القانون الإداري، فانه لا يمكن لقضاء مجلس الدولة الفصل في دعوي، إلا بعد استكمال الشكل ليجوز له حينها ان يدلف للموضوع، فالشكل من النظام العام، فإذا لم يكن الشكل مستوف، كان الحكم برفض الدعوى وان كان الموضوع سليماً.

الشكل في حالة السيسي فاسد، لأنه لم يأت رئيساً للبلاد وفق الإجراءات الديمقراطية الطبيعية، فانتخاباته جاءت بعد انقلاب عسكري، وبعد اختطاف الرئيس الشرعي، وبعد اعتقالات طالت أكثر من أربعين ألف مواطن، وبعد قتل أكثر من ستة آلاف نسمة، وفي حالة من الشحن الإعلامي في اتجاه واحد. وبحسب مواثيق الاتحاد الأفريقي الذي يضم الدول التي خبرت الانقلابات العسكرية، فان قائد الانقلاب لا يغير من طبيعته أن يجري انتخابات بعد انقلاباته ليفوز فيها. ناهيك عن أننا لا نثق في مصداقية نتائج هذه الانتخابات التي لاعب فيها السيسي نفسه.

سنتجاوز عن نقطة الشكل علي أهميتها، لنناقش متسولي الفرصة علي أرضهم، وهم يطلبون له "فرصة يا محسنين".

عندما نقول إن السيسي حكم لمدة سنة كاملة، منذ وقوع الانقلاب فقد أخذ بالتالي فرصته، يكون ردهم بأنه لم يحكم وأن الحاكم كان "المؤقت" عدلي منصور، ولا أحسب ان تمثيلاً جري بجثة إنسان علي قيد الحياة في التاريخ الحديث، أكثر بشاعة مما حدث لهذا الرجل، الذي لم يكن له من أمره شيئاً، ومع ذلك يعلق الفشل في رقبته كما لو  أنه كان هو الحاكم الفعلي للبلاد.

فات هؤلاء أن عدلي منصور معين من قبل عبد الفتاح السيسي، وأن السيسي كان هو الحاكم الفعلي، فبأي صفة كان يلتقي السيسي، وهو مجرد وزير، بقادة الدول؟.. وبأي صفة التقي بالرئيس الروسي بوتن؟.

المثير، أنهم لم يصفوا فترة عدلي منصور بالفشل إلا بعد أن غادر، وتطبيقاً لقواعد لعبة "السيجة"، عندما تكون أول عين للغراب. تطبيقاً لمقولة أخذها الغراب وطار.

لا بأس، فالسيسي لم يكن هو الحاكم في سنة شهدنا فيها الفشل علي أصوله، فمن يحكم هو "المؤقت" عدلي. ليطرح سؤال نفسه: ولماذا لم تتحدثوا عن فشله في حينه؟!.

ما علينا، فلأني أتميز بالكرم الحاتمي، فلا مانع عندي من تجاوز هذه النقطة أيضاً، والتعامل مع عبد الفتاح السيسي على انه كان مجرد وزير في حكومة، ليس له قرار خارج دائرة اختصاصه الوزاري.. أي قرار، ليتم الحساب علي هذه الفترة القليلة لحكم عبد الفتاح السيسي منذ أن أدي اليمين الدستوري.

لا شك أن الفترة التي أمضاها السيسي في الحكم رئيساً، لا تكفي للحكم عليه، ويصبح بالتالي من حقه أن يمنح فرصة، قبل أن نعلق له المشانق، لكن هذه الفرصة تمنح لمن له برنامج، ورؤية، وحاضره يبشر بخير في المستقبل.

والشاهد أن السيسي لم يقدم برنامجاً مكتوباً، والبرنامج المسموع يكفي لمقاومة وصوله للسلطة والثورة عليه قبل وصوله، وبعد وصوله، وعدم منحه فرصة ولو ساعة واحدة!.

عندما قال أنصار مبارك، أعطوه فرصة. كان الرد لقد حصل علي فرصة لم يحصل عليها أي حاكم لمصر، فلم يحكم أحد قبله ثلاثين عاماً. وعندما طلب أنصار مرسي له فرصة، فلأنه كان له برنامج، وقد بدأ تحقيق انجازات علي الأرض في وقت قياسي، وهو مثلاً عندما تحدث عن سعيه لتحقيق القيمة الوطنية من خلال امتلاك مصر لغذائها، كان القرار باستلام القمح من الفلاحين بأسعار تمثل دفعاً لهم لزراعته، بعد أن توقفوا عن ذلك، لان القرار المصري في العقود الماضية كان دعم الفلاح الأمريكي.

ومرسي حقق معدلا للنمو في عصره، لم تصل إليه في زمن الانقلاب. فضلا عن انه حقق مبدأ عظيماً من مبادئ ثورة يناير وهو "الحرية"، بشكل ليس له وجود في بلاد الحريات، فأرونا بلداً يسمح باهانة رئيس الدولة بالشكل الذي كانت يقوم به إعلام الثورة المضادة، بدون حساب أو عقاب.

إن السيسي قبل الحكم قال إنه "عذاب ومعاناة"، وكانت رؤيته هذه تستلزم الحجر عليه قانوناً، ومثلها عندما قدم حلاً لأزمة البطالة بألف سيارة لنقل وبيع الفاكهة والخضروات، يعمل علي كل سيارة ثلاثة أشخاص. وحل مشكلة نقص الخبز بقسمة الرغيف علي أربعة. وحل مشكلة الوقود وأزمة المرور باستخدام الدراجات. وحل أزمة انقطاع الكهرباء باللمبات الموفرة.

فماذا يمكن أن يحقق من انجازات وهذه بضاعته إذا حصل علي فرصة كاملة غير منقوصة؟!

لقد وعد السيسي المصريين، بالعذاب والضنى وقال إن جيلين سيظلما من أجل أن يعيش الجيل الثالث، فكان كمن يبيع للشعب سمكاً في ماء، فقد بدأ الظلم ولم يقال لنا كيف سيعيش الجيل الثالث، ومن منا سيكون علي قيد الحياة حينها ليتأكد من تحقق برنامج السيسي الطموح؟!

ها هو السيسي يبدأ قراراته بالرفع التدريجي لدعم الوقود علي نحو سيجعل من الحياة علي أرض المحروسة معاناة للفقراء والأغنياء علي حد سواء.

وإذا اخذ السيسي فرصته، فالمعنى منحه فرصة ليلغي الدعم كاملاً بشكل سيحول مصر إلى جحيم، عندما يزداد الفقر، ولا يجد الفقراء ما يسد رمقهم فننتشر الجريمة، ويصبح الناس غير آمنين علي أنفسهم في بيوتهم لانتشار السطو والسرقة.

السيسي ليس له تصور لحل مشكلات مصر الاقتصادية، وعبارته الشهيرة هي "منين، ما فيش". فماذا لو حصل علي فرصته كاملة، ستكبر " منين" لتصبح "من  أين"؟ وستترقي " مافيش" ليحل محلها المثل الشعبي: " اطبخي يا جارية كلف يا سيدي"؟.

إن اعتماد المذكور الكلي هو علي المنح الخارجية، ومن دول الخليج الراعية للانقلاب تحديداً، وعندما تأخرت، تم فتح الأبواب لاستقبال المساعدات، والصدقات لاهانة الشعب المصري، فقد نشر ان الإمارات ساعدت المصريين بـ 750 ألف "كرتونة" تحتوي علي سكر، وشاي، وأرز، وزيت، بمناسبة شهر رمضان لتوزيعها علي 750 ألف أسرة، كما أنها – وبحسب الخبر المنشور – قد نصبت 50 ألف خيمة "مائدة رحمن" لإفطار الصائمين في المحافظات المصرية المختلفة.

وبالتالي فان منح عبد الفتاح السيسي فرصة، سيدمر مكانة المصريين التاريخية، وقد تتحول مصر علي يديه من بلد عظيم إلى مجرد " صندوق زكاة".

إن الفرصة المطلوبة لعبد الفتاح السيسي ستمكنه من تأكيد فشله، لتتحول مصر إلى بلد من بلاد المجاعات.. ويبدو أن هذا هو  المستهدف ليسهل حكم الشعب المصري. فقد بات واضحاً ان السيسي لا يعنيه إلا أن يستمر حاكماً.

إن منح عبد الفتاح السيسي فرصة جريمة في حق مصر:التاريخ، والحاضر، والمستقبل.
التعليقات (1)
said
الأحد، 06-07-2014 12:56 ص
ياباشا مصر هاترجع عروسة من تانى زى ماكانت ايام الاحتلال الانجليزى اصبر بس لحد اما سي تونى بلير يستلم مصر رسميا ونت هتشوف الشغل ....الله هما فى الاعلام مش قالو مصر رجعت لاصحابها؟ بس الغلابة فهموا الجملة على ان اصحابها هم المصريين :))))))))