صحافة عربية

انتقادات متزايدة للسيسي بالصحف المصرية

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية
 تشهد الصحف المصرية في الآونة الراهنة تسامحا نسبيا، على غير العادة، مع مقالات تحمل انتقادات موجهة للمشير عبدالفتاح السيسي، المرشح للانتخابات الرئاسية المزمعة، حيث سمحت صحف حكومية بنشر مقالات توجه نقدا مبطنا، وأحيانا صريحا للسيسي، فيما وجه رؤساء تحرير صحف خاصة مؤيدة للانقلاب، انتقادات مشابهة للسيسي.

 لو فـــــــــاز السيســـــى

 فقد نشرت صحيفة "الأهرام" الحكومية مقالا للكاتب الصحفي كارم يحيى الثلاثاء بعنوان، "لو فـــــــــاز السيســـــى"، وصف فيه الأخير بأنه: "طرف أصيل في استقطاب سياسى حاد، وهو على هذا النحو أقل المرشحين فرصا فى الوصول إلى مصالحة وطنية، تخرج البلاد من هذه الدائرة الشريرة".

 وأضاف يحيى: "الترشح لمنصب سياسي، ومنصب سياسي رفيع، بمقام رئيس الجمهورية، دون فاصل زمني معتبر، مع ارتداء البدلة العسكرية، بل وتقلد أعلى المناصب فى الجيش، يكسر الحاجز بين عالمي العسكرية والسياسة، على نحو قد يفتح صندوق شرور يغري المزيد من الضباط، بالإنخراط بالسياسة، بل وربما في معارضة النظام الحاكم.

 وهو أمر لا يمكن حصار عواقبه فى المستقبل، ناهيك عما يعنيه الإستمرار فى كسر الحاجز بين عالمي العسكرية والسياسة من طعن، وإهدار لمدنية الدولة بالقرن الحادي والعشرين".
 
وأعرب عن تحسبه "لسداد السيسي فواتير جميل رجال مباركن وحزبه الوطني الذين يساندونه فى حملته الرئاسية"، مشيرا إلى أن: "قراءة المشهد الانتخابي الراهن، تفيد بأنها الوجوه نفسها، الأساليب نفسها، وهو ما قد يفتح الباب في حال فوز السيسي أمام مطالبات رد جميل، بما فى ذلك رجال رأسمالية المحاسيب الذين ينفقون ببذخ على أعمال الدعاية، ورجال الولاءات التقليدية، ورجال بيروقراطية الدولة، من محترفي الانتخابات والاستفتاءات غير الديمقراطية على مدى عقود".

 وأضاف الكاتب، "رد الجميل هنا يعني، حتما المزيد من الإضرار بحقوق العمال والفلاحين والطبقات الوسطى المهدرة أصلا، وقد يعني أيضا المزيد من المحسوبية".
 
وتابع في إشارة إلى السيسي، "إن فوز مرشح لم يمارس السياسة، ولم يخض أي انتخابات فى حياته من قبل، ولم يدخل فى جدل عام مفتوح يتحمل فيه النقد، ربما تعني جفاف السياسة فى مصر، ولأن الفوز هنا هو جزء من المشكلة، وليس حلا لها".
 
السيسي.. والذين معه

 في السياق نفسه، قال مجدي الجلاد، رئيس تحرير جريدة "الوطن"، المؤيدة للانقلاب، في مقاله بالجريدة الثلاثاء بعنوان "السيسي.. والذين معه": "ربما كان مفهوم هيكل لكرسي الحكم، الذى ينتمي إلى الماضي، وراء قوله إن المشير السيسي ليس بحاجة إلى برنامج انتخابي، ولا حملة، وكأن الأمر ينطوي على تفويض قسري، علينا أن نوقعه صاغرين، خوفاً من بعبع الإخوان، وهو ذاته البعبع الذى ظل نظام مبارك يستخدمه ثلاثين عاماً، ليبقى على الكرسي، فكيف نفوض السيسي دون تعهدات وبرنامج وضمانات؛ لأنه سيحمينا من الإخوان، رغم أننا أسقطنا الجماعة بحلفائها فى الداخل والخارج، فى سهرة قضاها الشعب المصري بالميادين والشوارع"!
 
وخاطب الجلاد السيسي بقوله: "ستضيع ونضيع معاك، إذا توهمت أن العاطل سيظل عاطلاً عن العمل لأنه يحبك، وأن الفقير سينام من غير عشا، ويصحو دون فطار لأنك حنون، وأن الأم المكلومة ستطلق الزغاريد، وهي ترى أبناءها جوعى ومرضى دون رعاية، لأنك معشوق الملايين، وأن العانس سوف تحتضن وسادة عليها صورتك، عوضاً عن زوج يبني معها بيتاً دافئاً".
 
وأضاف الجلاد: "الذين معك، أو الذين يتحلقون حولك يخافون منك، ولا يخافون على مصر، ربما يحبك بعضهم، ولكنهم يحبون أنفسهم أكثر، وربما يحبون مصر، غير أنهم يحبون مصر التى باعوها من قبل، وليس الشاري مثل البايع، فمن حولك صنفان: الأول عانى عطش الاقتراب من السلطة على مدى ثلاثة أعوام أو يزيد، واشتاق لـعسلها، والثاني كان يتفرج على أنهار العسل فى الأنظمة الحاكمة، ولعابه يسيل انتظاراً للحظة السعيدة"!
 
المشـــير.. وتوجهات الثورة
 
وكان الدكتور نادر فرجاني، كتب مقالا يوم 24 آذار/ مارس 2014 بجريدة الأهرام تحت عنوان، "المشـــير.. وتوجهات الثورة"، انتقد فيه "المنطق الحديث للمشير السيسي عن أزمة مصر الاقتصادية، الذى روجت له وسائل الإعلام على نطاق واسع، يبدو كأنه رجع الصدى لمقولات حسنى مبارك، خاصة فى سنواته الأخيرة، كأن المخلوع قد عاد لمخاطبة الناس، أو أن هذه الذهنية هي ما يمكن أن يمتلك قيادي من المؤسسة العسكرية، ولو ارتدى بزة مدنية".
 
وقال فرجاني: "أول ملامح التماثل، هي التذمر من زيادة السكان، وما يتبعها من التساؤل بالنغمة المتكررة، "أجيبلوكم منين"؟ هذه النظرة التي تعبر عن قصور في تصور التنمية، وفى علاقة الحاكم بالشعب تنطوي على عدد من المشكلات الجوهرية".
 
وأضاف: "اعتبر المشير أن التضحية بجيلين، أي لمدة ستة عقود تقريبا، أمر مقبول لمصلحة باقي الشعب، وهذه ليست إلا مقولة ستالين الطاغية الأقسى فى تاريخ روسيا، ولكن من فوض المشير بأن يتخذ قرارات تحدد مستقبل مصر لستين عاما قادمة؟ فهو- إن انتخب رئيسا- لن تدوم ولايته- إن استتب له الأمر- أطول من ثمانية أعوام على الأكثر، وينبغى ألا يتخذ قرارات تحدد مصير البلد في مدى زمني أطول، إلا إن كان ينوي إعادة سيرة المخلوع وسابقه، وكلاهما من أبناء المؤسسة العسكرية، بإزالة هذا القيد الدستوري على مدة الرئاسة".
 
وتابع: "كذلك طالب المشير الفقراء والضعفاء بشد الحزام، ضغطا للنفقات تقشفا ولمساعدة بلدهم، وأنذرهم بغلاء أشد قادم، حينما توعدّهم برفع الدعم عن السلع الأساسية مرة واحدة، فقد أعلن فى نطق سابق أن من يحصل على سلعة يتعين عليه أن يدفع ثمنها كاملا، فى إشارة صريحة إلى نيته إلغاء الدعم عن السلع الأساسية التي يستفيد منه فقراء مصر. هذا بينما ترك المشير الحكومة المبذرة، وأغنياء المصريين، ومن بينهم قيادات الجيش، يرفلون فى النعيم والترف، وبعضه حرام، من دون أن يطالبهم بفعل شىء لبلدهم".
 
وتابع الكاتب: "هكذا، يدل نطق المشير على أنه غير معني بالعدالة الاجتماعية، بالرغم أنها على رأس مطالب الثورة الشعبية العظيمة، فهو لا يطالب الأغنياء بأي شىء، ويضع العبء كله على المستضعفين المطحونين، في حين أن بمصر البعض من أغنى أغنياء العالم يتركزون في بضع عائلات، طبقا لمجلة فوربس المتخصصة في الشؤون المالية.
 
وقال فرجاني: "السيد المشير، يبدو أنه لا يهتم إلا بتدليل الأغنياء، وبضمان ولاء العاملين بأحهزة الأمن كدأب الحكم القائم على السطوة الأمنية، وكجميع سابقيه على رأس الدولة منذ ما قبل الثورة الشعبية، فقد رفعت رواتب الجيش والشرطة أربع مرات في ثلاث سنوات حتى أصبح راتب أمين الشرطة أعلى من راتب الطبيب. اقترح المشير أيضا على الشعب المشي بدلا من ركوب السيارات، وهي فكرة طيبة تسهم فى حل أزمات المرور ومواد الوقود والتلوث كما تحسّن من صحة من ينفذها. فليبدأ المشير بنفسه ليؤسس سنة طيبة، ويصبح قدوة صالحة للجميع".
 
وأضاف: "مجمل الملاحظات السابقة يشى بأن المشير، أو من يضعون برنامجه، لا يمتلكون رؤية متكاملة لمشروع حقيقى للنهضة يضمن نيل غايات الثورة الشعبية، ويعتمدون على منطق «الخبطات» التى تستغل فيها إمكانات القوات المسلحة. فقط نتمنى ألا تكون هذه «الخبطات» مثارا لخيبة الأمل، مثل جهاز كشف وعلاج جميع الأمراض المستعصية فى العالم الذى يكتنفه الغموض، ويتراوح التقدير بشأنه بين الاحتيال والفضيحة والشطط الترويجى إن أحسنّا الظن".
 
واختتم مقاله بالقول: "لقد عانى المصريون من خديعة الإيهام بمشروع ضخم للنهضة تحت سطوة اليمين المتأسلم بقيادة الإخوان الضالين، وأفاقوا منها على تفاقم الشقاء والتعاسة تحت حكم تبنى أسس النظام الذى قامت الثورة لإسقاطه، بينما هذه الأيام تدق الطبول، ويتراقص كثيرون على أنغام حملات صاخبة لانتخاب مرشح للرئاسة، حتى قبل أن يعلن ترشحه أو يقدم برنامجا. وهذه مواصفات لخيبة أمل قادمة، قد تستدعى موجة ثالثة كبيرة من الثورة الشعبية.. على الأقل يحمد للمشير أنه لا يتجمل".
 
انتقادات للسيسي من كتاب مؤيدين له
 
وكان الدكتور علاء الأسواني كتب مقالا في جريدة "المصري اليوم" في الأول من نيسان/ أبريل الجاري تحت عنوان: " من ألبرت اينشتين إلى المشير السيسي قال فيه: "العدل وحده هو الذي يقضي على الارهاب، لأنه يقضي على أسبابه، إذا أراد المشير السيسي أن يؤسس دولة ديمقراطية، فيجب عليه أن يقوم بالخطوات التالية :
 
 أولا : الغاء قانون التظاهر لأنه باطل وغير دستوري، والافراج عن جميع المحبوسين بمقتضا.

 ثانيا : الغاء تحصين اللجنة العليا للانتخابات، وابقاء جهاز الدولة على الحياد أثناء الانتخابات، واخضاعها لمراقبة دولية وتطبيق ضمانات نزاهة الانتخابات على جميع المرشحين بلا محاباة .
 
ثالثا : تفعيل العدالة الانتقالية عن طريق تكوين لجان قضائية مستقلة، تعيد التحقيق في كل المذابح التى تعرض لها المصريون، على أن يتم تعويض الضحايا، وتقديم القتلة للمحاكمة .
 
رابعا : تطبيق اجراءت العدالة الاجتماعية مثل الضرائب التصاعدية على الأفراد والشركات وتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، والغاء الصناديق الخاصة التي تحتوى مليارات الجنيهات، من مال الشعب وضمها لخزينة الدولة فورا .
 
خامسا : تنفيذ الدستور، واحترام حقوق الانسان، ومنع التعذيب والاعتقالات العشوائية  
 
هذه الخطوات التي يجب علي المشير السيسي تنفيذها فورا اذا أراد أن يدفع مصر في الطريق الصحيح أما اذا استمرت السلطة الحالية في اعادة انتاج نظام مبارك فان نهايتها ستكون قطعا مثل نهايته".
 
كما وجه الكاتب الصحفي مصطفي بكري انتقادات لاذعة -في مقاله يوم 6 نيسان/ أبريل 2014  بجريدتي الوطن والأسبوع تحت عنوان: "خطاب إلى المرشح عبدالفتاح السيسى: حذارِ.. أنت فى مرمى الهدف"- انتقد فيه ما اعتبره "غياب المرشح السيسي عبد الفتاح السيسي عن الساحة، وعدم تحركه نحو أسوان بعد الأحداث الأخيرة"، مبديا عدم رضائه عن تشكيل حملته الانتخابية.
 
وخاطبه في المقال بالقول: "غبت عن الساحة، وظهر الآخرون، ولم نسمع ماذا ناقشت مع الوفود التى التقيتها، كأنها أسرار عسكرية لا يجوز إفشاؤها".
 
كما وجه الإعلامي باسم يوسف -في مقاله بجريدة الشروق الثلاثاء 11 آذار/ مارس 2014 بعنوان: "أجيبلكم منين؟"- نقدا لاذعا للدعوة التي أطلقها السيسي إلى الشعب المصري من أجل أن يتقشف في مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد.
 
وقال يوسف: "قبل أن يتوجه إلينا المشير السيسى بقوله لنا "إديتم ايه لمصر" ربما كان من الأفضل أن يطرح هذا السؤال على المؤسسات الاقتصادية للجيش التى تسيطر على نسبة ضخمة من اقتصاد البلد بدون مساءلة حقيقية، وبدون تعاملات ضريبية تأخذ بها مصر حقها من هؤلاء الذين أخذوا ما يريدون فعلا".
التعليقات (0)