مقالات مختارة

الثورات الانقلابية الأفريقية ومرايا الانهيار العربي

واسيني الأعرج
جنود نيجريون في العاصمة بعد الانقلاب العسكري- جيتي
جنود نيجريون في العاصمة بعد الانقلاب العسكري- جيتي
لننسَ قليلاً نظرية المؤامرة ونتوجه نحو الظاهرة بتجرد. لا أدري لماذا أنظر إلى «الثورات الأفريقية» بكثير من الحيرة والخوف، تماماً كما حدث في «الثورات العربية» التي على الرغم من قيمتها والحاجة التاريخية إليها، بل وضرورتها، فإنه لا نجاح لأي ثورة تقاد بالوكالة مهما كانت نوايا مفجّريها. ربما أهم ما قامت به هذه الثورات أنها هزت «عروش اليقين» التي كانت تبدو قلاعاً محصنة واتضح أنها ليست أكثر من «قصور من كارتون».

لكن الفداحة التي لا يمكن تفاديها هي أكبر من ذلك كله؛ فالمحصلة النهائية، بدل عالم عربي ديمقراطي وحيوي ومتفتح، وجدنا أنفسنا أمام عالم عربي تراجع إلى الخلف عشرات السنين، ممزق ومدمر كلياً، شُرِّدَ أبناؤه بالملايين عبر الأصقاع الرافضة لهم، امتُصَّت طاقته الخلاقة، وسُلبت قوته، وعدالته أجِّلت لدرجة أن فكرة حقوق الإنسان أصبحت ضرباً من الرفاه، أمام الحق البيولوجي في العيش فقط الذي أصبح مهدداً بالحروب الأهلية المشتعلة هنا وهناك. عدد الأموات يرتفع يومياً في السودان في حرب اقتتال الأخوة الأعداء، وفي اليمن الذي سُرِقت منه صفة السعادة التي اتسم بها عبر القرون (اليمن السعيد)، وفي ليبيا التي دُمِّرت فيها المؤسسات كلياً حتى إن البلد أصبح بين أيدٍ تتقاتل لأجل مصالح مكتسبة. والعراق وسوريا لا يخرجان عن هذا التوصيف. القتل يُعد بالآلاف وربما بالملايين.

تفكك الدولة كان من أكبر هزائم هذه الثورات. الدرع الحامي من كل الانزلاقات لم يعد موجوداً، والفوضى الخلاقة لم تكن بديلاً، ماذا أعطتنا سوى عالم عربي أصبح حطاماً مكسوراً. دويلات إثنية وعرقية ومذهبية ودينية وجهوية ولغوية، صارت تطل بأنوفها مطالبة باستقلالات ذاتية؟ لماذا العالم العربي وحده عرضة لذلك؟ مع أن الغرب مخترق بأمراض العصر الهوياتية واللغوية نفسها التي كادت تؤدي بإسبانيا إلى الانفجار لولا تدخل الدولة المركزية بصرامة، وكندا وبلجيكا وفرنسا أيضاً. السؤال الكبير: من المستفيد من هذا كله؟ ومن يقف وراء ذلك بالمال واستراتيجيات الانهيار؟ المعادلة القاسية: هل البحث عن الديمقراطية يساوي بالضرورة انهيار الدولة والحرب الأهلية وتمزق البلاد بدل تركيز وتدعيم الدولة الوطنية؟ المشهد العام للعالم العربي لا يبشر بأي خير. سوريا في أفق دويلات كثيرة مفروضة دولياً. العراق انفصال نهائي بين الشمال والجنوب ليس مستبعداً؟ سودان بدولتين ودولة ثالثة في دارفور، وربما أكثر؟ مصر والسودان بلا نيل بعد سد النهضة؟ وعراق بلا دجلة ولا فرات بعد أن تملكت مصادر مياهه تركيا؟

مرايا عربية لا تظهر إلا المرعب في تجربة لم تلق أي نجاح بالقياس للخسائر التي تسببت فيها. الخوف نفسه ينتابني اليوم على إفريقيا. لا أعتقد أن القوى الاستعمارية ستصمت. مصالحها الاستراتيجية هناك. صمت أمريكا داخل هذا كله مريب جداً ويدفع إلى أسئلة كبيرة. هل تحضر أمريكا نفسها، في سياق الاستراتيجيات العالمية الجديدة، لتعويض فرنسا في ظل حمى الانقلابات العسكرية الناجحة؟ هل ستنقل أمريكا عتادها وأسلحتها وخططتها الحربية إلى هناك؟ أسئلة مخيفة ومحتملة. وأنا أسمع كلمة إبراهيم طراوري، رئيس بوركينا فاسو، تلميذ المناضل الوطني توماس سانكارا، في الاجتماع الروسي الإفريقي، أصبت بحالة ذهول من دقة خطابه وشجاعته، ونقده لحقبة ما بعد الاستعمار. هل هي رومانسية ثورية أم ثورة حقيقية جاءت على سنوات النهب المنظم والاستعمارات؟ شعرت فجأة بخوف عميق داخلي. استحضرت شخصية باتريس لومومبا العظيمة الذي وقف الند للند من الاستعمار البلجيكي مهدداً مصالحه بإرجاع الحق المسروق إلى الشعب الكونغولي. وعلى الرغم من أنه انتخب ديمقراطياً ولم يأت عن طريق أي انقلاب، فإن مأساته تدين اليوم الغرب الاستعماري الذي منحه هدية لمعارضيه ليعذبوه ويغتالوه. مأساة. صحيح أن الزمن تغير جداً، لكن العقلية الاستعمارية ما تزال هي هي. وعلى الغرب الاستعماري أن يعيد قراءة تاريخه ويعتذر، حيث يجب الاعتذار والتفكير في علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية متكافئة وبلا هيمنة، كتلك البينية بين أوروبا نفسها.

أملي ألا نشهد مأساة إفريقية شديدة القسوة والعودة إلى الاستعمار بأغلفة جديدة. الدول التي حدثت فيها انقلابات هي الأغنى في معادنها والأفقر في حياة شعوبها (مالي، بوركينا فاسو، الغابون، النيجر…)، فقد بقيت في تخلفها العام حيث لا توجد أية بنية تحتية عميقة وحقيقية. ماذا يمكن أن تفعل هذه الدول عسكرياً أمام ماكينة أوروبية مدربة على الحروب والتقتيل في الفترات الاستعمارية واغتيال أية شخصية تعطي الأولوية لشعوبها على حساب الأطماع والمصالح الاستعمارية: باتريس لومومبا، بارتيليمي بوغاندا، طوماس سانكارا، وغيرهم؟ بعد الانتهاء من تدمير البنية الهشة للعالم العربي، هل آن أوان إفريقيا، بعد اكتشاف خيراتها الباطنية المستقبلية التي لم يظهر منها إلا النزر القليل؟ المطلب الإفريقي حق ويثير الإعجاب، لكن أخشى أن يكون ذلك إلا القشة التي تخفي الآتي المظلم؟ الهشاشة الإفريقية الكبيرة يمكنها أن تحول الساحل الإفريقي إلى بحيرة من الدم. أتمنى أن يكون مصدر موقفي هذا مجرد حساسية أدبية مفرطة لا أكثر ولا أقل، وأن مستقبل إفريقيا لن يكون إلا أجمل بعد كنس أنظمة عميلة وُضِعت هناك لا لخدمة شعوبها، ولكن لخدمة أسيادها الذين يحمونها. وأن الاستعمارات القديمة، فرنسا وبلجيكا وبريطانيا، ستغير سياساتها حماية لمصالحها على الأمد الطويل، وستعمل بعين العقل وتحذو حذو البرتغال التي تخلت عن كل حلم استعماري وعوضته بعلاقات اقتصادية متكافئة: أفريقيا تريد استقلالاً كاملاً. وأن عين المشاهد الأمريكية هي مجرد عين مراقب حيادي، غير معني بمنقطة غنية استراتيجياً: الذهب واليورانيوم والنفط، ولكنها ليست في دائرة اهتماماته؟ وأن العلاقات الإفريقية الروسية الجديدة ليست إلا خيارات اقتصادية وروسيا غير مهتمة بجانبها العسكري؟ هل ستتحمل فرنسا خسران منطقة بكاملها بالمعنى السياسي والاقتصادي لحساب غيرها؟ ماذا يعني رفضها سحب سفيرها من النيجر على الرغم من كونه أصبح شخصية غير مرغوب فيها؟ كيف سيكون موقفها من آل بونغو عمر وعلي الابن القريبين منها حد التماهي؟ وكيف سيتصرف رجال الأعمال (النهب) الغربيون المتحكمون في أسواق المعادن الثمينة، هل سيقبلون بالمعادلة الجديدة التي فرضتها «الانقلابات الثورية» الإفريقية؟ مرحباً بالتخييل وبنظرية المؤامرة؟

(القدس العربي)
التعليقات (2)
Med
الأربعاء، 06-09-2023 10:56 ص
في راي انت مخطئ في اعتبارها ثورات إفريقية هي مجرد انقلاب عسكري يقوم به عسكري تربي في المؤسسة الحاكمة و العسكري فشل في مهمته و وهي محاربة الإرهاب و منع تكون المناخ المناسب التكاثر و هو انعدام العدل .من فشل في عمله العسكري يسطو علي العمل السياسي و يختفي وراء العدا لفرنسا مستبدلا إياها بالمرتزقة الروس. ليكون الخراب و البؤس في افريقيا اكبر في ظل الدكتاتوريات العسكرية
نسيت إسمي
الأربعاء، 06-09-2023 08:57 ص
'' إفريقيا منسيا في الفن في السينما '' سينما شعب من إفريقيا إلى الهند 1 ـ (عالم رومانسي) أنت نجمتي السينمائية الصغيرة لقد وجدتك أخيراً أعيطني قبلة الآن .. يجب أن تكون هذه نهاية سعيدة و بداية جديدة و نحن على طريق جديد .. أنت نجمتي الرقم 1 في قلبي لقد وجدتك أخيراً أعيطني قبلة الآن .. يجب أن تكون هذه نهاية سعيدة و بداية جديدة و نحن على طريق جديد .. أنا مجنون بكِ لديكِ وجه مُشرق جميل .. تلعبين دور البطلة في حكايتي الخرافية التي اختلقتها .. أنتِ أميرتي المحبوبة و أنا أميرك .. أنتِ أول إنتصار لدي في الحب .. أنتِ فقط من كنت أريدها أنا أحبك و نحن على طريق جديد .. أول الكلمات حلوة من حبيبتي الحلوة الصغيرة. 2 ـ (أسطورة الموسيقى الأفريقية موري كانطي) في أعماق بلاد؟ الماندينج في قرية صغيرة جنوب غينيا تسمى البداريا؟ قرب كسيدوغو؟ ولد موري كانتي في 29 من شهر مارس سنة 1950. كان والده الحاج دجيلي فودي كانتي قد بلغ سناً متقدمة بينما كان موري من بين أبناءه ال38 الأصغر سناً. تعتبر عائلة كانتي من العائلات المعروفة بفناني الجريو الذين يلعبون دور الشعراء؟ والمغنين؟ والمؤرخين؟ والصحافيين في الوقت ذاته؟ حيث أنهم كانوا بمثابة الذاكرة الحية، و كلفوا مند غابر السنين برواية وغناء ملاحم لا متناهية لأسر وشعوب عدة. كان والدا موري من فناني الجريو؟ و قد كانت مهنة متوارثة؟ وكان جده لأمه من زعماء الجريو النافذين؟ حيث كان يترأس ستين فردًا منهم؟ لذلك فقد كان من الطبيعي أن يكون مصير موري الصغير أن يصبح «دجالي» وهي كلمة ماندينجية تعني «جريو» .. شهدت مسيرة كانتيه الفنية الطويلة صعوداً من النطاق الإقليمي، كعازف لأداة الكورا التقليدية في غرب أفريقيا، نحو النجومية الدولية في ثمانينيات القرن الماضي، بأغنيته “ييكي ييكي” التي تصدرت قوائم الأغاني آنذاك .. وجاب كانتيه، الذي وُلد عام 1950، العالم كشعلة للموسيقى الأفريقية قبل أن يعود إلى بلده غينيا عام 2000، حيث دافع هناك عن قضايا مساعدة اللاجئين وإنقاذ الغابات المهددة، وفقا لسيرة ذاتية على موقعه على الإنترنت .. وواصل كانتيه عمله في صناعة الموسيقى، وشارك مع شخصيات موسيقية أفريقية مؤثرة في عام 2014 لعمل أغنية "أفريقيا أوقفوا الإيبولا"، لمواجهة ذلك الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 11300 شخص .. وأوضح ريارت أن كانتيه كان يخطط لتقديم عدة حفلات خضعت كلها للتأجيل نتيجة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد .. توفي أسطورة الموسيقى الأفريقية موري كانتيه، الذي أسهم في إكسابها شهرة عالمية، عن عمر ناهز 70 عاماً في عاصمة بلاده غينيا وقال مدير أعماله جوان ريارت: “توفي موري، أثناء نومه، في العاصمة كوناكري”، مضيفاً أن سبب الوفاة غير معلوم. 3 ـ (أشهر أغانيه ييكي ييكي) وصلت إلى ملاعب كرة القدم و يتم الإحتفال بها في كأس إفريقيا و سماعها على التلفاز و الراديو العربي و الدولي بل إلى الهند و شاركت مقطعته في السينما لسنة 1990 طريق النار، و نال أميتاب عنه الجائزة الوطنية لأفضل ممثل، ونال عنه ميثون جائزة فلمفير لأفضل ممثل مساعد، عنوان الفيلم اقتبس من قصيدة للشاعر هاريفانش راي باتشان والد أميتاب. 4 ـ (سينما شعب أيام زمان) فيلم صيني1978"ووريورز اثنين" السيد تسان هو طبيب وخبير في وينع تشون ويمكنه تتبع سلالته العسكرية إلى مؤسس الأسلوب. تم إقناعه على مضض من قبل فاي تشون، طالبه الرئيسي ، بتدريس الكونغ فو إلى "كاشير هوا"، وهو مريض يختبئ في مقر إقامته. كان هوا قد سمع من قبل رجل أعمال يدعى مو والعديد من رجاله يخططون للسيطرة على المدينة بقتل رئيس المدينة. لسوء الحظ، ارتكب هوا خطأ تحذيره من أتباع مو الوديع، السيد ياو، وتم نصب فخ كاد أن يكلف أمين الصندوق الفقير حياته. أثناء الاختباء، ترسل هوا فاي تشون لتحذير رئيس البلدة. تجاهل النصيحة، وتعرض رئيس البلدة لاحقًا لهجوم من قبل رجال مو، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان قد هرب أو قُتل بعد قتال طويل. في هذه الأثناء، يدير تسان هوا تسان من خلال سلسلة معقدة من دورات وينع تشون التدريبية قبل أن يقع ضحية في فخ شرير نصبه مو الذي علم بمكان وجود هوا. مع عدم ترك أي شيء ليخسره، انقسمت ابنة أخت هوا وفي تشون وتسان لاستخدام أساليب معينة من وينج تشون ضد مقاتلي مو البارزين. تتصاعد المشاكل عندما يتم اكتشاف أن فاي خلطت أسماء المقاتل ويجب على كل طالب من طلاب تسان الارتجال من أجل الفوز على خصومهم .. الفيلم الثاني: فيلم أميتاب باتشان طريق النار 1990 يحكي قصة صبي صغير يقوده الانتقام ليصبح رجل عصابات و كل يوم يمر يصبح أكثر إجراماً مثله مثل أعدائه. هل يستطيع أن يجد الثأر و الفداء؟ و في الطريق إليهم و ما الذي يدعو للاحتفال؟ أغانيه “ييكي ييكي” من أسطورة الموسيقى الأفريقية موري كانتيه "أين أنتِ؟ حبيبكِ و بطلكِ هنا لا تعذبني". 5 ـ (إنضم علي بابا إلى الأربعين حرامي) أغنية علي بابا قال أحد الشعراء أنصتوا يا سكان العالم .. الزمان لا يصافح أحداً .. هذه أسرار لن يوافق عليها كل إنسان .. مفروض أن يشرب الناس كل الأنواع و لكن من النادر أن تجد صديقاً مخلصا .. ليس كل الأصدقاء يحبونك. 6 ـ (كانشا تشينا الذي يعيش في بيت زجاجي) جعل من القرية مكان مثالي و مناسب لكل أعماله المشبوهة و بسببه يتعرض مدرس إبتدائي يحاول أن يدخل الكهرباء في القرية للمكيدة و يتم قتله رغم أنه كان يحمل هموم القرية طوال حياته و ترحل أسرته المكلومة من بيتها و قريتها لتترك الساحة أمام المفسدين لكن إبنه فيجاي دينانات جوهان لم ينسى ما حصل لمدة 20 عاماً و عندما كان يخططون لقتله كان يعرف تحديداً الوقت الذي يريدون قتله فيه مكتوب في أجندته الساعة السادسة، موعد مع الموت. 7 ـ (فيجاي دينانات جوهان يتحدى الرصاص) بعد حادثة إطلاق الرصاص عليه و خروجه من المستشفى سمع صوت إمرأة عجوز تبكي أمام الإسعاف في الشارع .. ماذا هناك؟ جسد زوجي ملقى هنا لكني لم أجد أحداً لينقله إلى المقبرة .. لا تقولي مثل هذا القول يا أماه أنا هنا سنأخده جميعاً إلى المقبرة و تم ذلك فعلاً و هم يرددون "لا إله إلا الله محمد رسول الله" و من قلب المقبرة يرسل رسالة يقول: إجمع ما تريد من المال لكن لا تدع هؤلاء الأطفال يتسولون في الشارع لا يجب أن تدع أحداً ينام و هو جائع .. إبنو قصوراً لأنفسكم لكن إمنحوا الفقراء مكاناً للمأوى أيضاً.