كتاب عربي 21

حرب السودان ستطول وتطول

جعفر عباس
ما ينذر باستمرار الحرب لأمد طويل هو أن البرهان استنفر كل مواطن سوداني قادر على حمل السلاح للقتال إلى جانب الجيش الرسمي.. (الأناضول)
ما ينذر باستمرار الحرب لأمد طويل هو أن البرهان استنفر كل مواطن سوداني قادر على حمل السلاح للقتال إلى جانب الجيش الرسمي.. (الأناضول)
أعلن قائد القوات المسلحة السودانية، ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، أنه على استعداد للتفاوض لإنهاء الحرب الدائرة في السودان، منذ منتصف نيسان / أبريل من العام الجاري، بين الجيش الذي يقوده هو، وقوات الدعم السريع التي يقودها حليفه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وصدر قول مشابه عن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة، والذي فاز بمنصب نائب القائد العام للقوات المسلحة (وهذا منصب دخيل على القوات المسلحة، تماما كمنصب مساعد القائد العام الذي أضفاه البرهان على كل من عضوي مجلس السيادة ياسر العطا وإبراهيم جابر، وسبق للبرهان أن سمّى حميدتي في عام 2019 نائبا له على رئاسة مجلس السيادة، وهذا أيضا منصب اخترعه البرهان بلا سند من قانون أو دستور)، ومن جانب آخر ظلت قيادة قوات الدعم السريع تعلن مرارا أنها تقبل بالتفاوض وسيلة لإنهاء الحرب.

كل حروب العصور الحديثة انتهت بالتفاوض، عندما يدرك طرف أنه بصدد الخسران، فيتسنى للطرف الغالب أن يملي شروطه على الطرف المغلوب، وفي حرب السودان الحالية فلا غالب أو مغلوب حتى الآن، ولا تسمح كرامة وهيبة المؤسسة العسكرية في السودان بجلوس قادة الجيش الوطني قبالة قادة قوات الدعم السريع من موقع الندية، وبعبارة أخرى فلن يكون الجيش طرفا في أي عملية تفاوضية مع الخصم، ما لم يحقق نصرا ملموسا ومحسوسا، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، والحرب تستشرف شهرها الخامس، ولا شيء يشي باحتمال حدوثه في المستقبل القريب.

مجريات هذه الحرب تقول بأن القوات المسلحة الرسمية في موقع دفاع في غالب الأحوال، بل وفقدت السيطرة على العديد من مقارها، ليس لأن قوات الدعم السريع اجتاحتها في سياق نصر عسكري ميداني، بل لأن تلك المقار كانت خاضعة سلفا لسيطرة قوات حميدتي طوال السنوات الأربع الماضية، بقرار من البرهان، الذي كان يستقوى بحميدتي في مواجهة تحديات محتملة وحادثة، لبقائه في كرسي السلطة ممثلا لرئاسة الدولة وقيادة الجيش الوطني، من قبل قوى عسكرية ومدنية.

ومن الواضح من سياق معارك الشهور الأربعة الماضية أن قيادة الجيش السوداني مرتبكة، فقد ثبت خطل تبشيرها للمواطنين في الأسابيع الأولى من الحرب بحسمها خلال أيام معدودة، وما زالت قوات الدعم السريع تحاصر مقرات القيادة العامة للجيش، وسلاح الدبابات، والدفاع الجوي، وتسيطر على القصر الرئاسي، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ورئاسة الشرطة في ولاية الخرطوم، ووزارتي الخارجية والداخلية، وقيادة قوات الاحتياطي المركزي، ورئاسة جهاز الأمن، ومقر مجلس الوزراء.

وكما أسلفت، لم يتأت ذلك لقوات الدعم السريع نتيجة لدحرها قوات الجيش الوطني، بل لأنها كانت تتولى سلفا، وقبل اندلاع الحرب، حراسة معظم تلك المواقع، بمباركة من البرهان، الذي غض الطرف عن استيراد قوات الدعم السريع للأسلحة من مختلف المصادر من وراء ظهر القوات المسلحة، بل وبارك تواصل حميدتي وأخوه عبد الرحيم (يحمل أيضا رتبة فريق عطية وهدية من حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، ثم البرهان) مع إسرائيل، وصولا إلى الحصول منها على أجهزة تنصت ورصد إلكتروني بلا نظير في السودان.

قرار وقف أو استمرار الحرب لم يعد بيد البرهان قائد الجيش السوداني، فقد صار ذلك الجيش متعدد الرؤوس: هم كبار الجنرالات الذين يرون في التفاوض مع ما صاروا يسمونها بالمليشيا المتمردة انكسارا يجلب الخزي والعار على جيش البلاد، والراجح أنهم قد يقبلوا به فقط في حال جاء قادة الدعم السريع إلى مائدة التفاوض منكسرين أذلاء، وهذا أمر يقول استقراء المعارك طوال 116 يوما، إنه مستبعد الحدوث في المستقبل القريب..
وما ينذر باستمرار الحرب لأمد طويل هو أن البرهان استنفر كل مواطن سوداني قادر على حمل السلاح للقتال إلى جانب الجيش الرسمي، وبهذا يكون قد بارك تكوين مليشيات جديدة في بلد فيه 18 جيشا، من بينها جيوش ظل قادتها ممثلين في الحكومة خلال العامين الماضيين (مني مناوي حاكم دارفور، وجبريل إبراهيم وزير المالية، والهادي إدريس، ومالك عقار، والطاهر حجر أعضاء مجلس السيادة)، إلى جانب جيشين بقيادة عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو يسيطران سلفا، ومنذ أكثر من عشر سنوات على أراض "محررة".

إخلاء كافة سجون العاصمة السودانية من المحتجزين فيها، عنى فيما عنى خروج قيادات حكومة حزب المؤتمر الوطني برئاسة عمر البشير التي فقدت سلطانها في نيسان / أبريل 2019 والتي كانت رهن الاعتقال إلى فضاءات الحرية والعمل العام، فصاروا الأجهر صوتا والأكثر نشاطا في حشد كوادر الحزب ـ ومعظمها ذات خبرة في العمل العسكري ـ للقتال إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، والتي لن يغفر أولئك القادة لها انقلابها عليهم ـ وهم من صنعوها ـ ولعب دور حاسم في الإطاحة بحكومتهم، ومعلوم ومحسوم أن للحزب الذي حكم السودان لثلاثين سنة متصلة قواعد جماهيرية، بينما لا حظ للبرهان في مثل تلك القواعد، وأثبتت المعارك الشرسة التي شهدتها مدينة أم درمان يوم الأربعاء الماضي الموافق 9 آب/ أغسطس الجاري، أن مقاتلي المؤتمر الوطني نزلوا الميدان بكامل قوتهم.

ومعلوم أيضا أن كثيرين من أصحاب الرتب العليا في الجيش السوداني ما زالوا على ولائهم لحزب المؤتمر الوطني، ويعارضون بقوة وقف الحرب بالتفاوض، ولا يقبلون بأقل من سحق قوات الدعم السريع تماما، وهو أمر مستحيل الحدوث، ليس لأن تلك القوات معصومة من الهزيمة، ولكن لأنها ذات خبرة قتالية عالية، ولديها مخزون بشري "قبلي" هائل تعوض منه ما تفقده من مقاتلين خلال المعارك، كما وأنها نفذت شطرا كبيرا من خطتها "ب" بتوسيع دائرة الحرب بالسيطرة على مساحات شاسعة من إقليم دارفور، لتستخدمها كـ "كروت" مساومة في حال خسارتها لمعارك الخرطوم.

والشاهد هو أن قرار وقف أو استمرار الحرب لم يعد بيد البرهان قائد الجيش السوداني، فقد صار ذلك الجيش متعدد الرؤوس: هم كبار الجنرالات الذين يرون في التفاوض مع ما صاروا يسمونها بالمليشيا المتمردة انكسارا يجلب الخزي والعار على جيش البلاد، والراجح أنهم قد يقبلوا به فقط في حال جاء قادة الدعم السريع إلى مائدة التفاوض منكسرين أذلاء، وهذا أمر يقول استقراء المعارك طوال 116 يوما، إنه مستبعد الحدوث في المستقبل القريب..
التعليقات (5)
القوى المدنية تآمرت مع البرهان وحميدتي لاستئصال الإسلاميين
الأحد، 13-08-2023 11:11 م
*** 2- المقدام: - قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)، لكن الشعوب العربية ومعها الشعب السوداني لم يتعظوا، فما يصيب الشعب السوداني من أذى صراع العسكر، هو نتيجة سكوتهم الطويل على إفكهم وجرائمهم، وتركهم يتمددون في سلطاتهم، وتعاون البعض منهم معهم، مع استخفافهم بشعوبهم، وصراع العسكر الداخلي، هو صورة مكررة من صراع عسكر الانقلاب الذي تكررت صوره، انظر كيف انقلب ناصر على قائده محمد نجيب واعتقله، وكيف دس ناصر السم لصديق عمره عامر، وكيف انقلب السادات على رفاقه فاعتقل وزير حربيته صادق ومجموعته، وكيف طرد السادات رئيس أركانه في حرب 73 اللواء الشاذلي، ثم كيف قُتِل السادات وسط جيشه وحراسه الذين تآمروا ضده، وكيف اعتُقل مبارك وزج به خلف القضبان من مجلسه العسكري الأعلى للتضحية به، وفي تاريخ السودان ما يكفي من عظات مكررة ، وصراع العسكر مع بعضهم هو رحمة بشعوبهم، فلو اتفق هؤلاء العسكر، فلن يكون ذلك إلا لقمع شعبهم ونهبه، والقوى السياسية المدعاة بالمدنية، قد تآمروا فيما بينهم على استئصال الإسلاميين ومن يؤيدهم، وتأليب البرهان وحميدتي عليهم، ظانين بأنهم سيمكنوهم من حكم السودان، فكرروا جريرة القوى المدنية المصرية بحذافيرها، ولم يتعلموا منها، ولو حسنت نوايا الشعب وقواه السياسية وتوحدوا، لما استهان واستخف بهم عسكرهم، والأيام دول، ولكل ظالم نهاية.
صراع العسكر رحمة بالشعب
الأحد، 13-08-2023 11:06 م
*** 1- المقدام: - صراع العسكر بين ما يسمى بالجيش السوداني بقيادة مجرم الحرب الجنرال عبد الفتاح البرهان، في قتاله مع جناح رئيسي في الجيش المسمى "قوات الدعم السريع" تحت إمرة جنرال ثانٍ أحدث منه في الخدمة، ولكن أعرق منه في الإجرام هو حمدان دقلو (حميدتي)، وكلاهما متسربل بالزي العسكري المموه للتخفي وراءه، وحمل رتبه وعلاماته ونياشينه، لاكتساب صفة رسمية شرعية ووطنية كاذبة، فكلاهما من رجال الجنرال البشير المعزول، الذي ثار شعبه على استبداده لعزله، وشرعيتهم مكتسبة منه وحده، فهو الذي منحهم ألقابهم البراقة، ووجودهم واستمرارهم في مناصبهم كانت مستمدة من طاعة رغباته، وتنفيذ أوامره، ومشاركته في إجرامه، ولا يوجد لهم أي انتماء حقيقي للشعب ومصالحه وأمنه، مثل كل العسكر الانقلابيين، الغير مهمومين إلا بأنفسهم ومصالحهم، الذين عندما ينخرطون في سلك الخدمة بجيشهم، يتم تدريبهم، لمسخ عقيدتهم الإنسانية والوطنية والدينية، ووضع غمامة على أعينهم، والتلبيس على عقولهم، وإماتة ضمائرهم، وتحويلها إلى عقيدة الضبط والربط، أي ضبطهم وربطهم، لضمان الطاعة المطلقة منهم، وتنفيذهم لأوامر من جندهم، ليتحولوا إلى ذراعه الضاربة لمعاقبة معارضيه، دون تفكير أو تدبر، حتى ولو كانت تلك الأوامر بقتل أبناء شعبهم، وتدمير بيوتهم ومدنهم وقراهم، إن تمردوا على حاكمهم المستبد، لضمان استقراره على كرسي حكم البلاد الأعلى، ومستقر في سرائرهم بأنهم وقائدهم فوق المحاسبة، ولن يتجرأ أحد أن يشهد إلا لصالحهم، ليؤكد وطنيتهم الكاذبة المزعومة، فهكذا استمروا لسنين طويلة، وسط صمت شعوبهم، بل ومشاركتهم لهم أحياناً في إجرامهم، والعجيب من يضع ثقته فيهم، ويصدق أكاذيبهم.
اقتراح لانهاء الحرب
الأحد، 13-08-2023 01:28 م
استمرار الحرب يعني زيادة في بحور الدماء الذي من الممكن ان يغرق فيها ابناء قادة الحرب يعني انهم سيخصرون ايضا مثل بقية اهل السودان و الحل اولا وقف الحرب ثم قيام مندوب من كل فريق محارب بالاجتماع بوضع اتفاق يعدل بين الجميع و يهدف صالح السودان و الاتفاق هذا ممكن ان يكون نواة دستور جديد ثم اجراء انتخابات من يفوز يصبح رئيسا لاربع سنوات لا تجدد و الضامن هو السلاح و تنظيم الجيش بحيث يكون قوة محايدة هدفها حماية السودان و لا دخل لها بالسياسة و تمنع تغول اي فريق على الدولة يعني تمنع استخدام السلاح ضد الغير و اذا كانت الانتخابات صعبة في ظل الظروف الراهنة فاقترح ان يكون البرهان رئيس 4 سنوات لا تجدد ثم حميدتي رئيس 4 سنوات مع تحديد سلطات الرئيس بحيث لا يتغول على الفرق الاخرى لا تجدد ثم اجراء انتخابات رئاسية لمدة رئاسية واحدة لا تجدد طبعا و يجب ضم كل الملشيات للجيش حيث يصبح هناك جيش واحد و هذا سيحتاج تنظيم و ترتيب او تحويلهم لعمل مدني المناسب اكثر للسودان هذا الاقتراح سيرفضه كل مستفيد من الحرب و من خراب السودان
الجحوش
السبت، 12-08-2023 11:06 م
تعلم السماء و الأرض أن الجيوش "الجحوش" العربية هي جيوش إحتلال و نهب وخراب ، مكان هؤلاء السجن و ليس الحكم ، هم مسئولون على كل نفس قتلت بغير حق
مسعود
السبت، 12-08-2023 11:27 ص
كلما كان جيرانك ضعاء ومتحارببن يقتلهم الجوع والجهل ستكون انت السيد والحاكم والواعظ والمنقذ الوهمي لهم يا ترى من له مصلحة في خراب السودان من دول الجوار ارض السودان من اخصب الاراضي وماؤها من اعذب المياه هي افضل من هولندا في هذا المجال واغنى من الكثيرمن الدول من حيث خزين الذهب عسكر السودان صح انهم عسكر لكن من رباهم هم البشير والترابي لذا لن يهدء بال لاعداء الاسلام حتى يصفوا كل قيادات ذلك الوقت ثم يكونوا جيشا على غرار الجيران يستعيدون المسلمين