صحافة دولية

لوموند: فشل الوساطات بالسودان يزعج جيران الخرطوم ويزيد مخاوفهم

مخاوف من تحول ما يجري بالسودان إلى صراع إقليمي- جيتي
مخاوف من تحول ما يجري بالسودان إلى صراع إقليمي- جيتي
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن تداعيات الأزمة في السودان، في ظل فشل الوساطات الدولية.

وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي 21"؛ إن تدفق اللاجئين والتداعيات الاقتصادية للعنف المستمر منذ نيسان/أبريل الماضي، يزعج جيران الخرطوم، مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان.

ومنذ بدء الأعمال القتالية بين القوات المسلحة السودانية التابعة للجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التابعة للجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي"، في 15 نيسان/أبريل، فشلت كل محاولات الوساطة الدولية، رغم عقد اجتماعات تلو الأخرى، دون ظهور أي حل تفاوضي أو وقف دائم لإطلاق النار.

وحتى الاجتماع الذي عقد يوم الخميس 13 تموز/يوليو في القاهرة، بحضور رئيس النظام المصري، أحد أقوى أنصار الجنرال البرهان بحسب الصحيفة، و6 من قادة الدول المجاورة للسودان، لم يأت بأي نتيجة، ففي ختام الاجتماع قال المشاركون؛ إنهم قلقون من تدهور الوضع وشددوا على أهمية منع تقسيم البلاد، دون التمكن من وضع خطة لإنهاء الأزمة بين متحاربين متمسكين بفكرة الانتصار التام على الخصم.

وأضافت الصحيفة أنه حتى الآن، استغل الطرفان الهدنة التي تم التفاوض عليها في جدة بالسعودية، لإعادة تنظيم القوى ومواصلة الانتهاكات ضد الشعب. ففي غضون 3 أشهر، أدى الصراع إلى مقتل أكثر من 3000 مدني وتشريد أكثر من 3 ملايين شخص، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

وفي إشارة إلى عدم احترام أي من الالتزامات التي قطعها الطرفان بإقامة ممرات إنسانية، أعلنت الولايات المتحدة في 21 حزيران/يونيو الماضي، تعليق المحادثات التي بدأت قبل شهرين في جدة. وفي مواجهة هذا المأزق، وضع الاتحاد الأفريقي خطة للتهدئة في السودان، بمشاركة سياسيين وممثلين عن المجتمع المدني السوداني، غير أن خارطة الطريق هذه لم توصل إلى أي آلية ملموسة لحل الأزمة.

إظهار أخبار متعلقة



وحسب الصحيفة؛ استأنفت الهيئة الحكومية للتنمية تولي الملف السوداني، في محاولة لتنظيم لقاء بين الجنرالين العدوين. وفي قمة عُقدت يوم الاثنين في أديس أبابا، بحثت المنظمة التي تجمع قادة القرن الأفريقي أيضا نشر قوة دولية من شرق أفريقيا في السودان؛ لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين. المشروع تم رفضه على الفور من القوات المسلحة السودانية؛ بحجة أن أي تدخل خارجي سيعتبر عدوانا واعتداء على سيادة البلاد.

وأوضحت الصحيفة أنه في مواجهة تدفق اللاجئين، حيث  فر ما يقرب من 730 ألف سوداني من بلادهم بسبب القتال الأخير وفقا للمنظمة الدولية للهجرة؛ فإن لدى الجيران سبب حقيقي للقلق بشأن زعزعة استقرارهم؛ لأن هذا الصراع قد يكون له تداعيات إقليمية عميقة.

وأشارت إلى أنه ومع استمرار الصراع؛ تحاول القوات المسلحة السودانية استمالة حلفائها القدامى وإحياء العلاقات التي أقيمت في ظل نظام عمر البشير، خاصة مع موسكو؛ حيث التقى نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، بسيرغي لافروف، رئيس الدبلوماسية الروسية، في 30 حزيران/يونيو الماضي، وأيضا مع طهران، حيث التقى وزير الخارجية السوداني بنظيره الإيراني في أذربيجان.

وفي الوقت نفسه؛ يحاول الجنرال البرهان كسب دعم تركيا كوسيط محتمل على حد قوله، في حين تواصل قوات الدعم السريع الاعتماد على تأييد الإمارات، التي يبدو أنها تستغل المماطلة الدولية لمواصلة دعمها الخفي عبر الحدود المحيطة بدارفور، معقل هذه المليشيات. بينما سيعتمد الجنرال حميدتي - في مواجهة ضغوط من مصر وقصف متكرر من قبل الجيش النظامي- على إمدادات من جمهورية أفريقيا الوسطى، التي ترتبط سلطاتها، مثله، بمجموعة فاغنر الروسية.

ولفتت الصحيفة إلى أن العديد من المصادر في المنطقة تشكك في أهداف هذه الإمدادات التي تصل للأطراف المتقاتلة، بينما كل الأنظار تتجه الآن إلى تشاد، حيث حاولت نجامينا منذ بداية الصراع إظهار الحياد في الحرب على السلطة التي ينخرط فيها الجنرالان السودانيان، لكن الأمور تغيرت؛ فخوفا من امتداد الصراع إلى الأراضي التشادية، قام رئيس المرحلة الانتقالية، محمد ديبي، بإغلاق حدوده الشرقية بسرعة ونشر قوات إضافية في المنطقة.

وأضافت: "إذا كان الأخير في الواقع يميل لصالح البرهان فإنه يخاف من أن يثير حميدتي رياحا من التمرد بين المجتمعات العربية التشادية القريبة منه، خاصة بعد أن وعد محمد بن زايد باستثمار 1.5 مليار دولار (1.3 مليار يورو)، في تشاد لبناء مستشفى ميداني هناك لأكثر من 120 ألف لاجئ سوداني، وهو الأمر الذي تم تفسيره بأن دوافعه ليست إنسانية فقط" وفقا للصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في تشاد، كما هو الحال في العديد من دول المنطقة، تهدد تطورات الصراع في السودان، بأن يكون له تداعيات على السياسة الداخلية لدول الجوار، وقد انتشر القلق بالفعل في مصر التي ترفض الآن دخول أي لاجئين، وكذلك إثيوبيا، وجنوب السودان الذي تعتمد صادراته النفطية بالكامل على خطوط الأنابيب التي تمر عبر جارته الشمالية إثيوبيا.
التعليقات (0)