سياسة عربية

نقابات شمال سوريا ترفع سقف مطالبها.. لا وصاية على الثورة

النقابات أكدت بشكل صريح أنه لا يمكن فرض الحلول "الاستسلامية" على السوريين - الأناضول
النقابات أكدت بشكل صريح أنه لا يمكن فرض الحلول "الاستسلامية" على السوريين - الأناضول

أُثيرت في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة المدعومة تركياً، حالة كبيرة من الجدل حول البيان الذي أصدرته النقابات المهنية بعد الاحتقان الشعبي الذي ساد المنطقة على أثر التصريحات التركية الأخيرة بخصوص "المصالحة" بين المعارضة والنظام السوري.

وكانت النقابات قد رفعت من سقف مطالبها، داعية في بيانها المصور إلى وقف كل أشكال المفاوضات "العبثية" مع النظام، وأكدت على رفض كل أشكال الوصاية على الثورة السورية مع التّأكيد على عمق العلاقات مع جميع الأصدقاء وضرورة توازنها.

وتضمنت مطالب النقابات التأكيد على حق التظاهر السلمي ودعم الحراك الشعبي بكل أشكاله واعتباره الضمانة الحقيقية لاستمرار الثورة السورية ونجاحها.

واعتبر البيان أن الشرعية الانتخابية هي الشرعية القانونية التي تبنى عليها الدول والمؤسسات وتمثيل الشعوب وانتخاب سلطات تشريعية وتنفيذية ومجلس قضاء أعلى وتفعيل مبدأ فصل السلطات، وطالب بتوحيد المناطق المحررة بإدارة مدنية واحدة ينتج عنها حكومة مركزية ذات صلاحيات كاملة يرأس مفاصلها أشخاص مقيمون مع عائلاتهم في الداخل المحرر.

وكذلك، دعا البيان إلى دعم مؤسسة "الجيش الوطني" وتفعيل مبدأ مركزية القرار وإنهاء الحالة الفصائلية، وإصلاح الائتلاف بكل مؤسساته وإعادته لحاضنة الثورة بتطبيق الشرعية الانتخابية ونقل مؤسساته الرئيسية للداخل المحرر.

نتيجة طبيعية

وعن الأسباب التي استدعت هذا التحرك من النقابات، يقول نقيب المحامين السوريين الأحرار محمود الهادي النجار، إن تحرك النقابات نتيجة طبيعية للحال التي آلت إليها الثورة وعدم وجود سلطة مركزية، ونتيجة الظروف والأوضاع المتردية التي يعيشها أهالي المناطق المحررة من سوء إدارة وفقر وبطالة وتدني الخدمات الصحية والتعليمية والتعدي على الأملاك العامة والفوضى الأمنية وعدم احترام الأنظمة والقوانين وعدم تنفيذ أحكام القضاء.

ويضيف لـ"عربي21" أن التحرك النقابي الجماعي جاء بعد استكمال تأسيس بعض النقابات ويأتي في إطار التنسيق والمتابعة وتوحيد الجهود بين النقابات ومنظمات المجتمع المدني، للوصول إلى إدارة مركزية واحدة للمناطق المحررة وكل ذلك يصب في خدمة المجتمع والثورة.

وأضاف النجار: "البيان الذي صدر تضمن رؤية النقابات للخروج من الأزمة التي تعيشها الثورة والمناطق المحررة والنقاط التي تضمنها مستوحاة من رأي المدنيين وتمثل رأي غالبية الشارع"، وفق تأكيده.

وكانت أوساط قد اعتبرت أن البيان موجه بالدرجة الأولى للائتلاف السوري، وذراعه التنفيذية "الحكومة المؤقتة"، لكن النجار يؤكد أن "التحرك الحالي لم يأت ضد أي جهة كانت وغير موجه ضد أي جهة كانت وغير مرتبط بأي ظرف أو موقف حالي".

وتابع: "التحرك هو نتيجة للظروف الموضوعية المتراكمة ويأتي ضمن سياق خطة عمل النقابات وبرامجها لكي تكون صوت المجتمع وللنهوض بالواقع الحالي للمناطق المحررة وإصلاح المؤسسات وتصحيح مسارها والدفاع عن مبادئ وأهداف الثورة".

 

اقرأ أيضا: ما أهداف اجتماعات جنيف التي دعت إليها واشنطن حول سوريا؟

ما حظوظ نجاح التحرك النقابي؟

وشارك في التوقيع على البيان، نقابة أطباء حلب، ونقابة المهندسين الأحرار، ونقابة الصيادلة الأحرار، ونقابة الأكاديميين السوريين الأحرار، ونقابة الاقتصاديين، ونقابة المعلمين الأحرار، ونقابة الممرضين والفنيين المركزية، ونقابة المقاولين السوريين للإنشاءات، ونقابة المحامين الأحرار.

ووصف عضو "هيئة القانونيين الأحرار" عبد الناصر حوشان، البيان بـ"الصرخة" من ثوار الشمال السوري، مستبعداً في حديثه لـ"عربي21" أن تكون النقابات بصدد قلب الطاولة على المعارضة السياسية المتمثلة بـ"الائتلاف".

وأشار إلى أن النقابات تدعو في بيانها إلى تصحيح المسار، وخاصة أن صوت النقابات يؤخذ في الحسبان في كل الدول الديمقراطية، ويُسمع صداه داخل أروقة المجتمع الدولي.

وحسب حوشان فإن البيان أكد بشكل صريح أنه لا يمكن فرض الحلول "الاستسلامية" على السوريين، ما يعني أن البيان "وجه رسائل تحذيرية للائتلاف من تبعات المضي في الخيارات المطروحة" في إشارة إلى رفض الدعوة التركية إلى المصالحة بين النظام والمعارضة.

وقال: "البيان هو خطوة أولى، ومن غير المستبعد أن تُلحق هذه الخطوة بمقاطعة مؤسسات المعارضة في الشمال السوري، وتنظيم تظاهرات، وغيرها من وسائل التعبير السلمي".

 الواضح أن مخاوف سكان الشمال السوري قد زادت بعد أن انتهجت تركيا مقاربة تبدو جديدة في الملف السوري، عنوانها فتح صفحة جديدة في العلاقات مع النظام السوري، وهو ما كشفت عنه تصريحات متكررة لمسؤولين أتراك في هذا السياق.

التعليقات (0)