ملفات وتقارير

تسريبات للمالكي ضد الصدر تثير أزمة بالعراق.. هل من تداعيات؟

ناشط عراقي نشر ثلاثة مقاطع صوتية قال إنها تسريبات من اجتماع للمالكي- حساب المالكي على فيسبوك
ناشط عراقي نشر ثلاثة مقاطع صوتية قال إنها تسريبات من اجتماع للمالكي- حساب المالكي على فيسبوك

جدل واسع أثارته تسريبات صوتية منسوبة لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وجه فيها شتائم نابية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهاجم قادة سنة وأكرادا، الأمر الذي نفاه الأخير، ووصفها بأنها مفبركة، وجاءت في وقت ومنعطف حساس جدا تمر به العملية السياسية.


وفي بيان أصدره مكتب المالكي، الأربعاء، قال فيه: نؤكد أن ما جاء في هذا التسجيل الصوتي لا يعود للمالكي، وأن "بثه يأتي في وقت ومنعطف حساس جدا تمر فيه العملية السياسية والواقع العراقي، وهذا يعطي مؤشرا واضحا على أن الإعداد للتسجيل كان إعدادا مسبقا ومشبوها".


الصدر يعلق


وعلى ضوء ما ورد في التسجيلات، دعا زعيم التيار الصدري عبر حسابه في "تويتر"، أنصاره، الخميس، إلى عدم الاكتراث بالإساءات بحقه التي تضمنتها التسجيلات المسرّبة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، "فنحن لا نقيم له وزنا".

 

 

 

 

 


ونشر الناشط العراقي المقيم في الولايات المتحدة علي فاضل، ثلاثة مقاطع صوتية كان آخرها الخميس، وقال إنها تسريبات من اجتماع للمالكي مدته ساعة كاملة، متوعدا بنشره كاملا خلال الأيام المقبلة.


وكتب ناشر التسجيل، على "تويتر" قائلا: "ما سوف تستمع إليه هو مقتطفات وجزء صغير من تسجيل لاجتماع سري لنوري المالكي مع مقربين منه، من أجل تحديد ساعة الصفر. مدة تسجيل الاجتماع حوالي ساعة كاملة، وسأنشر باقي التسجيل قريبا جدا".

 

ما سوف تستمع إليه هو مقتطفات وجزء صغير من تسجيل لاجتماع سري لنوري المالكي مع مقربين منه من أجل تحديد ساعة الصفر.

 

 

 

 

 

واتهم المالكي في التسريبات مقتدى الصدر بالخيانة، وتلقي أتباعه التدريبات من بريطانيا، وأنه لا بد من التصدي لهذا المشروع سياسيا وعسكريا، ووصف أتباع الصدر بأنهم جبناء، وسبق أن انتصر عليهم وحده بإمكانيات ضعيفة للدولة في وقت كانت إيران تدعم الصدر بالصواريخ، لأنها كانت تريده أن يكون مثل حسن نصر الله (زعيم حزب الله اللبناني)، رغم أنه "جاهل".


وكذلك وجه المالكي اتهامات لرئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، بالسعي وراء "تدشين زعامة مذهبية لسنة العراق مع ضم مقتدى الصدر لذلك المحور كممثل وحيد عن الشيعة".

 

اقرأ أيضا: دعوات لإجراء انتخابات مبكرة بالعراق.. ما إمكانية ذلك؟

وأكد على "ضرورة الحفاظ على المصالح الشيعية إزاء التكتلات القائمة كون الصدر جاهلا، لا يمكن التسليم له بحكم العراق"، مستذكرا الملاحقات الأمنية التي طالت أتباعه عام 2008، بعد زج العديد منهم في السجون وإرغام الآخرين على الهرب خارج البلاد.


وشكلت عمليات الملاحقة التي شنتها السلطات الأمنية ضد أنصار الصدر خلال الولاية الأولى لنوري المالكي، والتي كانت تحت عنوان "صولة الفرسان"، جوهر العداء وبداية لخصومه اتسعت على مر السنوات.

 

 

 

 


وكشف المالكي خلال التسريبات المنسوبة إليه أن الصدامات التي جرت بين التيار الصدري وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، أثبتت أن "الصدريين جبناء"، وأجبرت الصدر على التراجع، لافتا إلى أنه أسس الحشد الشعبي حتى يكون مشابها للحرس الثوري الإيراني.


واتهم رئيس الوزراء الأسبق السياسيين السنة بأنهم حاقدون، وكان يطاردهم ولا يستطيعون المبيت في بيوتهم، وأنه كان أيضا "مدوخ" الأمريكيين، مشيرا إلى مخطط غربي لانتزاع الحكم من الشيعة، وجعلهم أقلية باستخدام الصدر، ثم قتله فيما بعد.

 


 

وفي تسجيل آخر، قال المالكي، إن "المرحلة القادمة قتال (...) كل يدافع عن نفسه، فالصدر يريد أن يقتل ويذبح، والجيش والشرطة لا اعتماد عليهم، وأنا أبلغت رئيس الوزراء (مصطفى الكاظمي) أني لا أثق بجيشه ولا بشرطته".

وأضاف: "نحتاج إلى سلاح. وأنا أحمي نفسي بنفسي، إذا عجز الآخرون أنا لا أعجز، من 10 إلى 15 تجمعا أعمل الآن على تسليحهم يكونون مستعدين للمعركة، والمرحلة الحرجة، وما يدريكم لعلي أهجم على النجف، إذا هجم الصدر على الناس أو على المرجعية، لأن هذا الرجل (الصدر) حاقد، ويريد دما رغم أنه جبان، ويريد أموالا وقد فرهد البلد".

 



وتابع: "المرحلة القادمة قتال وأنا أعمل على ذلك، وحصلت على دعم من العشائر، أتمنى على الجميع أن يكونوا مستعدين لذلك، وهي ليست قضية إعلام، بل هي قضية استعداد، نفسي وعملي وسلاح، وأن نفكر على قواتنا كيف نوفر لها غطاء رسميا وغطاء آخر لحركة العشائر".

وشدد: "العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا إذا استطعنا أن نسقط توجهات مقتدى والحلبوسي والبارزاني، إذا أسقطنا مشروعهم نجح العراق، وإن لم نستطع فالبلد نحو الدائرة الحمراء، وأنتم يجب عليكم أن تستعدوا".

 

 

تسريبات خطيرة

 
وتعليقا على تداعيات التسجيلات الصوتية، قال المحلل السياسي العراقي غانم العابد لـ"عربي21"، إن "المالكي تحدث بنقاط خطيرة ترغم أي متابع على الرجوع لملف الموصل، فهو تحدث عن نيته تأسيس حشد شعبي في العراق مشابه للحرس الثوري الإيراني، ولو عدنا إلى ملف سقوط الموصل، فإن أغلب ما حصل هو عبارة عن انسحابات للجيش جرت بأوامر عليا".


وتابع: "إذن كانت بالأساس هناك نية مبيتة من المالكي لإسقاط الموصل من أجل كسر الجيش العراقي وتأسيس حشد مشابه للحرس الثوري الإيراني، لكنه فشل في الحصول على ولاية ثالثة".
ورأى العابد أن "كلام المالكي خطير جدا، ولا بد من فتح ملف سقوط الموصل ومحاكمته، لأن ما جاء في التسريبات يؤكد أنه سلم الموصل إلى تنظيم الدولة بنية مسبقة؛ من أجل شرعة المليشيات وإعطائها الصفة القانونية، والكثير من العراقيين تضرروا جراء هذه الحماقة".


وأشار إلى أن "المالكي انتهى سياسيا منذ عام 2014، حين رفضت الولايات المتحدة توليه رئاسة الحكومة، وإيران وافقت مقابل عدم تشكيل مجاميع سنية تقاتل تنظيم الدولة، ولم يكن أمام المالكي سوى الفوضى لفرض نفسه".

 

اقرأ أيضا: هل ينهار النظام السياسي الذي أنشأته واشنطن في العراق؟

ولفت العابد إلى أن "التسريبات أنهت كل آمال المالكي بالعودة مجددا إلى منصب رئاسة الوزراء، وزادت من القطيعة بينته وبين التيار الصدري وبينه وبين الأكراد والسنة؛ بسبب الأوصاف التي وصفها بهم في التسريبات".


واستبعد المحلل السياسي أن يحصل أي توافق بين الإطار التنسيقي الشيعي والتيار الصدري بعد التسريبات، ولا حتى تضحية من إيران بالمالكي للتقارب مع الصدر، وأن "الحل الأقرب إلى المنطق لإنهاء أزمة تشكيل الحكومة هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة".


تداعيات محتملة

 
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، كاظم ياور، لـ"عربي21" إن "التسريبات سلاح ذو حدين، إما للمالكي أو عليه، فهو يتصور ويستلهم أن العوامل الإقليمية والدولية مع شخصيات توصف بالحزم والحسم والقوة في اتخاذ قرارات مثلما جرى في بلدان عربية، وما حصل في عهده عندما ضرب من أسماهم بـ(الخارجين على القانون) وكان يريد به جيش المهدي".


وتابع: "لو كانت هناك معطيات لسيناريو إقليمي يراد منه استتباب الأمن في العراق، فهو (المالكي) يعرض إمكاناته أنه هو رجل المرحلة في العراق من حيث له تأثير على إيقاف أي فصيل أو جماعة خارج إطار القانون والدستور".


ورأى ياور أن "تضحية إيران والإطار التنسيقي بالمالكي بعد التسريبات ممكنة من أجل كسب ود التيار الصدري في حال بقي الأخير في البرلمان، ولكن انسحابه جعل هذا السيناريو بعيدا جدا، مع العلم أن إيران تتعامل بمرونة عالية مع تغيير الأشخاص من المناصب إذا دعت مصلحتها ولا يحرصون في ساعات الشدة على الأشخاص".


ورأى المحلل السياسي أن "المرحلة الحالية في العراق متجهة نحو تغير معين أيا كان نوعه، ولكن إيران تعمل على أن تكون التغير ضمن نطاق العملية السياسية، وألّا تخرج من هذه النطاق والدائرة، لأنها لا تضمن خطورة ومدى أنواع التغيرات الأخرى خاصة نوع الذي تجعلها تفقد مصالحها وتهدد أمنها القومي، ولذلك لا تفرط بالمالكي في هذه المرحلة".


وأشار ياور إلى أن "الحل في الوقت الحالي حتى لا تتصاعد التوقعات والسيناريوهات المخيفة ومجهولة المدى، هو أن يذهب الجميع إلى حل البرلمان والاستعداد إلى انتخابات أخرى من شأنها تهدئة كل هذا الشحن السياسي والأمني والتعبئة للشارع".


التعليقات (0)