سياسة عربية

معهد واشنطن: هل يمكن لتركيا والإمارات حل أزمة ليبيا؟

اعتبر المعهد أن الاعتماد على تركيا والإمارات حافل بالتحديات - الرئاسة التركية على فيسبوك
اعتبر المعهد أن الاعتماد على تركيا والإمارات حافل بالتحديات - الرئاسة التركية على فيسبوك

تطرق معهد واشنطن في مقال للمدير السابق لشؤون شمال أفريقيا في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي، بين فيشمان، لتحسن العلاقات التركية الإماراتية وتأثير ذلك على الأزمة السياسية في ليبيا، حيث رأى الكاتب أن التوصل إلى حل وسط للانتخابات سيكون أمراً حساساً، لكن تحسن العلاقات مؤخراً بين أنقرة وأبو ظبي سيزيل عائقاً كبيراً.

وذكر المقال أن البلاد تواجه أصعب حالة جمود، بعد مرور 11 عاماً على اندلاع الثورة الليبية، في سعيها  لإنهاء دوامة الحروب الأهلية والانقسامات السياسية التي قوّضت الآفاق الديمقراطية للبلاد.

 

أسباب الأزمة.. الواقع

وتكمن أسباب عدة وراء هذه الأزمة الشاملة، من بينها: تلاعُب طبقة جديدة من النخبة بثروة البلاد، وانتشار الجماعات المسلحة وعدم القدرة على إجراء إصلاحات مفيدة في القطاع الأمني خلال العقد الماضي، والتدخل السياسي والعسكري السافر في شؤون ليبيا من قِبل الجهات الخارجية، بما في ذلك استمرار انتشار آلاف القوات الأجنبية والمرتزقة ضمن حدودها، وأخيراً عجز الليبيين أنفسهم عن التوصل إلى حل وسط بشأن مسارٍ جديد للمرحلة القادمة.

ورأى الكاتب أن الوضع الراهن "لا يبشر بالخير" بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مزمعة في كانون الأول/ديسمبر 2021 إلى أجلٍ غير محدد، إضافة إلى تعيين رئيس وزراء منافس في 10 شباط/فبراير الماضي، ما يهدد بتقسيم البلاد مرةً أخرى، أو إشعال فتيل حرب أخرى.

لكن تجدد مساعي المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز قد يسفر عن وضع جدول زمني جديد للانتخابات إذا حظيت بالدعم المناسب من قبل غالبية الدول التي لديها مصالح في ليبيا.

كما يُعتبر تحسُّن العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وتركيا، اللتين كانتا تدعمان طرفين متضادين خلال الحرب الأهلية الليبية بين عاميْ 2019 و2020، تحولاً مهماً أيضاً في ديناميكيات المنطقة التي تؤثر على استقرار ليبيا.

وفي ظل هذا التوافق الإقليمي المتجدد، قد يتمكن الليبيون من التوصل إلى توافق في الآراء لإجراء انتخابات جديدة بناءً على أساس دستوري متفق عليه، وهي إحدى القضايا الرئيسية التي حالت دون إجراء الانتخابات في عام 2021.

 

ثقة منعدمة.. أزمة عميقة


وأكد فيشمان في مقاله بأن ثقة الليبيين بقادتهم تتراجع أكثر فأكثر، كما أن هيئتين برلمانيتين أنشئتا بموجب "الاتفاق السياسي الليبي" لعام 2015 مددتا لفترة طويلة جدول عملهما الزمني المتوقع.

ورغم ذلك، فإن هذه المؤسسات وقادتها مكلّفون بإيجاد بديل لأنفسهم، وهو أمر لا يحفزهم كثيرا ما لم يضمنوا حظوظاً معقولة للفوز في الانتخابات.

ولفت مقال معهد واشنطن إلى أن أفضل مسار للمرحلة القادمة هو التوسط لوضع جدول زمني متفق عليه بين أربعة وأربعة عشر شهراً، دون إجراء استفتاء على دستور كامل، لأن ذلك من شأنه أن يتسبب بتأخير الجدول الزمني إلى أجل غير مسمى.

كما نوه إلى أنه يجب أن يتمثل الهدف في وضع حد أدنى من الأساس الدستوري لإجراء الانتخابات، التي يجب أن تقام انطلاقاً من فكرة المسؤوليات التي تقع على عاتق الأفراد والهيئات المنتخبين.

 

توازنات إقليمية جديدة


وعلى الصعيد الإقليمي، رأى فيشمان أنه "يمكن في هذه المرحلة إيجاد وساطة فعالة بفضل ذوبان الجليد مؤخراً في العلاقات بين أنقرة وأبوظبي، اللتين كانتا على طرفي نقيض من النزاع خلال 2019-2020، لكنهما اليوم قادرتان على المساهمة في ضمان العملية الانتقالية في ليبيا".

كما ذكر بأن التدخل الخارجي شبه الدائم كان من أبرز العوائق التي منعت العملية الانتقالية في ليبيا، فغالباً ما انقسم الأوروبيون بين فرنسا وإيطاليا، حيث دعمت فرنسا حفتر في أوقات مختلفة.


 أما دول المنطقة، فانقسمت بين الإمارات ومصر اللتين دعمتا عموماً حفتر والموالين له في الشرق من جهة، وتركيا وقطر اللتين دعمتا الغرب بدرجات متفاوتة على مر السنين من جهة أخرى. حتى أن الولايات المتحدة لعبت دوراً في تمكين النزاع عندما أشار البيت الأبيض في عهد الرئيس ترامب إلى أنه لن يعترض على هجوم حفتر على طرابلس في عام 2019.

ويمثل تقارب العلاقات بين تركيا والإمارات، وزيارات ولي العهد الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة في تشرين الثاني/نوفمبر التي تلتها زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى أبوظبي في شباط/فبراير فرصةً لتوسيع الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والدفاعية بين البلدين للمساعدة في تسهيل إحلال السلام بشكلٍ أكثر استدامةً في ليبيا، كما أنه سيمثل تحولاً مهماً في الأحداث بالمقارنة مع العامين السابقين حين كانت الدولتان تقفان على طرفي نقيض في النزاع الليبي.

واعتبر المقال أن الاعتماد على "الدولتين المتخاصمتين سابقاً، اللتين لا تحظيان بالثقة في أجزاء مختلفة من ليبيا"، سيكون حافلاً بالتحديات.

 

حلف أنقرة-أبوظبي

 

وتابع مقال معهد واشنطن بالقول إنه "من المؤكد أن النزاع الليبي لم يكن الدافع وراء المصالحة التركية-الإماراتية، التي تنبع إلى حد كبير من الحاجات الاقتصادية لأردوغان وإعادة تقييم محمد بن زايد لمصالح الإمارات، في وضع حد للنزاعات في المنطقة، فهذه المصالح المتبادلة ونفوذ الطرفين على جهات فاعلة ليبية نافذة وجهات خارجية أخرى، مثل مصر، قد يجعلهما رسولين مفيدين إذا تعاونا مع الأمم المتحدة لدعم الوساطة على أساس خارطة طريق انتقالية متفق عليها".

وأوضح إمكانية بدء تركيا والإمارات بالوفاء باتفاق وقف إطلاق النار المبرم في تشرين الأول/أكتوبر 2021 وما يمليه من سحب قواتهما الخاصة وتلك التابعة لهما، رغم أنه لا بدّ من السماح باستمرار التدريب المشروع وأنشطة أخرى، مثل دعم إزالة الألغام.

 

وبعد اتخاذ التدابير الخاصة بهما، يمكن لتركيا والإمارات أيضاً ممارسة الضغوط على روسيا لتحذو حذوهما وتسحب مرتزقتها، فبهذه الخطوات، من الممكن أن يتغيّر التدخل السابق في ليبيا لتسهيل إحراز التقدّم السياسي الضروري.

 

التعليقات (0)