ملفات وتقارير

ما طبيعة الخلافات داخل التيار المحافظ بإيران وأين نجاد منها؟

يرجح محللون عدم قبول النظام بترشح نجاد لرئاسة إيران للمرة الثالثة- ا ف ب
يرجح محللون عدم قبول النظام بترشح نجاد لرئاسة إيران للمرة الثالثة- ا ف ب

أثار رفض بعض رجال الدين في مدينة قم الإيرانية لقاء الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، تساؤلات عدة حول ما إذا كانت هناك خلافات داخل التيار المحافظ أم لا.

وأشار مراقبون إلى وجود خلافات داخل هذا التيار، فهل هي موجودة فعلا وما طبيعتها؟

"خلافات ولكن"

يرد أستاذ دراسات الخليج وإيران د. محجوب الزويري بالقول: "يوجد خلافات داخل التيار المحافظ، ولكنها ليست على الأصول والجوهر، وإنما على سياسات ووجهات النظر".

وأوضح الزويري في حديث لـ"عربي21" أن "هذه الخلافات هي ذات طابع شخصي، بمعنى أن كل شخص يرى نفسه أنه الأقدر وهو يستطيع التغيير وفرض أوضاع أفضل، ولكن من ناحية الأجندة السياسية فهي واحدة،وهناك تفاوت وتنافس شخصي في تنفيذ آليات هذه الأجندة بشكل أساسي".

وحول موقف التيار المحافظ من نجاد أشار الزويري إلى أنه "كان أكثر تشددا وصلابة، على اعتبار أن رئاسته لم تكن بناءة أو أفادت النظام السياسي بل إنها على العكس ضاعفت أزماته خاصة من حيث الأزمة الاقتصادية بشكل أساسي".

"المحافظون طيف واسع"

من جهته أشار الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي إلى "أنه بُني على رفض بعض رجال الدين لقاء محمود أحمدي نجاد رأي بأن هناك خلاف داخل التيار المحافظ".

وأضاف: "لكن الذي لا يعرفه البعض أن التيار المحافظ عبارة عن طيف لا يمثل هذا التيار خلية مركزية تقود كل الأطراف وتشرف على التيارات الأخرى التي تحسب نفسها على التيار، المحافظ بالتالي هي مجرد مواقف تقترب من بعضها لهذا يُوصفون بالمحافظين".

وتابع أفقهي في حديث لـ"عربي21": "في ما يتعلق بالخلافات داخل هذا التيار لا يمكنني القول بأنها غير موجودة، فتلك طبيعة البشر لكنها لا تصل إلى حد المماحكة والرقابة السلبية مثل ما هو موجود الآن بين الإصلاحيين، فمثلا هناك فئة من التيار المحافظ تخون بعض التوجهات في التيار الإصلاحي مثل التزامهم بالموقف الغربي وميولهم للقراءة الغربية للاقتصاد".

وأكد الدبلوماسي الإيراني السابق "وجود خلافات في الرأي أو على مستوى التكتيك وليس على المستوى الاستراتيجي بين خطوط المحافظين"، مضيفا أن "هناك وجهات نظر متباعدة داخل الإصلاحيين وهذه الظاهرة صحية وطبيعية والغرب ربما يبني على هذه الخلافات الجزئية، ومن هنا أقول إنه يخطئ في حساباته عندما يتحدى النظام برمته بمعسكريه الإصلاحي والأصولي ويفشل".

مستقبل نجاد السياسي

ويبقى السؤال الأهم على أثر رفض بعض رجال الدين لقاء نجاد، ما هي فرصه للوصول للرئاسة مرة أخرى، وهل يعني ذلك انتهاء مستقبله السياسي؟

يرد أفقهي بالقول: "أولا لا يوجد دعوة أو رسالة من الرئيس السابق للقاء رجال دين بارزين، ولكن هو له علاقات عامة بما أنه ما زال عضوا في مجمع تشخيص مصلحة النظام ومُنصب من قبل المرشد الأعلى الإمام خامئني، بالتالي فإن له علاقات عادية وطبيعية مع رجال دين هم أعضاء في نفس المجمع، ولكن إذا كان المقصود برجال الدين المراجع فلا أتصور أنه طلب يوما الالتقاء بالمراجع "العظام" في الحوزة العلمية في قم".

وأوضح أفقهي بأن "نجاد يقر بنفسه بأنه ليس من التيار المحافظ، وإنما هو يعتبر نفسه شخصية مستقلة وحتى إن عنده بعض الإشكالات على ولاية الفقيه، ولديه أفكار شاذة، حيث يقول إنه طالما الإمام الحجة موجود في الغيبة فما الداعي لفلسفة وجود ولاية الفقيه".

وأضاف: "بالطبع نجاد بدأ يصرح بهذه الأفكار ويُظهرها في أواخر ولايته الثانية التي أثارت شكوكا وجدلا واسعا، بمعنى هل كان منذ البداية منحرفا أم إن مستشاره أسفنديار رحيم مشائي حرف بوصلته وجعله ينحرف؟".

ولفت إلى أنه "كل ما مر الزمن وابتعد نجاد عن السلطة صرنا نسمع تصريحات غريبة وعجيبة من هذا الرجل، وأصبح الشارع يرفضه إلى أن وصلت المرحلة الثانية لانتخابات الجمهورية، حيث قال في البداية أنا لم أؤيد أي مرشح وكل من ادعى أني أدعمه فكذبوه، ولكنه حينما ترشح مشائي أيده، وفي آخر فرصة لتسجيل الأسماء في وزارة الداخلية للمرشحين للرئاسة سجل اسمه لكن رُفض ملفه من قبل مجلس صيانة الدستور بسب شذوذه الفكري وموقفه من الغيبة".

وخلص أفقهي بالقول: "بناء على هذا أرى أن فرص وصول وقبول نجاد من قبل مجلس صيانة الدستور لترشحه لولاية ثالثة مستحيلة، حيث يوجد عليه اعتراضات شديدة وعليه ثورة فكرية بسبب أفكاره الشاذة وخروجه عن الإطار المقبول للنظام، فهو يطالب بالمفاوضات مع أمريكا مع أنه يعلم أن هذا الأمر خط أحمر، وهو بهذا يتحدى الولي الفقيه وأيضا هو يقترب من العناصر المنحرفة".

بدوره توقع المختص بقضايا إيران والشرق الأوسط، محجوب الزويري، أن لا يتم السماح لنجاد بالترشح في المرحلة المقبلة، لعدة أسباب منها ما هو متعلق بنجاد ومنها لوجود بدائل، فمثلا عدم ترشح علي لاريجاني للبرلمان يعني ذلك أنه يفكر بالترشح لرئاسة الجمهورية، وهناك حديث بأن رئيس مجلس الشورى الحالي محمد باقر قاليباف يفكر بالترشح، بالتالي فإنه يوجد هناك شخصيات في التيار المحافظ ربما تكون أكثر ثقلا ووزنا وأقل إشكالية للنظام السياسي من نجاد".

وأشار الزويري إلى أن من أسباب عدم قبول ترشح نجاد "أنه في آخر فترته الرئاسية دخل في عدة مواجهات مع قواعد مختلفة في النظام المحافظ وعلى رأسها المرشد، فعلى سبيل المثال حاول أن يشرع قانونا يسمح للنساء بحضور مباريات كرة القدم في الملعب، إلا أن المرشد اضطر للتدخل وأصدر فتوى لتحريم ذلك".

وأوضح الزويري أن "هذا الخلاف تسبب بانتقاد نجاد للسلطات المطلقة الممنوحة للمرشد ودخل في سجال معه وانتهى السجال بخسارته لكثير من مناصريه خاصة في المؤسسة العسكرية وطبقة رجال الدين القريبة من المرشد".


وأضاف: "نجاد  حاول فرض ضريبة على البازار أو ما يسمى طبقة التجار، الأمر الذي أدى إلى نوع من الإضراب أغلقت فيه التجارة ما اضطره للرجوع عن هذا القانون".

ولفت إلى أنه خلال الفترة الأخيرة من رئاسة نجاد "لم يستطيع عدد من الشخصيات المهمة في التيار المحافظ التعامل معه؛ منهم مثلا علي لاريجاني حيث عمل معه مستشارا للأمن القومي ولكنه ما لبث أن استقال، بمعنى آخر فإن طريقة إدارة نجاد لمنصبه كرئيس الجمهورية تسبب له بخلافات كبيرة مع دوائر مختلفة في التيار المحافظ".

وآخر أسباب عدم قبول ترشح نجاد وفق الزويري "هو فشل نجاد في تلبية طموحات الناس حيث وعدهم بجلب عوائد النفط إلى بيوتهم ولكنه لم ينجح بذلك وبالتالي فقد خسر القاعدة الشعبية، ومع هذه العوامل مجتمعة أصبح بلا قاعدة وحتى عندما حاول العودة للمشهد حُرم في أكثر من مناسبة واعتقد أن عدم استقبال رجال الدين المحافظين له جزء من هذا التهميش".

0
التعليقات (0)