هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رفضت مصر على لسان وزير خارجيتها سامح شكري، ورئيس برلمانها علي
عبدالعال، طلبا ألمانيا بإقامة معسكرات للاجئين في مصر لمنع نزوحهم نحو أوروبا
مقابل دعم مادي يمنحه الاتحاد الأوروبي للقاهرة.
شكري،
الذي يزور ألمانيا الأربعاء، رفض فكرة إقامة مخيمات استقبال لاجئين أوروبية،
متعللا بأن مصر بها 5 ملايين لاجئ، وقال بمؤتمر صحفي ونظيره الألماني هايكو ماس
ببرلين: "سنستمر بالحوار مع أوروبا بشأن اللاجئين، فلدينا حوار مع ألمانيا
والاتحاد الأوروبي"، فيما كان قد رفض شكري الفكرة في كانون الأول/ ديسمبر
الماضي.
وأثناء
زيارته لألمانيا، 26 حزيران/ يونيو الماضي، قال علي عبدالعال، لصحيفة "فيلت
أم زونتاغ" الألمانية، إن "إقامة مراكز استقبال مهاجرين تابعة للاتحاد
الأوروبي بمصر يخالف القوانين والدستور الخاص ببلدنا".
وغلبت
أزمة اللاجئين الأفارقة عبر مصر وليبيا على مباحثات المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل والسيسي بالقاهرة، في آذار/ مارس 2017، خاصة بعد تقليل تدفق اللاجئين
السوريين والعراقيين والآسيويين عبر تركيا، حيث دفعت ميركل 250 مليون دولار لمصر،
مع وعد بمبلغ مماثل في 2018، وطرح فكرة تأسيس مراكز إيواء للاجئين الأفارقة بمصر
ينفق عليها الاتحاد الأوروبي.
صداع
بروكسل وأزمة ببرلين
واتفق
المشاركون بالقمة الأوروبية ببروكسل نهاية الشهر الماضي، والتي تمثل لهم أزمة
المهاجرين صداعا، على دراسة إقامة مخيمات استقبال بدول خارج المنطقة الاقتصادية
الأوروبية بشمال أفريقيا لإقامة المهاجرين غير الشرعيين الذين يتم إنقاذهم من
البحر.
وتعيش
ألمانيا على وقع أزمة اللاجئين المثارة بين وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر،
والمستشارة أنجيلا ميركل، لمطالبة الأول رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي بترحيل
اللاجئين الذي فتحت ميركل أمامهم باب اللجوء في 2015.
وبالتزامن،
رفضت إيطاليا واليونان طلب مركب مهاجرين عبر البحر المتوسط، الثلاثاء، بالرسو في
أي من موانئهما، بينما توجه المركب الذي تحمل 60 لاجئا إلى إسبانيا.
وأعلنت
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أن عام 2015 شهد وصول أكثر من
مليون لاجئ إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
أعداد
اللاجئين بمصر
وعن
أعداد اللاجئين بمصر، أعلن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي مع
نظيره اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، في 23 نيسان/ أبريل 2015، أن "مصر بها 5
ملايين لاجئ"، وأثناء كلمته بقمة الأمم المتحدة للاجئين في 19 أيلول/ سبتمبر
2016، أكد أن مصر تتحمل 5 مليون لاجئ بين مسجل وغير مسجل، ودون عزلهم بمخيمات للإيواء،
ويستفيدون من منظومة الدعم"، وهو ما كرره في 19 كانون الثاني/ يناير 2018،
بإحدى لقاءاته مع الشباب، دون أن يوضح مصدر الرقم ولا حقيقته.
وفي
المقابل، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر "UNHCR"، أن إجمالي اللاجئين وطالبي اللجوء بمصر وصل 209.393 ألف بنهاية
تموز/ يوليو 2017، وقال مساعد وزير الخارجية السفير هشام بدر، في أيلول/ سبتمبر
2015، إن "عدد اللاجئين السوريين بمصر 350 ألف سوري، مسجل منهم 140 ألف
بمفوضية اللاجئين".
5 أسباب مصرية
وحول
أسباب رفض مصر الطلب الألماني، رغم ما سيعود عليها من عائد مالي وتحسين صورتها
بمجال حقوق الإنسان، يعتقد عضو بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)
الدكتور إبراهيم نوار، أن "رفض مصر طلب الاتحاد الأوروبي ينطوي على معان
كثيرة"، موضحا أن "أول هذه المعاني أن مصر ترفض أن تكون فناء خلفيا لحل
مشكلات الهجرة لأوروبا، وأن دول الاتحاد الأوروبي من وجهة نظر مصر تتحمل قدرا
كبيرا من المسؤولية".
وفي
حديثه لـ"عربي21"، أضاف
نوار أن "ثاني هذه المعاني أن إقامة معسكرات لإيواء اللاجئين بمصر سيجعل مصر
مقصدا للاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما لا ترغب فيه الحكومة".
وأكد
أن "ثالث المعاني أن إقامة معسكرات إيواء للاجئين بمصر ينطوي على مخاطر أمنية
واجتماعية شديدة، يجب أن تعمل مصر على تفاديها".
وأضاف
أن "رابع هذه المعاني هي أن دول الاتحاد الأوروبي لا تملك إطارا استراتيجيا بعيد
المدى للتصدي للهجرة، وهو ما يمكن أن يحول معسكرات الإيواء بمصر لمشكلة مزمنة
تستعصي على الحل مستقبلا".
وقال
إن "خامس هذه المعاني ينطلق من أن مصر تقوم فعلا بواجباتها لاستيعاب أعداد
ضخمة من اللاجئين"، مشيرا إلى أنه "إذا صحت أرقام وزير الخارجية من أن
أعداد اللاجئين بمصر تصل 5 ملايين لاجئ، فهذا يعني أن اللاجئين يمثلون أكثر من 5
بالمئة من السكان المحليين، وهي نسبة مرتفعة جدا بالمقاييس العالمية".
وحول
عرض الفكرة ذاتها على تركيا عام 2015 بمقابل 3 مليارات دولار سنويا بالاتفاق مع
الاتحاد الأوروبي، ومدى خسارة مصر برفضها أن تكون البديل لتركيا عند الاتحاد
الأوروبي، أكد نوار أن "مصر نقطة سهلة جدا لوصول اللاجئين والمهاجرين غير
الشرعيين، أسهل كثيرا من تركيا، مضيفا: "لا أظن أنه من الحكمة قبول
الفكرة"، معتبرا أنها "صداع مزمن وخطر طويل الأجل".
عائد
التهريب وتورط الأمن
من
جانبه، يرى خبير الدولة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الاعتيادية،
حمدي العزازي، أن أسباب رفض مصر إقامة مناطق إيواء للاجئين رغم ما يفتحه ذلك من
دعم أوروبي، "ببساطة لأن ما يتقاسمه ضباط (حرس الحدود) و(غفر السواحل) مع
عصابات التهريب يفوق ما سيتم الحصول عليه من الاتحاد الأوروبي".
العزازي،
أشار بحديثه لـ"عربي21" إلى أن "هناك أنظمة
أمنية متورطة في تقديم التسهيلات للمهربين، بالضبط كما كان يحدث بسيناء سابقا من
عام 2005، حتى 2013، حيث كانت المخابرات الحربية وأجهزة الشرطة هي التي تقدم
التسهيلات لعصابات الاتجار بالبشر بسيناء وكل اللاجئين الأفارقة كانوا يدخلون
سيناء بعلم أجهزة الأمن".
وحول
إمكانية أن يستغل السيسي تلك الفرصة بقبول هذه المخيمات بمصر مقابل تحسين صورته
بمجال حقوق الإنسان، يرى العزازي أن هذا الأمر لا يهم الأوربيين ولا الألمان،
قائلا إنهم "يستخدمونه فقط كيفما شاؤوا لمصالحهم".