منذ نشوء الكيان الصهيوني عام 1948، كانت القضية الفلسطينية هي العامل الأساس في تغيير خريطة المنطقة، والعامل المؤثر في واقع كل الأنظمة العربية، والسبب الأساس للانقلابات ونشوء الأحزاب والمشاريع النهضوية، وعند كل تطور تاريخي ومهم على صعيد القضية الفلسطينية أتحدث تغييرات في كل المنطقة
أصبح التدخل الخارجي في دولنا مرحبا به ومقبولا به ولا يقاوم، بل إن بعض الشعوب والدول أصبحت لا تشعر بالأمان إلا من خلال استدعاء الأجنبي والمستعمر الجديد بكافة أشكاله
نحن أمام متغيرات وتحديات جديدة أمام الحركات الإسلامية، وهذا يتطلب تقييم كل تجارب الحركات الإسلامية ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة على ضوء المتغيرات الحاصلة
إلى أين تتجه الأمور في المرحلة المقبلة؟ وهل سينجح الفرنسيون في ملء الفراغ الحاصل في لبنان والمنطقة، ووقف الاندفاعة الصينية والروسية في ظل التراجع الأمريكي وتقدم دور القوى الإقليمية، وخصوصا تركيا وإيران؟
نحتاج مجددا لنهضة عربية حقيقية ومشروع جديد لاستشراف مستقبل الوطن العربي والا فسنغرق جميعا في الموت والدمار وتنتشر أنهار الدماء في وطننا العربي بدل أنهار النيل و الفرات ودجلة والليطاني وغيرها..
كل هذه الدعوات تحتاج إلى تدقيق وإعادة تعريف للمصطلحات، لتحديد ما هو المطلوب في ظل التداخل الكبير في الثقافات والمصالح والعلاقات بين الدول. فلم يعد بالإمكان تقسيم العالم بين شرق وغرب
تتابع الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية باهتمام الخطوات التي تنوي الحكومة الصهيونية القيام بها لاستكمال تنفيذ ما يسمى صفقة القرن، ولا سيما الإجراءات العملية لضم مناطق جديدة من الضفة الغربية وغور الأردن، بغض النظر عن موعد التنفيذ وإمكانية تأجيله
فمتى نخرج من الماضي والتاريخ والصراعات المذهبية، ونعمل لقيام دولة المواطنة والتنوع والتعددية، ونعترف ببعضنا بغض النظر عن مذاهبنا وعقائدنا؟ ومتى نبقي خلافاتنا السياسية والحزبية في إطارها الطبيعي، ولا نسقط عليها صراعاتنا المذهبية والعقائدية والتاريخية والقومية؟
كي تعود قضية فلسطين إلى الأولوية لدى شعوبنا العربية والإسلامية، علينا وقف كل الصراعات والحروب الجانبية، وأن نعود لبناء الإنسان الحر، وأن نمتلك كل التقنيات والتكنولوجية الحديثة، وأن نكون أحرارا حقيقيين..
هل حقا يملك الإسلاميون مشروعا اقتصاديا بديلا؟ وأين أصبحت المشاريع والأفكار والتجارب الإسلامية التي طرحت في الخمسين سنة الماضية كبديل عن الاشتراكية والرأسمالية؟ وهل حققت هذه التجارب والنماذج الإسلامية النجاح المطلوب؟
كتاب الدكتور طلال عتريسي وغيره من الدراسات والأبحاث والكتب التي صدرت لتقييم التجارب الإسلامية؛ قد تكون مفيدة اليوم في هذه المرحلة الصعبة من أجل إعادة تقييم كل تجاربنا بروح موضوعية، وبعيدا عن السجالات والاتهامات وأجواء الشحن والإثارة..
نود أن نطرح السؤال على أنفسنا كعرب ومسلمين: أي دور لنا في هذا العالم الجديد؟ ماذا استفدنا من هذه الأزمة العالمية؟ وهل سيكون لنا مساهمة جديدة في مواجهة آثار هذا الوباء وتداعياته؟
نحن أمام تجربة جديدة على صعيد القوى والحركات الإسلامية في تعاطيها مع تحد عالمي جديد ويطال كل البشرية، وبمقدار ما تنجح هذه القوى والحركات في تقديم النموذج الأفضل في مواجهته، بمقدار ما تستطيع أن تحجز لها مكانا في العالم الجديد..
أين دور العالم الإسلامي في هذه المواجهة العالمية؟ وأي دور لعبته دول الخلافة الإسلامية على مر تاريخها في مواجهة الأزمات العالمية؟ وكيف كانت الأوضاع الصحية في دول الخلافة الإسلامية؟
الطريق الوحيد من أجل مواجهة صفقة القرن وتشكيل جبهة المقاومة الشاملة يبدأ بوقف كل الصراعات والأزمات، ولو أدى ذلك لتقديم التنازلات والتخلي عن بعض المصالح والحسابات الضيقة..