كتاب عربي 21

الغلاء المشكلة الرئيسية للبيت المصري

1300x600
تلاحقت العوامل المسببة لارتفاع الأسعار بمصر منذ يوليو 2013، وما تلاها من إعلان حالة الطوارئ بأغسطس من نفس العام، مما قلل من نشاط المنتجين وأدى لتراجع السياحة والاستثمارات، ثم رفع أسعار الوقود بيوليو 2014 بما يمثله من زيادة لتكلفة النقل والعمليات الصناعية.

ورفع الفائدة المصرفية، ثم زيادة الأسعار الاسترشادية التي يتم محاسبة المستوردين بموجبها بالجمارك، ثم رفع الجمارك مرتين وما تلاه من رفع قيمة الدولار الجمركي الذى يتم به احتساب قيمة الضريبة الجمركية على السلع المستوردة، وواكب ذلك التضييق على المستوردين واشتراط الترخيص لأي مصنع بالخارج يتم الاستيراد منه، مما قلل من السلع المستوردة بالأسواق.

وترافق مع ذلك وضع شروط لمنح المستوردين عملات أجنبية من البنوك مع تجريم التعامل خارجها، ثم رفع سعر الدولار الأمريكي رسميا مرات عديدة كان أبرزها بشهري مارس ونوفمبر من العام الماضي، وتسببت تلك العوامل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، خاصة مع اتجاه عدد من السلع بالخارج للصعود مثل السكر والزيوت ومنتجات الألبان والوقود. 

ولم تجد السلطات المصرية أمامها سوى افتتاح المزيد من منافذ بيع السلع للجمهور يديرها الجيش، إلى جانب المنافذ التابعة لوزارة التموين أو لوزارة الزراعة، لكنها كلها كانت تصب في مسار تهدئة الأسعار بالأسواق وهو ما لم يحدث، بشهادة جهاز الإحصاء الرسمي الذي أعلن عن وصول معدلات التضخم لأرقام لم تحدث منذ أكثر من ثلاثين عاما. 

ورغم تلك الأرقام العالية للتضخم المعلنة من جهاز الإحصاء أو من البنك المركزي والتي تخطت نسبة الثلاثين بالمائة بالشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، فإن المستهلكين لا يعيرونها اهتماما لضعف ثقتهم بها. 

وهو ما يعززه المختصون حين يرون أن جهاز الإحصاء الرسمي يفترض انفاق المصريين نسبة 34 % من إجمالي إنفاقهم على الطعام والشراب، بينما ترتفع تلك النسبة في ظل ارتفاع معدلات الفقر، وبينما يحسب جهاز الإحصاء بياناته على عينة من السلع والخدمات تبلغ 479 مجموعة سلعية وخدمية، فإن غالبية المصريين تضيق سلة السلع المعتادة لهم والتي زادت أسعارها بمعدلات تفوق كثيرا المتوسط العام لنسبة التضخم الرسمية. 

وهو ما تؤكده بيانات جهاز الإحصاء التي أشارت لبلوغ نسبة الارتفاع السنوي للبصل 99 % بمارس الماضي، و86% للسكر الحر و77 % للزيوت النباتية الحرة، و76 % لدقيق القمح و73 % للشاي و72 % للعدس و62 % للطماطم، و56 % للزبدة البلدي و54 % للجبن و51 % للثلاجات المنزلية، و50 % للبن و49 % للأرز و46 % للأسماك الطازجة و43 % لللبن الحليب. 

استمرار الغلاء لنهاية العام رسميا
 
وهكذا لم تقتصر الزيادات السعرية على الطعام، حيث تشير بيانات التضخم القطاعية بمارس الماضي، إلى ارتفاع أسعار مجموعة الطعام والشراب بنسبة 43 %، وسلع العناية الشخصية 37 % والدخان 35 %، والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية 32 % والرعاية الصحية 31 %، والنقل والمواصلات 28 % والمطاعم والفنادق 28 % والملابس والأحذية 24 %. 

ويظل السؤال الدائر بين المصريين متى تنتهي موجة الغلاء؟ خاصة وأن رأس النظام المصري كان قد طالبهم ببداية العام الحالي بالتحمل لمدة ستة أشهر، لكن وزير المالية نسف ذلك حينما أشار إلى أن موجة الغلاء لن تنتهي قبل أواخر العام الحالي، وكان وزير المالية أكثر واقعية، فشهر أبريل الحالي مرتبط بأعياد النصارى مما يزيد من الطلب ويرفع الأسعار، وفي مايو تبدأ الاستعدادات لاستقبال رمضان.

وفي يونيو يجيئ رمضان وعيد الفطر حيث تزيد معدلات الاستهلاك، وفي يوليو هناك زيادة بأسعار الكهرباء وزيادة بأسعار مياه الشرب ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، كما أن هناك زيادة قادمة بأسعار الوقود حسب الاتفاق مع صندوق النقد وزيادة لرسوم الخدمات بعدد من الجهات الحكومية. 

ومن ناحية أخرى فقد تسبب خفض قيمة الجنيه أمام الدولار لزيادة أعباء استيراد السلع الغذائية والوقود على الموازنة، إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود عالميا، مما دفع الحكومة لتقليل عدد المستفيدين من البطاقات التموينية التي تحصل على دعم نقدى سلعي وكذلك تأجيل تنفيذ علاوة للموظفين بنسبة 10 % منذ يوليو الماضي. لما يمثلاه من عبء على الموازنة العامة المصابة بالعجز المزمن، والتي أصبحت فوائد الديون تمثل البند الأكبر بمصروفاتها، وهو ما يفسر من ناحية أخرى عدم تنفيذ ما وعد به رأس النظام من زيادة الإنتاج المحلي من السلع الغذائية، من خلال عمل مائة ألف صوبة لزراعة الخضر، وعمل مزارع لتربية مليون رأس من الماشية ومزارع للثروة السمكية، ومشروع لاستصلاح مليون ونصف فدان لم تنفذ مرحلته الأولى بعد.