استبق أحمد موسى، أهم ذراع إعلامية لرئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، اقتراب حلول الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، الأربعاء، بنشر تسريبات جديدة لمكالمات هاتفية لعدد من النشطاء المحسوبين على الثورة، خاصة من أعضاء حركة شباب 6 إبريل والداعمين لها.
ودفعت التسريبات ببعض المحسوبين على الثورة لالتزام الصمت، فيما ردَّ عليها آخرون معلنين تحديهم لنظام السيسي وأجهزته الأمنية وتسريبات إعلامييه.
ودخلت نقابة الصحفيين على الخط، واستنكرت لجنة الحريات فيها تلك التسريبات، واعتبرت أنها تتنافى مع ميثاق الشرف الإعلامي، الذي يحترم خصوصية الحياة الشخصية للأفراد.
ومن جهته، هدَّد أحد الحقوقيين موسى نفسه، بنشر تسريبات له، في حين تساءل ناشط آخر: هل الناشطون خونة؟ بينما علقت ثالثة بالقول إن التسريبات تستهدف تشويه صورتهم، واغتيالهم معنويا، وذلك في سبيل إجهاض الثورة وذكراها.
موسى يتحدى: مكتب النائب العام مفتوح
وبثَّ أحمد موسى تسريباته عبر برنامج "على مسؤوليتي"، بفضائية "صدى البلد"، وبدأها في الأسبوع الماضي، بتسريب لمكالمة بين النائب السابق لرئيس الجمهورية بعد الانقلاب، محمد البرادعي، مع الرئيس الأسبق لأركان الجيش المصري، الفريق سامي عنان.
وعلى الرغم من تقديم بلاغ ضده في هذا الصدد، وقيام النائب العام بتحويله للتحقيق فيه، إلا أن أحمد موسي لم يتم استدعاؤه لأي تحقيق، بل واصل من جديد بث تسريباته، دون أي إذن قضائي، معلنا تحديه للنشطاء، الذين تناولتهم التسريبات.
وفي البرنامج، قال موسى: "مش عارفين معي مستندات قد إيه"، مدعيا أن لديه تسريبات يشيب لها الرأس بما فيها من فضائح وخيانة للدولة، وفق وصفه.
وتناولت التسريبات مكالمات هاتفية بين كل من أحمد ماهر ومحمد عادل وأسماء محفوظ وإسراء عبدالفتاح وعمرو علي، وأمل شرف، وناصر عبد الحميد، وهدير، وسوكة، إبان ثورة 25 يناير، وتشير إلى انحرافات أخلاقية وعلاقات نسائية وتمويلات أجنبية حصل بعضهم عليها.. إلخ.
وتحدَّى موسى النشطاء قائلا: "اللي شايف إني أعرض حاجات خاصة أو عنده عكس كلامي عليه التوجه لمكتب النائب العام فمكتبه مفتوح 24 ساعة".
وانتقد موسى خروج محمد عادل وأحمد ماهر من السجن إذ وصفهما بالمجرمين، زاعما أن حركة 6 إبريل سرقت ملفات كثيرة من جهاز "أمن الدولة"، متابعا: "في مستندات سرقوها، وماحدش يكلمني على التسريبات".
كما عرض موسى مكالمة مسجلة لحمزة مع أحد الأشخاص عقب تسريب مستندات أمن الدولة من الجهاز، وقال حمزة له فيها: "شباب إسكندرية أعطوني هديتي".
"لو فيكم رجل يعمل لنا استدعاء"
وفيما لزم بعضهم الصمت التام، وهم المعروفون بجرأتهم، رَّد عدد من النشطاء على التسريبات التي تم تسريبها معلنين تحديهم لنظام حكم السيسي، والأجهزة الأمنية، التي اتهموها بأنها تقف وراء تسريب المكالمات، بهدف إجهاض أي زخم يمكن أن يحدث ضد السيسي حاليا، ومستقبلا.
وردا على إذاعته مكالمة هاتفية بينها وبين إحدى صديقاتها ترحب فيها بالتمويل الأمريكي للمنظمات الحقوقية، كتبت الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح، عبر حسابها بموقع "فيسبوك"، قائلة: "انهاروا كمان، فرفروا أكتر، كل ما تلجأوا لحياتنا الشخصية، وتنتهكوها، ونعرف إن معندكوش غير كلام فارغ تذيعوه كل ما بنعرف إنكم مفلسين، وأداة عند اللي مشغلينكم بالفلوس، وبعتوا نفسكم لهم".
وأضافت: "إحنا الأقوى دايما لأن أدواتنا نظيفة في معركتنا ضدكم.. واعرفوا أنه كأس ودائر، وإن ربنا اسمه العدل، وأنكم هتشربوا من نفس الكأس، وأبشع.. واعرفوا أن الحياة الشخصية خط أحمر في المعارك السياسية يا أقذر من أنجبت مصر".
وتابعت: "أنتوا ضعفاء مفلسين.. قولوا للأجهزة الأمنية: لو فيكم راجل يعمل لنا استدعاء مجمع للتحقيق في التفاهات اللي ذعتوها، والقانون يأخد مجراه. لكن أنتم مش أكتر من.. بتقول سمعا وطاعة.. الحياة الشخصية قدس الأقداس.. وبلية وزمايله في مزبلة التاريخ".
وعلق ممدوح حمزة في تغريدة عبر "تويتر" على تسريبات موسى، متسائلا: "هل هم خونة؟ الشعب الذي ثار على جهاز تجسس على المواطن الأعزل بطرق غير قانونية؟ ولماذا تم إلغاؤه واستبداله بجهاز "أمن الوطن" بقواعد عمل جديدة؟"، وفق تساؤله.
إنجي مصطفى: الهدف اغتيالهم معنويا
وفي تصريحات صحفية، علقت الناشطة السياسية، إنجي مصطفى، على التسريبات قائلة إن الهدف الحقيقي منها هو تشويه صورة شخصياتها في المجتمع، وإفقادها المصداقية أمام الرأي العام.
وأشارت إلى أن هذا يحدث بصفة مستمرة قبيل الأحداث المهمة أو المناسبات، فمثلا خلال يومين تحل الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، وبالتالي يتم البحث عن محركيها، واغتيالهم معنويا، وتشويه سمعتهم، حتى لا يفكر أحد في ثورة مرة أخرى.
وأضافت: "مثل هذه التصرفات في أي دولة تحترم القانون مجرمة، وغير مقبولة، ويتم محاسبة مرتكبيها فورا، لكن يتم غض الطرف عنها لأنها تحقق بعض أهداف المؤسسة الحاكمة"، بحسب قولها.
حقوقي يهدد موسى بتسريبات "الميرديان"
وانضم المحامي والناشط الحقوقي، طارق العوضي، إلى رافضي التسريبات، ونشر مقطع فيديو لموسى في أثناء تقديمه اعتذارا في برنامج له، مهددا إياه بإذاعة بعض الصور التي تخصه.
وقال العوضي، في تدوينة عبر "فيسبوك": "نذيع إحنا بقى تسجيلات أحمد موسى"، مضيفا: "في الحلقة القادمة الواد بسه بالصور.. موسى في فندق ميرديان الهرم".
إلى ذلك أعلنت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين رفضها التام لعودة الممارسات غير المهنية وغير القانونية من جانب عدد من المحسوبين عليها، بنشر تسجيلات شخصية لمواطنين، بحسب بيانها، مطالبة بوقفة جادة لمحاسبة مرتكبيها، ومن يقف وراءهم، ومن يمدهم بمثل هذه التسجيلات.
وكان النائب العام أمر بإحالة بلاغ مقدم ضد أحمد موسى بسبب نشره تسريبات صوتية لرئيس أركان الجيش الأسبق، سامي عنان، إلى نيابة 6 أكتوبر، لفتح تحقيق معه بتهمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة، ومخالفة المادة 309 عقوبات، وتعريض الأمن القومي المصري للخطر.