سياسة عربية

3 حكومات فشلت في إنقاذ ليبيا من الظلام.. والاحتجاجات تتواصل

حالة النزاع المستمرة في ليبيا وتعدد الحكومات فتح العديد من المشاكل اليومية المستمرة-أرشيفية
رغم إعلان ليبيا عن ارتفاع إنتاجها من النفط الخام، وما صاحبه من تفاؤل باعتبار أن البترول هو الممول الرئيسي لميزانية مصروفات الدولة، إلا أن الحكومات الثلاث المتصارعة على السلطة فشلت في حل مشاكل مزمنة تتعلق بتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم للمواطن.

وتسبب سوء توزيع عائدات النفط منذ الإطاحة بالقذافي، في اشتعال احتجاجات كان آخرها ردا على دخول البلاد في ظلام دامس، جراء الصراع السياسي والحرب الأهلية.

ومنذ أكثر من عامين، تتصارع في ليبيا حكومتان تمثلان طرفي نزاع، الأولى تسيطر على شرق البلد، وهي الحكومة المؤقتة، بقيادة عبد الله الثني، في مدينة البيضاء، والمنبثقة عن مجلس النواب بمدينة طبرق، والثانية تتحكم في غربه، وهي حكومة الإنقاذ، بقيادة خليفة الغويل، بالعاصمة طرابلس، والتي انبثقت عن المؤتمر الوطني العام.

فيما دخلت على الخط منذ عام حكومة ثالثة، هي الوفاق الوطني، التي انبثقت عن جولات الحوار بين الطرفين الأولين، برعاية الأمم المتحدة.

تلك الحكومات مجتمعة، وبسبب الصراع بينها، أخفقت على مدى سنوات في إخراج ليبيا من أزمات إنسانية خانقة تعصف بها، وتتمثل في شح الدواء والمواد الغذائية، ناهيك عن انقطاع الكهرباء المستمر عن كافة المدن، والذي وصل ذروته الأسبوع الجاري، منتقلا من انقطاعه لمدة 12 ساعة يوميا إلى دخول كامل غرب البلد في حالة إظلام تام.

ظلام استتبعه بطبيعة الحال انقطاع لخدمات الإنترنت والاتصالات الهاتفية، ما جعل الحياة في ليبيا صعبة للغاية، خاصة مع مرور البلاد بموجة من البرد، قالت عنها هيئة الأرصاد الليبية إنها "الأشد منذ تسع سنوات".

ومساء السبت الماضي، أضرم محتجون في مناطق شرقي ليبيا وغربها النيران في الشوارع؛ تنديدا بانقطاع التيار الكهربائي عن مدنهم، خاصة العاصمة طرابلس، التي دخلت في ظلام دامس؛ بسبب حالة الإطفاء العام التي حدثت لشبكة الكهرباء في المنطقة الغربية.

أما جنوب ليبيا المنسي تماما، وفق منتقدين، فهو يغرق منذ خمسة أيام في ظلام دامس، ما دعا مؤسسات المجتمع المدني إلى توجيه نداء استغاثة إلى البرلمان وحكومة الوفاق الوطني، فيما أصدر ممثلو الجنوب في البرلمان بيانا، الأحد، قالوا فيه إن المنطقة تعاني منذ أسبوع انقطاع الكهرباء، وانعداما كاملا في المحروقات وغاز الطهي.

نواب الجنوب، وخلال بيانهم الذي تلقت الأناضول نسخه منه، حملوا المسؤولية عن ذلك لمجموعات مسلحة قطعت إمدادات الغاز والمحروقات على المدنيين.

شركة الكهرباء العامة في ليبيا من جانبها أصدرت توضيحا نشر على صفحتها على موقع "فيسبوك"، صدر من اللجنة التسييرية التي كلفتها حكومة الوفاق في وقت سابق بمعالجة هذه الأزمة، أرجعت فيه حالة الإطفاء العام "انهيار الشبكة في الغرب والجنوب ومناطق الواحات والكفرة في أقصى الجنوب الشرقي؛ بسبب عدم الالتزام بالأحمال المتاحة، واقتحام المحطات بالقوة من قبل كتائب مسلحة".

الشركة قالت إن "شبكة الكهرباء مربوطة مع بعضها، ويتم تصريف الفائض من التوليد عبر خطوط النقل بين المناطق"، مضيفة أن "الشبكة الشرقية تبدأ من أجدابيا إلى طبرق، ثم الواحات والكفرة وبها ثلاث محطات توليد، كما أن الشبكة الشرقية مفصولة حاليا من بنغازي إلى طبرق".

أما الجناح الغربي، وفق الشركة، "فهو محطتي الزويتينة – السرير، وهو مربوط مع الشبكة العامة الغربية والجنوب، وبالتالي أي إطفاء عام يحدث إظلام عليها جميعا".

وفي خطاب تطمين أوضحت الشركة أنه "تم تشغيل الوحدة الأولى في محطة جنوب طرابلس والوحدة الثالثة في محطة الخُمس، وكذلك وحدة في محطة الرويس وجاري العمل على تشغيل باقي الوحدات".

تلك الحالة المزرية في ليبيا، وإخفاق الحكومات الثلاث في معالجتها، رغم تكرار النداءات والاحتجاجات المطالبة بذلك، جعلت صوتا دوليا يطالب بضرورة تدارك الأمر.

ففي تغريدة على حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، الأحد، أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص بليبيا، مارتن كوبلر، عن قلقه من انقطاع التيار الكهربائي في طرابلس ومناطق أخرى، مناشدا السلطات "بإصلاح العيوب الفنية بالخصوص وتزويد محطات الوقود بالبنزين".

حاليا، يبلغ إنتاج الكهرباء في ليبيا 4500 ميغاواط، ويغطي بين 70% إلى 75 % من الاستهلاك المطلوب، بينما يتراوح العجز بين 500 و1500 ميغاواط.

وبلغ أقصى إنتاج للكهرباء عام 2012 قرابة 6 آلاف ميغاواط، تستهلك المنطقة الغربية 70% منه.

ومنذ خمس سنوات، تعاني شبكة الكهرباء في ليبيا من نقص حاد في توليد الطاقة، بسب الحروب الأهلية داخل المدن، مثل بنغازي وسرت، والتي أسفرت عن تدمير العديد من محطات التوليد.

فيما كانت المجموعات المسلحة غربي البلد سببا آخر في انقطاع التيار الكهربائي، بسبب رفضها لجدول طرح الأحمال (قطع التيار بالتساوي) عن المناطق التي تسيطر عليها، وقيامها بإرجاع التيار بقوة السلاح، بحسب ما أعلنه فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، قبل ثلاثة شهور، وأكدته شركة الكهرباء في بيان سابق لها.

وكثيرا ما برر مسؤولون ليبيون استمرار الأزمة بغياب التمويل لإصلاح شبكة التيار الكهربائي، وتوريد قطع غيار لما تضرر منها، وهو تبرير بات غير مجد، خاصة مع ارتفاع إنتاج ليبيا من النفط إلى أكثر من 785 برميل يوميا، ما يتضح معه أن الأزمة لم تكن تكمن في بيع النفط والحصول على إيرادات بالعملة الصعبة، بل يبدو أن الصراع السياسي والحرب الأهلية يشكلان السبب الأساسي في تراجع إنتاج الكهرباء.