في مقال لها علي موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت العبرية" أوائل نوفمبر الماضي، قالت الدبلوماسية الصهيونية (روت فيرسمان لانداو) المستشارة السياسية لرئيس الكيان الصهيوني السابق "شمعون بيريز"، التي عملت في سفارة الكيان الصهيوني في القاهرة "إن العلاقات المصرية الصهيونية شهدت تطورا غير مسبوق في عهد النظام الحالي ,مؤكدة أن استقرار نظام السيسي مهم جدا لحكومة نتنياهو، علي اعتبار أنه يرى فيها فقط (مصدر دعم استراتيجي وسياسي وأمني)، مشيرة إلي أنه منذ التوقيع على اتفاقية السلام في عام 1979 لم يكن التعاون بين الجيش المصري والجيش الصهيوني في يوم من الأيام أفضل مما هو عليه حاليا، وكانت لانداو قد امتدحت السيسي في رسالة شكر نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت في أكتوبر 2014 بعنوان (ياسيسي سر وشعب إسرائيل معك). وحذرت كذلك من خطورة تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر على نظام السيسي الحليف الاستراتيجي لإسرائيل.
إذا بات الكيان الصهيوني هو الحليف الأكبر للسيسي والظهير القوي له ولنظامه العسكرى، والمدافع عنه وعن نظامه الانقلابي في كل المحافل الدولية، وهو الذي يفتح له أبواب كبرى في عواصم العالم بضغوط رهيبة على حكومات تلك الدول، وباتت السجادة الحمراء تُفرش للسيسي وهو الذي جاء بانقلاب عسكري دموي على رئيس منتخب ديمقراطيا، وتورط بقتل الآلاف من أبناء الشعب المصري في مذابح مروعة لن تُمحى من التاريخ؛ فالكيان الصهيوني هو الحليف الاستراتتيجي الأبرز للنظام العسكري في مصر، وبناء على هذه المعطيات، لم يعد الكيان الصهيوني عدوا لهذا النظام؛ لذلك من المستحيل أن يدخل هذا النظام العسكري في أي مواجهة عسكرية مع الكيان الصهيوني، صاحب الفضل عليه في انقلابه وفي تثبيت حكمه.
في حوار له مع موقع"مدي مصر" أوائل إبريل 2015 قال "روبرت سبرينجبورج" الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية المصرية، والأستاذ السابق لشؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية،"إن الإدارة الأمريكية تخطط لإجراء تغييرات في برنامج المساعدات العسكرية الموجهة لمصر في السنة المالية لعام 2018، بحيث تبدأ في توجيه التمويل نحو المعدات في أربع فئات، ألا وهي مكافحة الإرهاب، وأمن الحدود، والأمن البحري، وأمن سيناء. وهذا معناه إعادة هيكلة الجيش المصري من كونه قوة عسكرية مصممة ومنشأة ومنتشرة بالأساس للمحاربة في المعركة الأرضية الكبيرة ضد إسرائيل، ليصبح جيشا أكثر فعالية في مواجهة ما تراه الولايات المتحدة مخاطر أمنية تواجه مصر، وهذا ما تم رفضه في عهد مبارك.
وهذه تسوية بارعة للمصالح القوية بين الولايات المتحدة ومصر بحسب سبرينجبورج، لاحظ ما قاله الرجل (مواجهة ما تراه الولايات المتحدة مخاطر أمنية تواجه مصر) وليس ماتراه مصر خطرا عليها!
يقول سبرينجبورج "إن الخاسرين الوحيدين هم المجتمع المدني المصري والحرية والديمقراطية في مصر، بالعودة للتصريحات الأخيرة للسيسي في حواره مع قناة (آر بي تي) البرتغالية التي قال فيها "إن أولوية مصر هي دعم جهود الجيوش الوطنية لمواجهة العناصر المتطرفة". هذه الاستراتيجية (جيوش وطنية ضد عناصر متطرفة" تلخص طريقة النظام المصري في إدارة علاقاته الداخلية أو الخارجية، حيث يفهم السيسي ونظامه جيدا دورهم الوظيفي في المنظومة الدولية؛ فالعدو ليس الكيان الصهيوني ولكن هو العناصر المتطرفة، وليس مفهوما على وجه الدقة ما هي هذه العناصر المتطرفة؟ وما طبيعتها؟ وكيف ستواجهها الجيوش الوطنية؟ وماهي طبيعة الأسلحة التي ستستخدم في مواجهة هذه العناصر المتطرفة؟
بحسب بعض المصادر، فإن كلفة صفقات السلاح التي عقدها السيسي ونظامه العسكري في العامين الماضيين تخطت حاجز العشرين مليار دولار، في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من انهيار غير مسبوق، فما هو الدافع وراء شراء هذا الكم من الأسلحة رغم دفئ العلاقة بين السيسي والكيان الصهيوني، وتشكيك عديد من الخبراء الاستراتيجيين في جدوي هذه الأسلحة ومدي تطورها ؟
والسؤال الأهم: ما هي العناصر المتطرفة التي ستواجهها الجيوش الوطنية؟ هل هي الشعوب إذا ما أرادت نيل حريتها وكسر طوق القهر والاستعباد الذي تفرضه عليها الأنظمة المستبدة، كما يفعل سفاح الشام؟ وما هي الرسالة التي أراد البطل القومي لإسرائيل إرسالها إلى الشعب المصري في ظل هذه المعطيات، من أن الجيش قادر علي الانتشار في طول البلاد وعرضها في 6 ساعات؟
نعلم أن قيادة الجيش المصري خائنة عميلة، ولكن الأمل معقود على أولئك الذين يحملون على عاتقهم محو عار هذه القيادة الخائنة داخل الجيش المصري ...