في جريمة التفجير الأخيرة بالمدينة المنورة قدمت جماعات العنف الأعمى أدلة جديدة تثبت تبعيتها المكشوفة للمخابرات الغربية والإيرانية ولا تتناقض هذه الأدلة مع احتمالية استدراج بعض المتدينين الساذجين وتهيئتهم نفسياً في عملية غسيل أدمغة لتنفذ جرائم بشعة تخدم أجندة هذه المخابرات.
وبطبيعة الحال، فإن الحديث عن بشاعة الجريمة لن يؤثر على الرؤوس المدبرة، ولن تتورع هذه الجهات المعادية لأمتنا عن ارتكاب المزيد من الجرائم وتصنيع جماعات العنف بتقنيات استخباراتية تنطلي على الكثير من الساذجين من المتدينين الذين يتم استدراجهم كالنعاج لتنفيذ عمليات تخدم أجندة أعداء الأمة العربية والإسلامية.
وما ينبغي أن تنصرف إليه اهتمامات علماء الأمة والدعاة والمصلحين ورجال التربية هو تحصين الشباب فكرياً وشرعياً بمخاطر هذه الجرائم وانحراف هذه الجماعات وانعكاسات جرائمها السلبية على قضايانا العربية والإسلامية، وتشويه ديننا الحنيف، وتشكيل صورة سوداوية قاتمة عن الإسلام تستغلها جماعات الإسلام فوبيا في الغرب.
وعلى الأنظمة أن تقوم بواجباتها الأمنية بأمانة واستشعار للمسؤولية، وأن تتوقف عن تسييس الملف الأمني، وأن تفتح أبواب الأمل بالتغيير السلمي أمام الشباب، وأن تتوقف عن صناعة الاحتقانات السياسية والاجتماعية.
إن ملف التفجيرات وجماعات العنف بحاجة إلى معالجة شاملة وجادة بعيدة عن التسييس وتصفية الحسابات الضيقة. بحاجة إلى معالجات شاملة تضمن إغلاق النوافذ التي تتسلل منها المخابرات الأجنبية إلى عقول بعض الأبرياء من ضحايا الإحباط والتعبئة الخاطئة وسطحية الوعي.
ووصول هذه الجرائم إلى المدينة المنورة وعلى مقربة من الحرم النبوي كفيل بأن يرفع حاسة استشعار خطر هذا الوباء واستنفار جميع الجهود لمواجهة هذا الانحراف، ولا يوجد أبشع من استباحة الدم الحرام في الحرم النبوي وفي العشر الأواخر من الشهر المبارك.
إن توجه تنظيم "داعش" الأخير لاستهداف الحواضر السنية الكبرى من تركيا إلى السعودية يكشف بما لا يدع مجالا للريبة أن هذا التنظيم المشبوه تنظيم مخابراتي غربي إيراني لم يكن له وجود من قبل وتم تصنيعه مع ثورات الربيع العربي لغرض الانحراف بمسيرة هذه الثورات وتشويهها، وتسهيل مهمة الثورات المضادة والتمدد الإيراني في المنطقة العربية، ومحاصرة الدور التركي الإقليمي.
لن نستطرد في الحديث عن بشاعة الجرائم التي لا يختلف حول بشاعتها عاقلان أو مسلمان مؤمنان بالله وشرعه. ويكفي فقط توجيه الأنظار إلى البحث عن المستفيد من وراء هذه الجرائم لتحصين شبابنا من القابلية للاستغفال والاستدراج.
وواجبنا جميعا أفراداً ومؤسسات استشعار خطورة استشراء هذا الداء وخطورة التلاعب السياسي بقضية الأمن التي يجب أن تكون قضية الجميع.