الوثائق السورية المزورة تلاحق اللاجئين السوريين في أوروبا
باريس - عربي21 - إيلاف قداح29-Mar-1606:10 PM
شارك
"الجواز السوري متهم حتى تثبت براءته"
ربما يعتقد البعض أن وصول العائلات السورية إلى دول الاتحاد الأوروبي بعد تجاوز مخاطر الغرق في البحر، أو الأسلاك الشائكة والطرق الوعرة في شرق أوروبا، هو بداية للاستقرار والحياة الآمنة، إلا أن الواقع يشير إلى حواجز عديدة أمام اللاجئين، أهمها الروتين والبيروقراطية، فضلا عن محاولات التضييق المستمرة بحجة الوثائق المزورة.
وشهد العام الماضي إصدار قوانين جديدة للحد من وصول اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي بالاتفاق مع تركيا، فيما يرى بعض السوريين الحاصلين على الإقامات أن أوضاعهم الحياتية بدأ تنحدر للأسوأ أيضا، بسبب العراقيل التي تضعها الحكومات الأوروبية أمام الشمل والتسجيل بالجامعات والحصول على رخص قيادة السيارات والتنقل بالمطارات، وغير ذلك.
ويقول الصحفي السوري صهيب المحمد، وهو اسم مستعار، في حديث مع "عربي21"، إن شرطة مطار شارل ديغول في باريس قامت بإيقافه عند وصوله إلى الصالة الرئيسية، بعد أن علمت أن جواز سفره سوري، ووجهت إليه تهمة التزوير فورا، على الرغم من امتلاكه لفيزا لجوء من السفارة الفرنسية، على حد قوله.
ويضيف الصحفي الذي وصل مؤخرا لفرنسا: "بعد ساعات طويلة من الانتظار في المطار جاء مدير قسم الشرطة هناك ليخبرني بأن الفيزا أصلية، ولكن جوازي يُعتقد أنه مزور ولا يحق لي دخول الأراضي الفرنسية".
ويؤكد المحمد أن جوازه سليم، وإلا لما كان استطاع وضع الفيزا الفرنسية أو التنقل به بين مطارات عدة دول وصولا لباريس، مشيرا إلى أنه بقي في المطار مع مجموعة من السوريين لمدة أربعة أيام حتى تدخلت وزارة الداخلية الفرنسية ليُسمح له بدخول البلاد واستكمال إجراءات اللجوء.
وفي السياق ذاته، يروي الصيدلاني نديم الحلبي، المقيم في بلغاريا، قصته لـ"عربي21"، بالقول: "قمت مع مجموعة من أصدقائي بمحاولة الوصول إلى ألمانيا حيث تقيم عائلتي هناك، وعلى الرغم من امتلاكي أوراق الإقامة البلغارية، تم إيقافي في مطار اليونان لساعات طويلة بتهم التزوير، وبعد التأكد من سلامة الأوراق تم السماح لي بالمغادرة ليتم إيقافي في مطار ألمانيا وإعادتي من حيث قدمت للتهم نفسها".
ويجزم الحلبي أن هذه الإجراءات حديثة التطبيق ولم تكن موجودة سابقا، ولكن مع بداية العام الحالي وتزايد حالات تزوير الأوراق والثبوتيات السورية، من قبل مكاتب تعمل في تركيا، أصبح جميع السوريين اللاجئين بأوروبا متهمين، وفق تقديره.
وذكر عدد من اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا والسويد وفرنسا، ممن قابلتهم "عربي21"، أن القانون الأوروبي يسمح لكل لاجئ يحمل رخصة قيادة من بلده الأصلي أن يتم تبديلها بأخرى أوروبية، إما مجانا كما في فرنسا أو بنصف القيمة كما في ألمانيا والسويد.
وأمام هذا الأمر، يتحايل موظفو أقسام الشرطة في تلك الدول على القانون، عبر حجة رخص القيادة المزورة أو المشكوك بها، لمنع تقديم الرخص الأوروبية، على الرغم من تأكيد اللاجئين أن شهادات السواقة التي يحملونها أصلية وصادرة عن مديريات النقل في سوريا.
إلى ذلك، ينوه الناشط الإعلامي عدي أبو صدام، المقيم في ألمانيا، إلى أن الشرطة وموظفي الحكومة أصبحوا الآن يدققون على كل وثيقة، وخاصة رخص القيادة والشهادات الجامعية، حيث تم إنشاء غرفة تواصل مباشرة بين مسؤولي الملف الأمني في دول الاتحاد الأوروبي ونظام الأسد لإرسال نسخ من كافة الوثائق إلى دمشق والحصول على الرد بشأن ما إذا كانت مزورة أو أصلية، لافتا لاستغلال النظام لهذا الإجراء الجديد للانتقام من معارضيه، والزعم بأن كامل الأوراق مزورة، وفق قوله.
ويعتقد محمد العلي، المقيم في فرنسا، أن الأمور تتجه للتعقيد أكثر فأكثر، وقال: "بدأت البنوك الخاصة ترفض منحنا حسابات بنكية على الرغم من امتلاكنا لأوراق لجوء كاملة من هويات وجوازات سفر نظرا لجوانب الشك الدائم في الأوراق وكأن السوري أصبح يشاهد كمزور فقط".
ويذكر أن ردود مسؤولي دول الاتحاد الأوروبي حول سن قوانين جديدة بشأن اللاجئين والتضييق عليهم تم ربط معظمها بحالة الاستنفار الأمني والطوارئ بعد أحداث باريس الأخيرة، والتي لا تشمل فقط اللاجئين بل السكان المحليين أيضا.