صحافة دولية

ثقافة الموت تغري الشباب السويسري بالالتحاق بتنظيم الدولة

فالدات. جي
نشرت صحيفة "24 أورز" (24 ساعة) السويسرية الناطقة بالفرنسية؛ تقريرا حول مقتل شابين سويسريين كانا قد التحقا بتنظيم الدولة في سوريا، تناولت فيه الأساليب التي يعتمدها أنصار تنظيم الدولة في سويسرا، لتجنيد الشباب وإقناعهم بفكرة الالتحاق بساحات القتال.

وقالت الصحيفة في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن فالدات، الشاب الأكبر سنا بينهما، هو المسؤول عن تجنيد الشباب بسويسرا، بعد أن قام بتوظيف قاعته الرياضية لهذا الغرض، حيث يقوم باستهداف الشبان الذين يعيشون ظروفا نفسية واجتماعية تسهل عملية استقطابهم وإقناعهم بالانضمام لتنظيم الدولة.

وأفادت بأن فالدات كان قد توج بطلا للعالم في الملاكمة التايلاندية لمرتين، قبل أن يغادر مدينة فينترتور السويسرية إلى سوريا في كانون الثاني/ يناير الماضي، في حين يدعى الثاني مجد؛ وهو لاعب جمباز يبلغ من العمر 24 ربيعا، التحق بصفوف تنظيم الدولة منذ ما يقارب الأربع سنوات.

وذكرت الصحيفة نقلا عن إحدى اللقاءات الصحفية التي كان قد أجراها فالدات البالغ من العمر 29 ربيعا، أن هذا الشاب كان قد شبه ظروف حياته ضمن تنظيم الدولة في سوريا بـ"قضاء العطلة في مخيم".

غير أن هذا "المخيم" انتهى بمقتل كلا الشابين، إضافة إلى خمسة آخرين، بحسب جهاز الاستخبارات السويسري، وسط شكوك تحوم حول ظروف وأسباب مقتل مجد.

وأضافت الصحيفة أن تقرير الاستخبارات السويسرية لشهر حزيران/ يونيو من هذه السنة، أكد توجه 63 مسافرا من الأراضي السويسرية نحو مناطق النزاع؛ وتحديدا سوريا والعراق والصومال وأفغانستان وباكستان.

من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى الشكوك القوية التي تحوم حول نشاط فالدات؛ حيث يُرَجَّح أنه كان مضطلعا بمهمة التجنيد في مدينته فينترتور، حيث قام بافتتاح قاعة رياضية خاصة بالشباب المسلم، وقد سجلت السلطات بالفعل مغادرة ثلاثة من مرتادي هذه القاعة إلى سوريا.

وفي السياق ذاته، تساءلت عما إن كان موت فالدات سيمثل رادعا لبقية الشباب السويسري الذي يبدي ميلا نحو الالتحاق بالتنظيمات المسلحة. ونقلت عن صامويل ألتوف، المسؤول عن مكتب الوقاية من التطرف والعنف في سويسرا، أن "خصوصية الحالة النفسية التي يعيشها بعض الشباب تجعله متقبلا للأفكار والنزعات المتطرفة، وهي ظاهرة موجودة في كل التوجهات الإيديولوجية، يمينية كانت أم يسارية، ولا علاقة لها بطبيعة الديانة أو الأفكار التي يتلقاها الشاب، بل هي مرتبطة خاصة بالحالة النفسية التي تخلق استعدادا لديه لممارسة العنف والانعزال عن المجتمع".

وأضافت الصحيفة، نقلا عن صامويل، أن فكرة الموت لا تقلق هذا النوع من الشباب، إذ يرى أن التضحية بحياته في سبيل هذه الأفكار "شهادة"، وهو ما يدفع به إلى الانضمام لهذه التنظيمات المسلحة على الرغم من وعيه بما ينتج عن هذا القرار من مخاطر.

من جهته، أكد الخبير والمسؤول عن مركز جنيف للتدريب وتحليل ظاهرة الإرهاب، جون بول رويه، ما ذهب إليه "صامويل ألتوف"؛ حيث صرح بأنه "غالبا ما يكون المقاتل الناشئ على علم بأن رحلته قد تنتهي إلى الموت، ولكنه رغم ذلك يفعل كل ما في وسعه للذهاب إلى سوريا".

ورأى جون بول أن طريقة تنظيم الدولة في الإعلان عن وفاة شاب ما تمثل "استراتيجية تسويقية ذكية"، مشيرا إلى الأسلوب الذي يتم اتباعه في هذا الصدد، إذ "يتم استخدام شاب لبضعة أشهر يقوم فيها بالثناء على تنظيم الدولة وتعديد مزاياه، ثم يُعلَن عن موته"، لترسخ فكرة الموت كهدف أسمى للالتحاق بصفوف التنظيم.

وقالت الصحيفة، نقلا عن هذا الخبير، إن هذا الأسلوب يجذر علوية "الهدف"، بصرف النظر عن أهمية الشخص أو أصله، وهو ما يُرى جليا في تتالي التخلص من "سفراء" تنظيم الدولة الذين لا تسنح لهم الفرصة بتسلق سلم القيادة في التنظيم.

وفي هذا السياق، أشار جون بول رويه إلى قضية مجد، وقال إنها على قدر من الخصوصية، بما أنها تثبت إلى حد ما، صحة فرضيته، حيث إن طول الفترة التي قضاها بين صفوف التنظيم، مكنته من تقلد مسؤوليات هامة، ليقوم مجد إثر ذلك بنشر شريط فيديو ينتقد فيه التنظيم بشدة، وهو ما يرجح فرضية تعرضه للاغتيال، على أمل أن يساهم مصير هذا الشاب في إثناء بقية الحالمين بالعيش تحت راية تنظيم الدولة.