ملفات وتقارير

لاجئ سوري من معلم سابقا إلى جامع للمواد القابلة للتكرير بتركيا

حاولت السلطات التركية نقل قسم من اللاجئين السوريين في عنتاب إلى المخيمات - أرشيفية
يتحين "ح ع" حلول المساء على شوارع مدينة عنتاب التركية، ليجر عربته الحديدية محاولا انتشال المواد البلاستيكية المستخدمة والكرتون من الحاويات المتبعثرة على أطراف الشوارع، ويحاول جاهدا أن يتوارى عن فضول أنظار المارة.

يقول معلم المدرسة الأربعيني "ح ع"،"العمل ليس عيبا، مقولة تنطبق على عملي"، بعد قدومه وأسرته نازحا من أرياف مدينة حلب إلى مدينة عنتاب التركية، "فالعيب أن تترك صغارك بلا طعام"، كما قال في حديث خاص لـ"عربي21".

بدأ "ح ع" عمله هنا منذ حوالي ستة أشهر، وذلك بعد أن تعذر عليه الحصول على عمل آخر، فهو كما يقول، لا يتقن أي عمل خارج عمله السابق معلم في المدارس الإبتدائية، ولذلك وجد هذا العمل المؤقت حتى يستطيع أن يسد ولو جزء يسيرا من متطلبات الحياة في عنتاب التركية.

يتابع "ح ع" حديثه لـ"عربي21": "لدي ابن شاب يعمل في مصنع للسجاد هنا، لكن ما يتقاضاه من أموال لا يسد حاجتنا، فالحياة هنا باهظة الثمن، فضلا عن إيجار المنزل الشهري، وفواتير الماء والكهرباء أيضا".

ويضيف بعد أن جلس على رصيف: "لا تنظر لملابسي الرثة، فأنا معلم مدرسة سابق وكنت أرتدي أجملها، لكن النظام قطع  راتبي؛ لأنني من منطقة خارجة عن سيطرته، ولا أدري لماذا، ولهذا تراني هكذا".

وأجاب ردا على استفسار لـ"عربي21"، حول ما إذا كان قد سعى للعمل معلما في المدارس السورية التي افتتحت في مدينة عنتاب التركية، قائلا: "لم أترك مدرسة هنا إلا وزرتها باحثا عن عمل، لكن التعيين في المدارس هنا يتطلب معرفة بالإداريين، وخصوصا أن أغلب هذه المدارس تدار بعقلية المزرعة العائلية لا المدرسة"، حسب تعبيره.

وعن الدخل الذي يدره عليه عمله الحالي، يوضح "ح ع" أنه "لا دخل ثابتا من هذا العمل، وما يحدد الدخل اليومي مقدار المواد التي تستطيع جمعها يوميا، ولكن عموما المعدل الوسطي أحصل  يوميا حوالي 15 ليرة تركية (5 دولارات أمريكية)".

وليست نظرات المارة، ولا حالة العوز التي هو فيها، أكثر ما يثير قلق "ح ع"، لكن مستقبل بلاده الذي يراه متجها نحو المجهول هو أكثر ما يقلقه، ولذلك بات شعوره عدميا من كل شيء، كما يقول.

ويتابع: "لا حل قريبا للمعاناة السورية، فالمشكلة تتشعب يوميا، والخيارات تتضاءل، ولذلك يجب التفكير مليا بوطن بديل عن سوريا"، مضيفا: "لو كنت أمتلك نفقات الهجرة إلى الدول الأوروبية لما ترددت ولو لبرهة، فسوريا التي كنا نعرفها انتهت"، حسب تعبيره.

ويعايش أغلب السوريين في بلاد اللجوء أوضاعا اقتصادية صعبة، فلا قوانين ناظمة لعملهم، ولا مؤسسات إنسانية تتكفل بمساعدتهم. ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه برنامج الأغذية العالمي،عن تخفيض  المساعدات الغذائية التي يقدمها للاجئين السوريين، بسبب النقص الحاد في التمويل.

ويقدر عدد اللاجئين السوريين، بحوالي خمسة ملايين لاجئ، يتوزعون على دول الجوار السوري.