يتزايد التوتر بين الاحتلال وإيران على خلفية التصعيد الأخير في العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، تزامنا مع ترجيحات بأن يخرج عن السيطرة ويؤدي إلى مواجهة مفتوحة تطال العالم بأسره، حسب ما نشرته صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها أن عمليات الاغتيال التي يتم تنفيذها داخل إيران كانت دوما سرية قبل أن يبدأ المسؤولون الإسرائيليون بإطلاق تصريحات تشمل تلميحات قوية بأن تل أبيب هي التي وراء تلك العمليات.
وقالت الصحيفة: "ظهرت الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران عبر الشرق الأوسط في العلن منذ فترة طويلة، ولكن الآن، وعقب العديد من الهجمات الإسرائيلية المشتبه بها داخل إيران نفسها، بات الصراع يهدد بالتصعيد ربما خارج المنطقة".
والأسبوع الماضي، استهدفت عدة مسيرات من طراز "كوادكوبتر" منشأة إيرانية للبحوث النووية والدرون في بارشين، ما أسفر عن مقتل مهندس.
وقبل أيام أطلق شخصان على دراجتين ناريتين النار على ضابط إيراني برتبة عقيد في قلب العاصمة طهران، ما أدى إلى مصرعه، بينما أصابت عدة طائرات مسيرة قاعدة إيرانية للطائرات دون طيار غرب البلاد في شهر شباط/فبراير الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن "التلميحات غير الدقيقة للمسؤولين الإسرائيليين وتقارير وسائل الإعلام لم تترك مجالًا للشك في مصدر هذه الهجمات، على الرغم من عدم الإعلان عن مسؤوليتها رسميًا أبدًا".
مبدأ الأخطبوط
ولفتت "ديلي بيست" إلى أن تلك العمليات هي جزء مما وصفته الحكومة الإسرائيلية الجديدة بعد أقل من عام بقليل في السلطة، بـ"مبدأ الأخطبوط"، وهو توسع جديد وخطير لحملتها ضد القدرات العسكرية والنووية لإيران.
وذكرت الصحيفة أنه "إذا كانت إسرائيل قد ضربت إيران في الداخل في السنوات الماضية، فقد تم ذلك سرًا وعادةً من خلال جواسيس وهجمات إلكترونية واستهدفت دائمًا العلماء والمنشآت النووية الإيرانية، وعلى مدار ما يقرب من عقد من الزمان أيضًا، لم تُخفِ إسرائيل حملتها من الضربات الجوية، في المقام الأول داخل سوريا، ضد الميليشيات المتحالفة مع إيران وشحنات الأسلحة".
وأضافت: "لكن الآن، يتحدث المسؤولون الإسرائيليون صراحةً عن إستراتيجية جديدة، وقال أحدهم إنها تستهدف رأس الأخطبوط في إيران، وليس فقط مخالبه عبر المنطقة في أماكن مثل سوريا ولبنان وغزة والعراق".
وفي كلمة له يوم الأحد الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أنه "على مدى سنوات عديدة، نفذ النظام الإيراني الإرهاب ضد إسرائيل والمنطقة عبر وكلاء لكن لسبب ما تمتع رأس الأخطبوط بالحصانة"، ومضى قائلا: "لقد انتهى عصر حصانة النظام الإيراني".
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي: سلاح الجو لن يستطيع تدمير "النووي الإيراني"
سياسة عدوانية
وأوضحت الصحيفة أن بينيت أثار لأول مرة صورة للأخطبوط الإيراني منذ سنوات عدة كما طالب بسياسة أكثر عدوانية، مضيفة: "ولكن الآن كرئيس للوزراء فهو في وضع يسمح له بتحقيق التحول السياسي الذي تبناه صناع القرار الإسرائيليون الرئيسيون الآخرون".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك أيضًا خطرا متزايدا من الطائرات دون طيار الإيرانية، التي يمكن أن تخترق الشبكة المعقدة للدفاعات الجوية الإسرائيلية.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي: "نحتاج إلى قلب الموائد عليها وتجفيف رأس الأخطبوط، ومن أجل القيام بذلك يجب أن تتدهور القدرات الإيرانية".
ووفقًا للصحيفة، "من هنا جاءت الهجمات الأخيرة على قواعد الطائرات دون طيار الإيرانية والعقيد حسن صياد خدائي من الحرس الثوري الذي اغتيل يوم الأحد الماضي، الذي يُعتقد أنه مسؤول عن التخطيط للهجمات الإرهابية الخارجية ضد أهداف إسرائيلية".
ثمن مباشر
وذكرت الصحيفة أن "الأهم من ذلك على الأرجح للإستراتيجيين الإسرائيليين، تحتاج إيران إلى الاعتقاد بأنها ستدفع ثمناً مباشراً لكل هجوم يقوم به أحد وكلائها، لكن خبراء يؤكدون أن مخاطر هذا النهج الإسرائيلي الجديد واضحة بالفعل".
ولفتت إلى أن مسؤولين إيرانيين ألقوا باللوم على إسرائيل في مقتل خدائي وتعهدوا بالرد، مشيرة إلى تهديدات قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي قال فيها إن "الشهداء الذين قتلهم الصهاينة هم في مرتبة أعلى، إن شاء الله سننتقم من الأعداء".
وأشارت الصحيفة إلى تقارير تحدثت عن وضع إسرائيل أنظمة الدفاع الجوي بما في ذلك القبة الحديدية، في حالة تأهب قصوى بسبب خطر الهجمات الصاروخية من لبنان وسوريا.
وقالت الصحيفة: "ستكون هناك سابقة لمثل هذه الضربة، وإن لم تكن مباشرة على إسرائيل إذ إنه في شباط/فبراير الماضي، بعد إصابة أول منشأة إيرانية للطائرات دون طيار، أطلقت إيران عدة صواريخ على ما قالت إنها قاعدة استخبارات إسرائيلية في كردستان العراق تستخدم لإطلاق الطائرات دون طيار المهاجمة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: "إنهم يبحثون باستمرار عن الفرص، أي أهداف يرونها أكثر سهولة وليونة، هناك دائمًا خطر الإرهاب والهجمات من جانبهم".
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: "يتماشى هذا مع وجهة النظر العامة للحكومة الإسرائيلية بشأن مخاطر الهجمات المباشرة المتكررة على إيران نفسها، واحتمال حدوث انتقام إيراني، يتحول إلى شيء أكبر“، مشيرة إلى أن حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله في لبنان بدأت كخطأ في التقدير.