نشر موقع مجلة The Diplomat مقالا للزميل في معهد أبحاث السياسات في إسلام أباد، خرام عباس، ومن جامعة ديكن في أستراليا زاهد شهاب أحمد، قالا فيه إنه منذ سقوط كابول، تعرضت باكستان لانتقادات كثيرة في أفغانستان وأماكن أخرى (بما في ذلك إيران والهند) بشأن دور مزعوم لها في سيطرة طالبان على السلطة.
وانعكس هذا من خلال وسوم وسائل التواصل الاجتماعي مثل #SanctionPakistan، حيث أشار العديد من النقاد إلى الاحتفالات في باكستان لإثبات أن إسلام أباد هي الفائز الحقيقي.
ولكنهما علقا بالقول: "هذا الوصف السطحي لباكستان غير مبرر، إنها دولة متنوعة، وبالتأكيد لم يحتفل الجميع بانتصار طالبان".
وأفاد تقرير المجلة بأنه بالنسبة لإسلام آباد، فقد استجابت بحذر للتطورات في أفغانستان من خلال حث المجتمع الدولي على مواصلة التعامل مع كابول؛ لضمان عدم انتشار التطرف والإرهاب في جنوب آسيا وخارجها. ولكن هناك شرائح مختلفة من المجتمع الباكستاني تحتفل لأسباب مختلفة.
اقرأ أيضا: "FT": هذه أبرز مخاوف باكستان من حكم طالبان لأفغانستان
وأضاف أنه "يمكن تقسيم هذه الشرائح إلى ثلاث فئات عامة"، موضحا أن الفئة الأولى تتألف من الدبلوماسيين السابقين وكبار المسؤولين العسكريين المتقاعدين الذين يحتفلون بخروج الهند من أفغانستان، الدولة التي تشترك معها باكستان في حدود تزيد على 2600 كيلومتر.
ومنذ سقوط إمارة أفغانستان الإسلامية في عام 2001، كان لدى إسلام أباد مخاوف جدية بشأن نفوذ الهند المتنامي في أفغانستان، كما يتجلى من خلال البعثات الدبلوماسية الهندية الخمس (على عكس بعثتها الوحيدة سابقا، والتي تم إغلاقها في عام 1996) واستثمار ما يقرب من 3 مليارات دولار.
وشوهدت استثمارات نيودلهي، وتطوير البنية التحتية، والتعاون الأمني مع المديرية الوطنية للأمن (NDS) وقوات الأمن الوطني الأفغانية (ANSF) من منظور لعبة المجموع السلبي في إسلام أباد. وبدلا من اعتبار الهند مصدرا للاضطراب، واحد فقط من بين العديد من مصادر الاضطراب في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان كان ينظر إلى نيودلهي على أنها المصدر الوحيد للمشاكل في المناطق القبلية في خيبر باختونخوا.
كما كان يُنظر إلى إدارة أشرف غني السابقة في كابول على أنها موالية للهند ومعادية لباكستان. لم تنتقد حكومة غني باكستان لتأثيرها على طالبان فحسب، بل انحازت أيضا إلى الهند لعزل باكستان.
وفي عام 2016، دعمت أفغانستان موقف الهند، من خلال إلقاء اللوم على باكستان في الإرهاب الذي ترعاه الدولة، ما أدى إلى إلغاء القمة السنوية لرابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SAARC) التي كان من المقرر عقدها في إسلام أباد.
وأضاف التقرير: "يشعر صانعو السياسة في باكستان، في الماضي والحاضر، بالارتياح؛ لأن حكومة معادية خرجت من حدودهم الغربية".
وتحتفل شريحة ثانية من المجتمع الباكستاني بنجاح طالبان بسبب كرههم للإمبريالية الأمريكية. وتتكون هذه الشريحة بشكل فضفاض من الطبقات العليا إلى المتوسطة الدنيا في باكستان، وطلاب العلوم الاجتماعية ذوي الميول الماركسية والمستوحاة من تشي جيفارا، بحسب تقرير المجلة.
وقال: "إنهم يرون انسحاب أمريكا على أنه هزيمة لقوة عظمى من قبل مليشيا، أي طالبان. حتى خان حاول استيعاب هذه الطبقة لتحقيق منفعة سياسية بالقول إن الأفغان "كسروا أغلال العبودية".
وهذه الشريحة من المجتمع نشطة للغاية على تويتر وشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، وقد استخدمت هذه المنصات لتصوير إذلال القوة العظمى، والاحتفال بانتصار طالبان. ومع ذلك، تشارك هذه الفئة أيضا مخاوف المجتمع الدولي فيما يتعلق بكيفية تأثير حكم طالبان على الأقليات الدينية والنساء في أفغانستان.
اقرأ أيضا: زعيم طالبان باكستان يتحدث عن علاقتهم بالحركة الأفغانية
الجزء الثالث يمثل الإسلاميين الباكستانيين الذين يمكن تقسيمهم إلى فئتين أيضا، أي الإسلاميين والملالي. الإسلاميون هم جماعات سياسية تريد إحياء القاعدة الشعبية على أساس المشاعر الدينية. فمنذ عام 2008، شهدت باكستان انخفاضا حادا في التصويت لهذه الأحزاب السياسية الإسلامية.
وخلقت "الحرب على الإرهاب" في أفغانستان وباكستان، وقمع إسلام أباد للجماعات المسلحة مثل حركة طالبان باكستان (TTP)، وحظرها لخطاب الكراهية، وغيرها من الإجراءات المماثلة في إطار خطة العمل الوطنية (NAP)، بيئة معادية للتطرف الديني، بحسب المجلة.
وبعد تاريخ من شيطنة الأحزاب الدينية في الأماكن العامة، أعطى انتصار طالبان في أفغانستان أملا جديدا للإسلاميين الباكستانيين لإحياء قوتهم وتأثيرهم في المشهد السياسي والثقافي الباكستاني.
وهذا هو سبب قيام الأحزاب الدينية مثل جماعة علماء الإسلام والفضل (JUI-F) والجماعة الإسلامية (JI) بإرسال رسائل تهنئة إلى طالبان. وبينما أعرب رئيس الجماعة الإسلامية عن سعادته بانتصار طالبان، بعث رئيس الجماعة مولانا فضل الرحمن برسالة تهنئة أيضا إلى زعيم طالبان الملا هيبة الله أخوندزادة.
وكانت كل من حركتي JUI و JI في طليعة الحرب الأفغانية السوفيتية من خلال المشاركة المباشرة في تجنيد المجاهدين من باكستان. ومن ثم، فإنهما تحاولان مساواة انتصار طالبان بفتح مكة وعفو النبي بعدها.
وهذه الشريحة في باكستان لها أيضا رغباتها الخاصة المرتبطة بإحياء الأمة الإسلامية، التي تعتقد أنه يمكن تحقيقها بعد إعادة إنشاء إمارة أفغانستان الإسلامية. وهذه الأحزاب تستلهم من طالبان لتحقيق الأسلمة الكاملة من خلال تطبيق الشريعة في باكستان.
ومن ناحية الملالي، فإن التطور أكثر إثارة للقلق، حيث ابتهج الكثير منهم بانتصار طالبان. ولكن التغيير الأكثر إثارة للقلق -بحسب المجلة- هو ظهور مولانا عبد العزيز بالمسجد الأحمر بنبرة تهديدية تتحدى سلطة الدولة الباكستانية.
وفي عام 2007، برز المسجد الأحمر ومدرسة جمعية حفصة لتحدي سلطة الدولة، ما أدى إلى عملية عسكرية وتدمير مدرسة جمعية حفصة في نهاية المطاف. وقتل أكثر من 100 مسلح و11 من أفراد القوات المسلحة خلال هذه العملية.
منذ سقوط كابول، استبدلت جمعية حفصة في إسلام أباد بالعلم الباكستاني علم طالبان الأفغانية. وعلى الرغم من الجهود المختلفة، لم تتمكن الدولة من إزالة العلم من المدرسة الدينية. في الواقع، قام مولانا عزيز وطلابه المشحونون بشدة بصد شرطة إسلام أباد عدة مرات، وهددوا بعواقب إزالة علم طالبان الأفغانية.
وتضع هذه الاحتفالات الغريبة بانتصار طالبان صانعي السياسة الباكستانيين تحت الضغط من خلال تقليل خياراتهم للتعامل مع امتداد محتمل على شكل تحديات أمنية غير تقليدية، مثل التطرف والإرهاب وتدفق اللاجئين وتهريب المخدرات. كما ستؤثر رسالة هذه الاحتفالات سلبا على صورة باكستان داخليا من حيث نجاح البلاد في مواجهة التطرف، وفق تقرير المجلة.
وختمت بالقول: "تحتاج الحكومة للمستقبل إلى إعادة تقييم خطة العمل الوطنية من أجل تطوير خطة فعالة لمكافحة التطرف من خلال التعامل مع التحديات متعددة الأوجه الناشئة عن انتصار طالبان في أفغانستان".