كتاب عربي 21

ماذا سيكون مصير المشاريع العملاقة؟

1300x600
قام رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، الثلاثاء، بزيارة العاصمة اليونانية، تلبية لدعوة رئيس بلدية أثينا، كما التقى خلالها رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في ظل الصراع الدائر في صفوف تحالف الجمهور الانتخابي المعارض على اختيار المرشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في صيف 2023.

إمام أوغلو من المرشحين المحتملين لمنافسة مرشح تحالف الجمهور الانتخابي، رئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور ياواش، كما أن رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو يلمح إلى احتمال ترشحه لرئاسة الجمهورية، وسط تكهنات حول من سيكون مرشح المعارضة، وهل ستخوض المعارضة الانتخابات الرئاسية بمرشح توافقي أو سيقدم كل حزب من أحزابها مرشحه في الجولة الأولى؟
سؤال يطرح نفسه وأهم من اختيار مرشح المعارضة وانتمائه الحزبي، وهو السؤال المتعلق بمصير المشاريع العملاقة التي حققت بها البلاد قفزة نوعية في مختلف المجالات، على رأسها الصناعات الدفاعية. هل ستواصل المعارضة ذات المسيرة في حال فوزها في الانتخابات، أم ستتراجع عن تلك المشاريع؟

هناك سؤال يطرح نفسه وأهم من اختيار مرشح المعارضة وانتمائه الحزبي، وهو السؤال المتعلق بمصير المشاريع العملاقة التي حققت بها البلاد قفزة نوعية في مختلف المجالات، على رأسها الصناعات الدفاعية. هل ستواصل المعارضة ذات المسيرة في حال فوزها في الانتخابات، أم ستتراجع عن تلك المشاريع بما فيها الطائرات والمركبات المسيرة، والمدرعات، والمروحيات، والسفن الحربية، والمقاتلة الوطنية، وأنظمة الدفاع الجوي، وقناة إسطنبول، والوطن الأزرق، والتنقيب عن النفط والغاز في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط؟

تصريحات قادة المعارضة وإجراءات البلديات التي ينتمي رؤساؤها إلى حزب الشعب الجمهوري؛ تشير إلى أن وعود المعارضة يمكن جمعها تحت عنوان "العودة إلى تركيا القديمة". وأول تلك الوعود هو الوعد بالتخلي عن النظام الرئاسي والرجوع إلى النظام البرلماني الذي عانت منه تركيا كثيرا؛ لكونه يؤدي إلى تشكيل حكومات ائتلافية هشة وتصادم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ويخلق حالة عدم الاستقرار السياسي، ويفسح المجال لتدخلات قوى مختلفة في شؤون البلاد.
تصريحات قادة المعارضة وإجراءات البلديات التي ينتمي رؤساؤها إلى حزب الشعب الجمهوري؛ تشير إلى أن وعود المعارضة يمكن جمعها تحت عنوان "العودة إلى تركيا القديمة"

رؤساء البلديات المنتمون إلى حزب الشعب الجمهوري لم يفعلوا شيئا يذكر منذ فوزهم في الانتخابات المحلية لخدمة المواطنين، بل تركزت جهودهم على تأجيج مشاعر العنصرية والتحريض ضد اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى نصب مزيد من التماثيل وعرض مسرحيات ميدانية تستهزئ بحجاب المرأة المسلمة واحتشامها. بالإضافة إلى ذلك، أعاد إمام أوغلو بيع الخمر في المنشآت العامة التابعة للبلدية بعد أن كان ممنوعا لمدة 27 عاما، على الرغم من أنه فاز في الانتخابات المحلية الأخيرة بفضل أصوات الناخبين المؤيدين لحزب السعادة "الإسلامي".

رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري في قضاء "أتي مسغوت" التابع لمحافظة أنقرة، جمال أمير، في الكلمة التي ألقاها الثلاثاء بعد إعادة انتخابه رئيسا، قال لأعضاء حزبه وأنصاره: "لا تنتظروا مجيء أتاتورك جديد. سيكون كل واحد منكم أتاتورك لإسقاط هذا الرجل المتجبر، وسنجتثهم من جذورهم حتى لا يتولوا الحكم مرة أخرى"، في إشارة إلى أردوغان وحزبه. ومن المؤكد أن رغبة حزب الشعب الجمهوري في اجتثاث أكبر حزب سياسي في البلاد، ولغة التهديد التي يستخدمها قادته، تشير إلى أن عقلية هذا الحزب الإقصائية لم تتغير قيد أنملة منذ حقبة الحزب الواحد الذي كان يحكم البلاد وحده، قبل الانتقال إلى التعددية الحزبية.
من المؤكد أن رغبة حزب الشعب الجمهوري في اجتثاث أكبر حزب سياسي في البلاد، ولغة التهديد التي يستخدمها قادته، تشير إلى أن عقلية هذا الحزب الإقصائية لم تتغير قيد أنملة منذ حقبة الحزب الواحد الذي كان يحكم البلاد وحده، قبل الانتقال إلى التعددية الحزبية

تاريخ حزب الشعب الجمهوري مليء بمعارضة المشاريع الوطنية وعرقلتها. وهو لا يخفي معارضته لقناة إسطنبول، بل وهدد رئيس حزب الشعب الجمهوري الدول والبنوك والشركات كي لا تشارك بأي شكل في إنجاز مشروع القناة. وقام إمام أوغلو بعد توليه رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بإلغاء مشروع بناء منشأة متطورة لمعالجة مياه الصرف الصحي عبر التكنولوجيا البيولوجية المتقدمة، وقال إن إسطنبول ليست بحاجة إلى مثل هذه المنشآت. كما أنه اختار زيارة أثينا، بدلا من زيارة مهرجان "تكنوفيست" الذي تستضيفه إسطنبول، المدينة التي يتولى رئاسة بلديتها، وهو مهرجان لتكنولوجيا الطيران والفضاء، وتعرض فيه المنتجات الوطنية التي تفتخر بها تركيا من طائرات ومروحيات ومسيرات، بالإضافة إلى عرض الشباب المشاركين لمواهبهم وابتكاراتهم التكنولوجية، مثل الصواريخ والروبوتات وغيرها.

المعارضة التركية في حال فوز مرشحها في الانتخابات الرئاسية لن تجد صعوبة في تبرير إلغاء المشاريع الكبيرة وإغلاق المنشآت الحيوية؛ لأنها تمهد الآن لمثل هذه الخطوات من خلال تشويه تلك المشاريع، وتقول أحيانا إن تركيا ليست بحاجة إليها، وأحيانا أخرى تدّعي زورا وبهتانا بأن الحكومة تمول المقربين من حزب العدالة والتنمية من خلالها.

كبير المستشارين لرئيس حزب الشعب الجمهوري والسفير المتقاعد، النائب أونال تشويكوز، انتقد قبل أيام مشروع الوطن الأزرق الذي أطلقته تركيا لحماية حقوقها في بحر إيجه وشرقي المتوسط، ووصفه بــ"مشروع تمدد" و"عدواني". وتشير هذه التصريحات إلى أن حزب الشعب الجمهوري مستعد للتخلي عن حقوق تركيا الوطنية ومصالحها العليا لصالح اليونان، ناهيك عن إلغاء المشاريع العملاقة.

twitter.com/ismail_yasa

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع