قرر الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بعد انتصاف ليل الثلاثاء والأربعاء، وخلافا لكل التوقعات، تمديد مهلة التفويض الممنوحة لزعيم أزرق - أبيض غانتس لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة وذلك في أعقاب طلب مزدوج من قبل هذا الأخير ونتنياهو، في محاولة أخيرة للتوصل إلى حكومة طوارئ أو حكومة وحدة وطنية، ويعزو ريفلين هذا التطوّر الغريب إلى أنّ هذا الطلب المشترك من الخصمين يشير إلى احتمالات كبيرة لتوصلهما إلى تفاهمات جعلتهما قريبين جدا من التوصل إلى اتفاق عليه منحهما فرصة من خلال التمديد لفترة زمنية ليومين إضافيين تنتهي منتصف الأربعاء/ الخميس ولتلافي التوجه إلى اقتراحات تشريعية رابعة.
هذه التطورات التي حدثت في الساعات الأخيرة
حول المساعي لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، تعكس سياقات تتجاوز "المعقول"
في السياسات المعهودة والمتعارف عليها حتى في ظل "فانتازيا" السياسة
الإسرائيلية، فليس من المنطقي أن يطلب الخصم السياسي مهلة تمديد التكليف لمنافسه،
كما فعل نتنياهو لصالح غانتس، وليس من المعقول في السياق السياسي أنّ الشخصية
المكلفة وهي غانتس في هذه الحالة تجهد لتشكيل حكومة يقودها خصمه السياسي، وهو ليس
مجرّد خصم وهو نتنياهو في هذه الحالة، ذلك أن كل جهد تحالف "أزرق- أبيض"
أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة كان ينصب ويتركّز أساسا تحت شعار واحد :
"إسقاط نتنياهو" بينما كل الجهود الآن في سياق التعاون بين الخصمين تجري
لتأكيد رئاسة نتنياهو لتشكيل هذه الحكومة بصرف النظر عن اسمها.
الساعات القليلة التي تفصلنا مع نهاية فترة
التمديد القصيرة ستكون حاسمة بالتأكيد، وهناك احتمال، ولو محدود بأن ينجح غانتس
بتشكيل الحكومة بزعامة نتنياهو قبل نهاية الموعد المحدد على ضوء ما تناقلته أوساط
هذا الأخير من أنّ هناك تسوية قيد التبلور تقضي بتنازل الليكود عن مطالبه بشأن
تركيبة لجنة تعيين القضاة، هذه المطالبة التي أدت إلى فشل المساعي السابقة لتشكيل
الحكومة مقابل إعلان علني موثق من قبل غانتس أنه لن يكون مستحقا لتولي رئاسة الحكومة
في حال منعت المحكمة العليا الإسرائيلية نتنياهو من تولي المنصب والتوجه إلى
انتخابات جديدة.
عنوانان أساسيان لهذه التسوية المفترضة، الأول
يتعلق بالمحكمة العليا التي رفضت بالفعل "النظر" في مسألة تكليف نتنياهو
لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو رفض "تقني" أساسا لأن المحكمة أشارت إلى أن
رفضها هذا يعود إلى أن نتنياهو لم يكلف بعد بتشكيل الحكومة، وأن صلاحياتها تقضي
بالنظر في هذه المسألة عند التكليف وليس قبل ذلك، وهذا يعني أنّ مسألة النظر في
الدعوى مؤجلة إلى حين التكليف الفعلي لنتنياهو وليس قبل ذلك، ولهذا يضع نتنياهو
الشرط المتعلق بمنع غانتس من تشكيل الحكومة في حال قضت المحكمة العليا بعدم جواز
تكليفه، الأمر الذي من شأنه في ظل هذه التسوية أن لا يتقدم غانتس أو غيره من
الحلفاء إلى المحكمة بمثل هذه الدعوى، لأن غانتس لن يكون مستحقا للتكليف بديلا عن
نتنياهو.
أمّا العنوان الثاني لهذه التسوية المفترضة
فتتعلق باحتمالات التوجه إلى انتخابات تشريعية رابعة، وهو خيار لا بد منه في حال
فشل الخصمين في تشكيل حكومة في الوقت المحدد، ومن الواضح أنّ هذا الخيار هو الأفضل
لنتنياهو ويشكل ضاغطا إضافيا على غانتس للتوصل إلى تشكيل حكومة، فهذه الانتخابات
مضمونة تماما لصالحه حسب آخر استطلاعات الرأي، والتي أشارت إلى أنّ تكتّل اليمين
بزعامة نتنياهو سيحصل على 62 مقعدا من بينها 41 مقعدا ليكود، بينما يحصل حزب مناعة
إسرائيل بزعامة غانتس بالتحالف مع حزب العمل بزعامة بيرتس على 16 مقعدا بينما تحصل
القائمة المشتركة على 15 مقعدا وتظل ثالث حزب في إسرائيل من حيث قوتها العددية،
لكنها ستصبح أقل تأثيرا بما لا يقاس في ظل حكومة يمينية مستقرة ومتماسكة.
(الأيام الفلسطينية)