1 - يا إلهي، كيف يمكن لشرعية الحكم أن تظل واقفة وقد انتصبت شرعية الدم؟ كيف يمكن للأنظمة أن تنام في السلطة، والشعوب تمضي بلا خوف نحو المقصلة؟ كيف يمكن للحرية التي غابت طيلة هذه العقود أن تخرج من المقبرة فيضحي من أجلها الناس بأرواحهم الغالية؟
2 - لا أمل في أية نهضة أو حركة تنوير أو مشروع تنمية، إلا إذا عاد المجتمع إلى رحمه الأول، حيث الرحمة هي الأساس، وحيث العدل والتراحم والتعايش ووقف دعوات التكفير والإخراج عن الملة، وسوء الظن هي المفاصل الأساسية للبناء والإخاء.
3 - نجحت السلطة في عالمنا العربي في استقطاب ممثلي «الضمير العام» إليها، فأصبحوا ناطقين باسمها لا باسم المجتمع، ومن ثم فوّتت على «الدولة» فرصة مساهمتهم في بناء مجتمع قوي مقابل سلطة قوية، يمكن أن يتعاضدا معا «كما هو الحال في الدول الديمقراطية» لإنتاج دولة قوية.
4 - إذا مات المسلم جوعا، فإن القادرين الذين حوله يعتبرون من قتلته وتقع عليهم ديته، وما دام في المجتمع جائع واحد أو عار واحد، فإن حق الملكية لأي فرد من أفراد المجتمع يسقط، ولا يمكن أن يكون شرعيا ولا يجب احترامه ولا تجوز حمايته.
5 - حركة الشعوب نحو التغيير ومواجهة الظلم والاستبداد، غالبا ما تسير في خطوط متوازية و بسرعات متقاربة، ولكن ما يضبطها أمر واحد هو : (بصيص) الأمل، فالذين يدركهم الإحباط وتغلق أمامهم الأبواب، سرعان ما يجدون أنفسهم أمام خيار (الصفر). أما الذين يجدون أحلامهم معلقة بنزول قطرات الإصلاح أو بركات التغيير أو أمل الانفراج، فتأخذهم حساباتهم إلى الاحتمال والانتظار والرهان على أي جديد، حتى وإن كان مجرد وهم.
6 - حين يفقد المجتمع - أي مجتمع- قدرته على النطق ويستغرق في آلامه وأحزانه، ويعجز عن الحركة وعن مجرد الكلام، وينام ضميره أو ينحرف عن مساره الطبيعي، فمن واجبنا جميعا أن ( نتحسس) رؤوسنا، وأن نقف مذعورين أمام ما يمثله ذلك من خطر، فالمجتمع لا يصل إلى هذه الدرجة من (الإحباط) إلا إذا أحس بأن ما يجري أكبر من إمكانياته على المواجهة، وبأن ما يمكن أن يستدركه فات وقته، ومن ثم فإن خيار ( الانتظار) أجدى من خيار الانتحار.
7 - لا يوجد أهم ولا أخطر من سلاح «التدين»، وإذا لم نحسن التعامل معه بحكمة واستثماره في الاتجاه الصحيح، فإن كثيرا مما نخشاه سيقع، وعندئذ لا نعرف كيف يمكن أن نتصرف؟؟
8 - لا بد من فتح المجال الديني أمام المؤهلين الفاعلين فيه كافة، وفق قواعد تخضع (لميثاق شرف ديني)، بحيث يلتزم الجميع به، و المقصود هنا أن يشارك الفاعلون الدينيون المؤهلون في النشاط الديني، بشرط أن يحترموا القواعد العامة التي تضبط حركة الدين في المجال العام، وأن ينأوا بأنفسهم عن ممارسة العمل السياسي المباشر (لا أتحدث هنا عن العمل العام )، بحيث يمكن - عندئذ- أن نؤسس لعملية الإصلاح الديني في موازاة عملية الإصلاح السياسي، وأن نعيد رسم العلاقة بين الطرفين على أساس الشراكة والاحترام، لا التماهي والاندماج، أو على أساس معادلة العنصر في المجموع لا التابع ولا المتبوع.
9 - في كل أجزاء الشريعة ومقاصدها ثمة هدف واحد، هو تحقيق وحدة الناس والحفاظ على أرواحهم وكرامتهم وأمنهم، وهذا لا يتحقق إلا بمنع شيوع الفتن بينهم، ولو دققنا في قيم الإسلام كلها لوجدنا أن مقاصدها تدور حول هذا الهدف، مع الإقرار دائما بأن الفتنة قد تقع في أية لحظة، وأن تجاوزها لا يكون إلا بالحذر منها واتقاء شرورها ثم اقتلاع جذورها، وأصل الفتن هو الظلم والاستبداد «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة».
عن صحيفة الدستور الأردنية