أثار مقطع فيديو وصور لحفل خطوبة شهدته محافظة كفر
الشيخ لطفلين في الخامسة عشرة من عمرهما ردود فعل رافضة، محذرة من زيادة
معدلات مثل هذه الحالات داخل المجتمع المصري.
وكانت أسرتا الطفلين "فارس" 15 عاما،
و"ندى" 14 سنة، نشرتا مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي لحفل خطبتهما في أحد المراكب العائمة بمدينة دسوق بكفر الشيخ، وقد ارتدى الطفلان ملابس العروسين
كاملة، في حضور عدد كبير من أسرتيهما.
وفي أول رد فعل للمجلس القومي للطفولة والأمومة، أكدت الأمين
العام للمجلس، عزة العشماوي، أن مجلسها أحبط عملية الزواج بتحرير محضر عن طريق خط
نجدة الطفل، وتكليف اللجنة العامة لحماية الطفولة بكفر الشيخ بتقصي الواقعة وتقديم
تقرير بشأنها.
وأكدت العشماوي، في تصريح صحفي وصل "عربي21"
نسخة منه، أن لجنة حماية الطفولة في كفر الشيخ سوف تقوم بتوعية أسرة الطفلين بمخاطر
الزواج المبكر، وأخذ التعهد اللازم على والديهما بحسن رعايتهما، ووقف أي إجراء في
هذا الزواج لحين بلوغ الطفلين للسن القانوني، حتى يكون لديهم الوعي الكامل لتحمل
المسؤولية.
من جانبها، أكدت والدة الطفل "فارس" في مداخلة
لفضائية DMC أنهم لم يرتكبوا مخالفة، حيث يبلغ ابنها 15 عاما، وعروسه 14 عاما، وأنهم أرادوا
فقط التأكيد على خطبتهما، مشيرة إلى أن طفلها "يمكن أن يظهر صغيرا في السن، لكنه على أرض الواقع كبير من حيث العقل".
وأضافت والدة فارس: "العروسين بيحبوا بعض، دلوقتي
الحُب مش بالسن، ده جيل إنترنت وفيسبوك... إحنا معملناش حاجة غلط، هم لسّه
متجوزوش، بيحبوا بعض، فقررنا نخلّي الموضوع رسمي، لو شايفة ابني مش قد مسؤولية
الخطوبة مكنتش هوافق، إن شاء الله يكملوا مع بعض".
من جانبها، انتقدت مساعدة رئيس تحرير جريدة الأهرام
والمتخصصة بشؤون الأسرة والطفل، نجلاء محفوظ، موقف المجلس القومي للطفولة والأمومة، وتعامله مع الموضوع بشكل إداري، وليس من خلال تحرك فعلي للتصدي لهذه الحادثة، التي
وإن لم تكن ظاهرة، إلا أنها تدق ناقوس خطر فيما يتعلق بزواج القصر.
وتضيف محفوظ لـ"عربي21" أن المجالس الحكومية
الخاصة بالمرأة والطفل فشلت في مواجهة مشاكل هذه القطاعات، واهتمت فقط بالقضايا
التي تتلامس مع أجندات غربية، بينما المشاكل الأخرى التي تعاني منها المرأة والطفل
لا يتعاملون معها بجدية.
وحول الخطوبة التي شهدتها محافظة كفر الشيخ، تؤكد محفوظ
أنها مرفوضة؛ لأنها تفتح بابا يجب ألا يتم فتحه، وهو زواج القصر للقاصرات، في ظل
فشل الدولة حتى الآن في وقف زواج البالغين للقاصرات، وهي الظاهرة المنتشرة بالفعل في محافظات
الوجه البحري والصعيد.
وتؤكد محفوظ أن التوسع في نشر هذه القضية يأتي ضمن حملة التركيز
الإعلامي على قضايا وإهمال أخرى أكثر أهمية، مثل عمالة الأطفال وسوء التغذية، التي
تؤدي لانتشار أمراض خطيرة أصبحت مرتبطة بأطفال مصر، في مقدمتها الأمراض السرطانية.
ويضيف الباحث الاجتماعي حسن حمزاوي لـ"عربي21"
أن مصر شهدت خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من حالة خطوبة وزواج للأطفال، منها
حالة بداية العام الجاري لطفلين من قرية قبريط بكفر الشيخ أيضا، وكان عمر العريس
11 عاما، وعروسته 12 عاما، وقبلها بشهر وتحديدا في كانون الثاني/ ديسمبر 2017، كانت
الحالة الثالثة لطفلين بمحافظة الفيوم، وكانت العروس تكبر العريس بأربع سنوات، حيث
كان عمرها 16 عاما، بينما العريس 12 عاما.
وطبقا لحمزاوي، فإن قرية المعصرة بمحافظة الدقهلية شهدت
عام 2016 الحالة الأكثر غرابة، وهو عقد قران وزفاف لأصغر عروسين في العالم وليس في
مصر، حيث كان عمر العريس 12 عاما، بينما بلغت العروس وقتها 10 سنوات، وأقيم حفل
الزفاف في سرادق ضخم بشارع العروسين.
وحول أسباب وجود مثل هذا الزواج المخالف للقانون المصري،
يؤكد الباحث الاجتماعي أن معظمها أسباب عائلية، وفي بعض الأحيان مادية، كأن تكون
العروس غنية ويريد أهل العريس القريب منها ضمان عدم ذهاب ثروتها عندما تكبر لشخص
غريب عنهم، أو أن يكون الموضوع مرتبطا بما يعرف بـ"النقوط" المنتشر في
القرى، حيث تلجأ بعض الأسر لمثل هذه الخطوبات أو الزيجات لجمع النقوط المستحق لها عند الأسر والعائلات الأخرى.
ويضيف حمزاوي أنه في أحيان أخرى يكون السبب رغبة والد أو
والدة أحد الطفلين بأن يفرحا بابنهما؛ خوفا من الرحيل قبل حضور هذه المناسبة، وفي
أحيان أخرى يكون السبب هو التفاخر أو المكايدة الاجتماعية والعائلية.
وحسب حمزاوي، فإن زواج القصر لم يصل لحد الظاهرة، وإنما
الظاهرة المنتشرة التي تمثل خطورة هي زواج القاصرات بشكل عرفي يتم توثيقه بعد
بلوغ الزوجة السن القانوني، وهو ما يترتب عليه مشكلات في استخراج شهادات الميلاد
والوثائق الرسمية الخاصة بأطفالهم، موضحا أن هذه الظاهرة منتشرة بشكل أكبر في
محافظات الصعيد؛ نتيجة الأعراف والتقاليد المنتشرة هناك.