يعكف المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بقيادة د. خليل الشقاقي على قياس الرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبشكل تفصيلي ومنتظم حول مختلف القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. ومن الأهمية بمكان متابعة هذه الاستطلاعات بشكل منتظم لارتباطها بقضايا تهم الأردن والأردنيين.
في آخر استطلاع جرى في الفترة بين 5-8 أيلول الماضي، اخترت بعض النتائج التي لها علاقة بِنَا. فقد عارض ثلثا المستجبين العلاقة الكونفدرالية بين الأردن وفلسطين، التي قال الرئيس محمود عباس إن الإدارة الأمريكية عرضتها عليه. وقد ارتفعت النسبة إلى 75% إذا أدخلت إسرائيل في هذه العلاقة. وبذلك يكون خيار الكونفدرالية مرفوضا بشكل واضح من كلا الشعبين الأردني والفلسطيني.
يحظى حل الدولتين بتأييد 47%من المستجيبين، في حين يعارضه خمسون بالمائة، في حين أجاب 56 اأهم لا يعتقدون أن حل الدولتين عاد ممكنا. من المهم قراءة هذه النتائج جيدا، فهي لا تعني أن غالبية من الفلسطينيين ترفض حل الدولتين، بقدر ما تعني أن هناك يأسا من إمكانية تحقيقه. والدليل أن حل الدولة الواحدة الذي يعطي كلا من الفلسطينيين والإسرائيليين حقوقا متساوية يحظى إلى الآن بتأييد 24%فقط. وبالطبع، لم يطرح خيار الدولة الواحدة العنصرية الذي تريده إسرائيل، الذي حذّر منه جلالة الملك في خطابه في نيويورك، باعتبار مثل هذا الحل كارثيا ومرفوضا ولا يمكن له الاستدامة.
يعتقد ثمانون بالمائة من الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال أن العالم العربي مشغول بقضاياه ولم تعد القضية الفلسطينية تشكل أولوية بالنسبة له، وللأسف فليس بوسعنا تقديم دلائل واضحة تثبت عكس ذلك، فالنظرة الرسمية العربية للقضية الفلسطينية تؤيد هذا الاعتقاد، وعدا الأردن الذي له مصلحة واضحة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني، لا يبدو ذلك أولوية لدى العديد من الدول العربية الأخرى.
ثلثا المستجيبين يعتقدون أن أوسلو أضرت بالمصلحة الوطنية الفلسطينية، بينما يعتقد ثلاثة أرباع الناس أن الوضع اليوم أسوأ مما كان في مرحلة قبل أوسلو، ليس لرغبتهم في إعادة السيطرة الكاملة لإسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن بسبب رفض إسرائيل إنهاء الاحتلال وازدياد حجم المستوطنات منذ أوسلو.
في غياب المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لإنهاء الاحتلال، يشير الرأي العام الفلسطيني إلى تأييده لعدد من الخيارات البديلة، فتحظى المقاومة غير المسلحة بتأييد 65%من الناس، في حين يؤيد 46% العودة للانتفاضة المسلحة. كما يؤيد 42% حل السلطة الوطنية الفلسطينية.
وبالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة، فإن 62% يعارضون استئناف الحوار مع الإدارة الأمريكية، بينما يؤيد 50% رفض صفقة القرن حتى قبل أن تعلن.
كما يريد 62%من الناس أن يستقيل الرئيس الفلسطيني، وفي حال عدم ترشيحه مجددا، فإن أكثر شخصية حظيت بشعبية هي الأسير مروان البرغوثي (33 %) يتبعه إسماعيل هنية (20 %)، بينما لم تحظ أي من الأسماء الباقية على أكثر من 6%.
لدى سؤال العينة عن الأسباب التي أدت بالرئيس الأمريكي ترامب لنقل السفارة وشن حملة ضد الأونروا، عزا 48% من المستجيبين ذلك لضعف العالم العربي وانقسامه، في حين قال 28% إن ضعف الجانب الفلسطيني هو السبب في ذلك.
لا يمكن القول إن هذه النتائج مفاجئة، وهي تعاود تأكيد ما نعرفه من التحول الكبير في الموقف العربي وعنصرية إسرائيل، وتعنت الإدارة الأمريكية. خطاب جلالة الملك في الأمم المتحدة وجهوده الدؤوبة لإبقاء الموضوع الفلسطيني على الأجندة الدولية، يجب أن تتبع بمقاربة أردنية جديدة لدعم إبقاء الفلسطينيين على أرضهم وإفشال الجهود الأمريكية والإسرائيلية لإدامة الاحتلال.
عن صحيفة الغد الأردنية